الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

التزام "إعلان بعبدا" يحتاج إلى طاولة حوار أو إلى حكومة جامعة تلتزم تنفيذه

اميل خوري
A+ A-

سؤالان يشغلان بال اللبنانيين: اولهما هل يتحقق تقارب سعودي – ايراني بحيث ينعكس ايجاباً على الوضع في لبنان؟ وثانيهما هل ينجح مؤتمر جنيف 2 في حـــــــل الأزمــة السورية ويكون حلها منطلقاً لاشاعة الامن والاستقرار في كل المنطقة؟


يقول وزير سابق ان لبنان دفع غالياً ثمن انحيازه الى محور عربي ضد محور آخر او الى محور دولي ضد آخر. فعندما انحاز طرف لبناني الى المحور المصري بزعامة الرئيس جمال عبد الناصر وانحاز طرف آخر الى المحور المناهض له، وقعت أحداث 1958. وعندما انحاز طرف فيه الى المحور الفلسطيني – العربي وطرف آخر الى المحور المناهض له، وقعت حرب الـ75 التي دامت 15 سنة ولم تنته الا بوضع لبنان تحت الوصاية السورية مدة 30 عاما. وعندما انحاز طرف فيه الى المحور الايراني في الحرب السورية وانحاز طرف آخر ضد هذا المحور، دخل الارهاب الى الساحة اللبنانية ليعبّر عن وجوده بالاغتيالات والتفجيرات وباشعال الازمات السياسية والأمنية والاقتصادية. واذا كان لبنان خرج من حرب الـ75 باخضاعه لوصاية سورية، فكيف سيخرج اليوم من الأزمات الحادة التي يتخبط فيها ويتوقف مسلسل التفجيرات والاغتيالات التي هي فعل ورد فعل بين المحاور؟ هل يخرج منها بوصاية ايرانية عليه وإن غير مباشرة وهي وصاية مرفوضة من فريق لبناني؟ هل يخرج منها بحل الأزمة السورية، الذي عليه انتظاره مهما طال الوقت، وهو ليس في وضع اقتصادي يمكّنه من تحمّل هذا الانتظار؟ هل يخرج منها بعد حرب داخلية لا تنتهي الا بعد الاتفاق على وضع ميثاق وطني جديد؟
الواقع ان اجماع اقطاب الحوار في القصر الجمهورية على "اعلان بعبدا" ومن اهم بنوده: "تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الاقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الاقليمية حرصا على مصلحته العليا ووحدته الوطنية وسلمه الاهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب التزام قرارات الشرعية الدولية والاجماع العربي والقضية الفلسطينية المحقة بما في ذلك حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ارضهم وديارهم وعدم توطينهم" هو الذي يحمي لبنان ويضمن له دوام الامن والاستقرار سياسياً واقتصادياً.
لذلك ينبغي العودة الى تأكيد الالتزام بهذا الاعلان لتجنّب شظايا تداعيات الازمة السورية خصوصا اذا طال امدها، اما بالعودة الى طاولة الحوار واما بتشكيل حكومة تتبنى هذا الاعلان في بيانها الوزاري وتعمل على شرعنته باضافة فقرة الى مقدمة الدستور كي يسهل عندئذ تسويقه عربياً ودولياً، وهذا يتطلب العودة الى مسودة الرسالة التي كان اعدّها الوزير الشهيد محمد شطح لعرضها على نواب 14 آذار ونواب آخرين اذا وافقوا عليها لتوقيعها وارسالها الى الرئيس الايراني حسن روحاني لأن لموقف ايران منها أهمية كبرى، حتى اذا ما وافقت على ما جاء فيها يكون لبنان قد شق طريقاً سالكة وآمنة الى تحييد نفسه عن صراعات المحاور وزال الخلاف الداخلي فيه خصوصاً مع "حزب الله" الذي ما كان ليخالف "اعلان بعبدا" لولا ايران، وهو ما حصل في الماضي عندما تعذر الالتزام بمبدأ "لا شرق ولا غرب" عملاً بميثاق 1943 لأن صراع المحاور العربية والاقليمية والدولية جعل اللبنانيين يدخلونها منقسمين ويدفعون غالياً ثمن انحيازهم الى هذه المحاور.
وكما تعذر على اللبنانيين في الماضي الا يكونوا لا مع الشرق ولا مع الغرب بسبب انقسامهم بين المحاور ومحاولة كل محور جذب فريق منهم اليه، فقد تعذر عليهم اليوم التزام سياسة الحياد والنأي بالنفس عما يجري حولهم فانقسموا بين من هم مع هذا المحور ومن هم مع ذاك.
المطلوب اذاً ان يكون موقف اللبنانيين واحداً وموحداً من سياسة الحياد والتحييد كي يصير في الامكان تسويق هذه السياسة عربياً واقليمياً ودولياً وكسب التأييد لها في جامعة الدول العربية وفي مجلس الامن الدولي. وهذا الموقف الواحد والموحد للبنانيين لن يتحقق ما لم يحصل لبنان على موافقة ايران كونها لا تزال تنتهج علاقة عسكرية استراتيجية مع "حزب الله" وبالتحديد الحرس الثوري الايراني.
والسؤال المطروح هو: هل ايران هي حالياً في وضع القابل بتحييد لبنان عن صراعات المحاور ما دامت لا تزال في حاجة الى "حزب الله" في المعركة السياسية والعسكرية التي تخوضها في سوريا، وان لا امل في ان يكون موقف اللبنانيين واحداً موحداً من "اعلان بعبدا" ما لم تؤيد ايران هذا الموقف، وهي قد لا تؤيده قبل التوصل الى حل للأزمة السورية؟ فمتى يكون هذا الحل، وهل يأتي جنيف 2 بالجواب ومتى؟!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم