الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

"التأليف يؤذي سليمان... والامتناع عنه!

سركيس نعوم
سركيس نعوم
A+ A-

هل أدخل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان نفسه في الورطة أو المأزق الحكوميين، أم أدخلته جهة ما داخلية أو خارجية؟ هذا السؤال يطرحه اللبنانيون هذه الأيام، مواطنين وسياسيين. لكنهم طبعاً لا يحصلون على جواب دقيق عنه، ولن يحصلوا عليه. الدافع إلى السؤال، هو أن سليمان الذي تردَّد تسعة أشهر، أي منذ استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، في حسم الأزمة الحكومية، بدا في المدة الأخيرة، وخصوصاً في الأسبوعين الماضيين، أنه أخذ قراره بإنهائها، من طريق تأليف حكومة جديدة، طبعاً بالتشاور مع الرئيس المكلف تمام سلام، أعضاؤها حياديون، وغير منخرطين في أحزاب وحركات وتيارات وتجمعات سياسية، ولا يشكِّلون استفزازاً للفريقين السياسيين المستأثرين بتمثيل غالبية اللبنانيين. وقد أكّد ذلك مباشرة، في أكثر من مناسبة سياسية واجتماعية ودينية، كما أكّدته أوساطه وقريبون منه. ولم يتراجع عن موقفه هذا، رغم الرفض المتصاعد من فريق 8 آذار، وتحديداً من قائده "حزب الله"، وشريكه في الزعامة الشيعية الثنائية، الرئيس نبيه بري، ورغم نصائح "شريكه" في الوسطية الجديدة، الزعيم الدرزي الأبرز وليد جنبلاط، ورغم التلويح، بل التهديد، بإجراءات وأعمال تعبّر عن الرفض، وتُدِخل لبنان نفق التصعيد الأمني والسياسي، وربما العسكري في مرحلة لاحقة. علماً أن الإنصاف يقتضي الإشارة، إلى أن هناك أطرافاً آخرين معادين لـ8 آذار وزعيمه، يعملون "بكدّ" لجعل تأليف الحكومة أمراً لا مفر منه. طبعاً، أراح موقف الرئيس سليمان فريق 14 آذار، فضاعف من اشاداته الإعلامية بسياسته، ومن دعمه له، بعدما كان في السابق المتوسط من حيث الزمن، ينتقد عدداً من مواقفه وتوجهاته.
هل يستمر رئيس الجمهورية على موقفه، حسم الأزمة الحكومية، بعد اغتيال الوزير السابق الدكتور محمد شطح، بسيارة مفخخة يوم الجمعة الأسبق، وبعد التفجير الأخير الذي استهدف الضاحية بعد نحو سبعة أيام من الانفجار الأول؟
وسائل الإعلام حافلة بالمعلومات والأخبار المتناقضة عن موقفه الحكومي، ربما بسبب غيابه عن البلاد، في إجازة رأس السنة، وتعمّده عدم الخوض من بعد في هذا الموضوع، سواء مباشرة او بواسطة القريبين. فبعض هؤلاء، أكّد لبعض الوسائل المذكورة، أنه لم يتراجع عن نية الحسم الحكومي. وبعضهم الآخر، أشار إلى إمكان التريث وقتاً غير طويل، وذلك من أجل فتح باب البحث مجدداً، في بديل عن الحكومة الحيادية، التي كان قرر أصدار مراسيمها، بعد التوافق مع الرئيس المكلّف سلام. والبديل هو جديد – قديم، أطلق عليه الرئيس نفسه، ومنذ أشهر عدة، اسم الحكومة "الجامعة". وفي ذلك اعتراف غير مباشر، بأن الحيادية لا تؤمن المطلوب، وهو عودة مؤسسات الدولة إلى العمل، وإن شكلياً، وإشاعة مناخ من الاستقرار الأمني "الزائف"، لأن نصف لبنان لا يؤمن بوجود حياديين. وربما يؤمن نصفهم الآخر بذلك، لكنهم لا يعلنون إيمانهم لمصلحة معروفة. ولذلك لا بد من انتظار عودته، كما عودة رئيس الحكومة المستقيلة من الإجازة عينها. لكن الانتظار لا يمنع أصحاب الرؤوس الباردة من فريقي 8 و14 آذار، في حال وجودها، كما القلة غير المنتمية إلا إلى الوطن، من الاقتناع بأمرين مهمين جداً. الأول، أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان سيضع نفسه والبلاد في موقف سيئ جداً، إذا أصدر مراسيم حكومة جديدة لا تحظى برضى 8 آذار أو موافقته. والثاني، أنه سيضع نفسه والبلاد في الموقف نفسه، وإن من زوايا أخرى، إذا امتنع عن إصدار مراسيم حكومة جديدة، لأنه بذلك يغضب 14 آذار، والجماعات التي تدور في فلكها، وإن كانت أقل اعتدالاً منها.
وهذا يعني، أن سليمان سيصل إلى نهاية ولايته "لا مع ستّي بخير ولا مع سيدي بخير" كما يقول المثل. إلا أن الاسئلة التي يطرحها البعض اليوم، سواء عن حسن نية أو عن سوء نية، هي: هل يستطيع رئيس الجمهورية عدم تأليف حكومة قبل نهايتها؟ وهل يتحمل مسؤولية فراغ حكومي، يعقبه على الأرجح فراغ رئاسي؟ وهل التزم أمام جهة خارجية حسم الأزمة الحكومية، في اتجاه يرفضه قسم من اللبنانيين؟ وإذا كان التزم، هل يستطيع التنصّل من التزامه؟
طبعاً، ليس طرح هذه الأسئلة من باب الإساءة، ولكن من باب التوعية، والخوف من المجهول – المعلوم الآتي. كما من باب دعوة الرئيس إلى الأخذ بالموقف الحكومي الأخير، ونشدد على "الأخير"، لسيد بكركي، البطريرك بشارة الراعي، الذي دعا وبعد نصيحة الرئيس نبيه بري، إلى حكومة توافق تلافياً للإنفجار.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم