الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

"جَمْعَة" فيديرالية... حتماً!

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
A+ A-

اذا قيض لهذه العملية القيصرية الجارية لاخراج جمل ما يسمى "حكومة جامعة" من خرم الابرة النجاح في نهاية وشيكة سيكون اللبنانيون امام تتويج لمجموعة غرائب تتجاوز المفاهيم الكلاسيكية كافة في سوابق الازمات الحكومية والسياسية اللبنانية.
نبدأ من البدايات مع الازمة الاطول اطلاقا في تشكيل اي حكومة مما بات يفرض اضافة بند الى تشكيلة الاختلالات الدستورية التي لم يحسب معها المشرع ابدا لاحتمال ان تتجاوز استقالة حكومة وتأليف اخرى اكثر من اشهر قليلة مما يوجب تاليا تحديد مهلة قصوى لتصريف الاعمال وعدم تركها على الغارب.
ثم نمر بما بات عرفا جديدا لا بل "منصباً" بذاته اسمه الرئيس المكلف في هيكلية ازمة تمكن الرئيس تمام سلام من ترسيخه بطول اناته فأقام على اساسه واقع "رئيسين" للحكومة مستقيل ومكلف متعايشين طويلا بافضال القوى السياسية التي لعبت ورقة الازدواجية فوافقت على تكليفه ثم عطلت مهمته.
ثم نعبر الى واقع العملية الجارية فترانا امام وسطاء يشاركون مشاركة جوهرية في ما ادخل على المفردات السياسية الطارئة من تسمية "تدوير الزوايا". وسطاء يبدون ككاسحات الالغام التي تمهد للرئيس المكلف ورئيس الجمهورية وبعدهما للجنة صياغة البيان الوزاري صياغة بالكاد ستكون ظرفية تجمع المتناقضين ولا توحدهم. كبار مهرة الوسطاء والطباخين ينتمون الى رعيل مجرب محترف يتقدمهم الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط اللذين تراهما اليوم يحتلان صدارة الكواليس. وحين تأتي ساعة الحسم سيجد الرئيس المكلف نفسه على الارجح امام طبخة "فيديرالية" وليست جامعة بالمعنى التقليدي. اذ ان ثمة استحالة بغير بلاغة شديدة المرونة والحذاقة لضمان الاطار السياسي لحكومة اقصى طموحاتها هو تمرير هدنة اشهر عدة لا التوغل الى تسوية سياسية شبه مستحيلة.
ولا نخال ان حكومة جامعة ستكون قادرة بسحر ساحر كما يجري الترويج لها على تذويب الشروط الضخمة المطروحة لمعسكري الصراع مهما برع المبشرون في تجميل الكلام عن التنازلات المتبادلة. ثمة تنازلات حتما ولكن ليس هناك وحدة حال ولا في الحدود الدنيا لمفهوم كل من الفريقين ولو اضطرتهما الظروف القاهرة، وما يرى ولا يرى من الدوافع والاسباب الظاهرة والمستترة، الى مماشاة هذه التسوية الظرفية. وبكل صراحة ومن دون قفازات ومجاملات وبعيدا من اي مداهنة وتكاذب سنكون امام اطار فيديرالي سياسي حكومي قسري "يجمع" ولا يقيم اي وحدة او تماسك او انسجام. فيديرالية الضرورات لا القناعات، وفيديرالية تتلاءم وحفظ ماء الوجوه بما يسمح مثلا بتعايش غريب بين "اعلان بعبدا" واستمرار تورط "حزب الله" في القتال في سوريا. وعساها تكذبنا الحقيقة المهرولة سريعا مع ذروة غرائب الكيمياء السياسية اللبنانية.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم