الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

ما هي المكاسب التي سيحققّها "حزب الله" إذا ولدت حكومة 8-8-8 ؟

ابراهيم بيرم
ابراهيم بيرم
A+ A-

كان من الطبيعي لدوائر القرار في "حزب الله" ان تقابل بصمت شبه تام موضوع الكلام المرتفع المنسوب عن استيلاد حكومة جديدة على أساس صيغة الـ"8-8-8" وفق الزوايا المدورة، وهو المصطلح الذي يحلو لطابخي هذه الصيغة، وفي مقدمهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، ان يستعمله لوصف ما هو مرتقب حدوثه.


فالحزب لم يكن مضطراً الى أن يبدي حفاوة مطلقة بما هو آت، ولم يكن مكرهاً على تبرير الحدث المستجد لجمهوره لكي يتكيف معه ويتقبله على غرار ما هو حاصل بالنسبة الى مكونات اساسية في فريق 14 آذار.
لكن ذلك لا يعني اطلاقاً ان الدوائر عينها لا تتعامل مع الصيغة الجديدة ضمناً على أساس ان لها في طياتها مكاسب وأرباحا مادية ومعنوية، فولادة حكومة سياسية جامعة يكون الحزب فيها شريكاً باشخاص حزبيين ينطوي على مدلولات وابعاد ايجابية متعددة، في مقدمها ان الحرب الضروس التي شنت على "حزب الله" منذ دخل الى الميدان السوري شريكاً اساسياً في حزيران الماضي قد أذنت ان تنتهي.
ولا ريب ان دوائر القرار في الحزب تدرك قبل غيرها ان الحملات السياسية والاعلامية والأمنية على الحزب لحظة ظهور حقيقة دوره الوازن والفاعل في معركة القصير في ريف حمص، غير مسبوقة على الاطلاق، خصوصاً من جانب عواصم خليجية ومن تيار "المستقبل" واستطراداً من القوى والتنظيمات المتشددة، فضلاً عما صدر من عواصم كبرى في مقدمها واشنطن وباريس ولندن.
خلال الاشهر الثمانية الماضية شعر الحزب بأن ثمة خطة منسقة ومعدة باتقان وتتكامل فيها ادوار جهات اساسية بغية محاصرته وتشويه صورته واستطراداً شيطنته بالكامل، الى درجة ان خصومه الداخليين وجدوا الفرصة لتبرير العمليات الأمنية التي طاولت ساحته، والتي تمثلت بالتفجيرات الثلاثة، اضافة طبعاً الى قطع طريق الجنوب امامه وملاحقة قياداته وعناصره على طرق البقاع والمصنع الى حد ان قيادياً في الحزب قال لبعض المقربين منه ان ثمة جهوداً جبارة لمنعنا من الخروج من منازلنا والسير بأمان على الدروب.
ليس الحزب من النوع الذي يصاب بالهلع أمام هذه الهجمة التي تأتيه من كل الجهات، لكنه كان يأخذ الامر على مجمل الجد ويحسب له الحسابات الدقيقة، خصوصاً بعدما انتقلت الحملة عليه من الحيز الاعلامي والسياسي الى الحيز العسكري ودخل الانتحاريون والمجموعات المتشددة على الخط متسللين الى فنائه الخلفي والامامي، ولم يعد خافياً ايضاً ان الحزب استشعر ان ذروة الهجمة عليه كانت في السعي لاستيلاد حكومة محايدين أو حكومة "أمر واقع" وهي الصفة التي يطلقها عليها فريق 8 آذار.
لذا، لم يكن مفاجئاً ا طلاقاً ان يشن الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله مباشرة اعنف هجمة على هذه الحكومة، خصوصاً بعدما تراكمت لدى الحزب معطيات تفيد ان المتحمسين لهذا النوع من الحكومات أعدوا للامر عدته وانهم جادون في المضي قدماً في هذا الخيار، خصوصاً بعدما تكونت لديهم معطيات ووقائع تفيد ان الحزب ومن والاه وسار في ركبه صار أعجز من أن يقدم على أية ردة فعل وازنة ومؤثرة تلوي عنق ما هو مقرر. ولم يعد خافياً كذلك ان ثمة من ابلغ الحزب تفاصيل سيناريو "حربي" مضاد له سيبدأ على تخوم الضاحية الجنوبية في وقت واحد مع طريق الساحل المفضي الى الجنوب، خصوصاً بعدما سرت معلومات عن عملية "محاكاة" لانتشار نحو 800 مسلح في مناطق قصقص وصولاً الى البربيرـ فضلاً عن سريان معلومات عن دخول أكثر من 15 سيارة مفخخة الى الساحة اللبنانية، وترافق كل ذلك مع التهديد باعلان العصيان في وجه السلاح غير الشرعي. إذا حكومة المحايدين ومعها الاستعداد والمناورات الميدانية كانت ذروة ما رصده الحزب فبادر على الفور ببعث سلسلة رسائل مضادة عاجلة على طريقته لمن يعنيهم الامر في الداخل والخارج عنوانها العريض التهديد بردود قاسية، تفوق كل ما هو متوقع ومنتظر، وتحت لافتة "لسنا في وارد الحرب ولكن لا تلعبوا معنا".
وعليه، ثمة في دوائر القرار من يقول ان هذه الرسائل أعطت نتائجها المرجوة وصداها المطلوب، فكان القرار الكبير الذي جاء من اكثر من عاصمة وجهة، اذهبوا الى حكومة شراكة مع "حزب الله" تداركاً للأسوأ.
وهكذا كان من البديهي ان يتعامل الحزب بايجابية ولو باردة مع الصيغة التي قيل ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط سارع الى عرضها على المعنيين بدعم مباشر من رئيس مجلس النواب نبيه بري (الصيغة التي يتم تداولها حالياً)، اذ ان تداعياتها ونتائجها ما هو حاصل اخيراً، والعودة المفاجئة عن حكومة الأمر الواقع التي أوشكت ان تولد، وفق مصادر بري، تكاد تكون مشابهة لما حصل بعد أحداث ايار عام 2008 حيث أن مرحلة من التصعيد السياسي وغير السياسي في وجهه قد انتهت وثمة مرحلة جديدة ستفتح أبوابها خصوصاً اذا ما صحت معظم التوقعات وبالتالي أبصرت الحكومة السياسية الجامعة النور وسدّت الأبواب نهائياً امام خيار حكومة الأمر الواقع.
وبالطبع امام مكاسب سياسية جلية كهذه، لن يجد "حزب الله" من يحاسبه او يسائله عن تراجعه عن صيغة الـ 9-9-6 التي سبق له أن أعلن تمسكه بها مراراً وتكراراً واعتبرها الحد الأدنى المقبول بالنسبة اليه والى حلفائه.
ومن البديهي ان في الصف القيادي في الحزب من لا يستبعد اطلاقاً ان تكون المستجدات المتسارعة على المستوى الداخلي والتي أقنعت الخصوم بقبول ما كانوا يعتبرونه خطوطاً حمرا، وهي احدى النتائج الأولية لما بعد التفاهمات على المستوى الدولي.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم