دعت إيران الاتحاد الأوروبي الجمعة إلى التخلي عن سلوك اعتبرته "غير مسؤول" بشأن مجموعة من القضايا الدولية بعد لقاء في اليوم السابق مع الدبلوماسي الأوروبي إنريكي مورا في جنيف حيث تجرى الجمعة محادثات حول الملف النووي.
وكتب نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية والدولية كاظم غريب آبادي، هو جزء من الوفد الإيراني، على إكس: "أكدنا له مجددا أن على الاتحاد الأوروبي التخلي عن سلوكه الأناني وغير المسؤول في مواجهة مشكلات هذه القارة وتحدياتها، والقضايا الدولية".
ورأى أن أوروبا "لم تنجح في أن تكون لاعبا جديا" في المسألة النووية، بعدما قامت واشنطن في 2018 بمعاودة فرض عقوبات على طهران كان الأوروبيون يعارضونها.
وكان غريب آبادي ومجيد تخت روانجي نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية أجريا مناقشات الخميس في جنيف مع مورا الذي يشغل منصب نائب الأمين العام للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي.
من جهته، أفاد مورا عبر إكس أنه جرى بحث "دعم إيران العسكري لروسيا الذي يجب أن يتوقف، والمسألة النووية التي تحتاج إلى حل دبلوماسي، والتوترات الإقليمية - من المهم أن يتفادى جميع الأطراف التصعيد- وحقوق الإنسان".
في السياق، قال مسؤول إيراني كبير لـ"رويترز" إن إيران تتوقع محادثات "صعبة وجادة" مع القوى الأوروبية وإن روسيا والصين سيتم إطلاعهما على نتائج الاجتماع الأسبوع المقبل.
واليوم الجمعة، تشهد جنيف محادثات بين إيران وألمانيا وفرنسا وبريطانيا تتعلق بملفات البرنامج النووي الإيراني وروسيا والوضع في الشرق الأوسط، قبل أقل من شهرين من عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وعشية هذه المحادثات أعلن مورا أنه أجرى في جنيف الخميس "محادثات صريحة" مع مسؤولين إيرانيين بشأن البرنامج النووي لبلادهم.
وقال مورا، على منصة إكس، إن "تبادلا صريحا" للآراء جرى بينه وبين كل من مجيد تخت روانجي نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، وكاظم غريب آبادي نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية والدولية.
وبعد اجتماع عُقد في نيويورك في أيلول (سبتمبر)، يُعقد اجتماع الجمعة في سرية تامة، إذ لم تُكشف أسماء المشاركين ولا المكان الذي سيجتمع فيه دبلوماسيو الدول الأربع.
ويُعقد الاجتماع على خلفية توترات شديدة في الشرق الأوسط بين إيران وحلفائها من جهة وإسرائيل من جهة ثانية، وقبل أقل من شهرين من عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
وكان الرئيس الجمهوري اتبع سياسة "الضغط الأقصى" ضد إيران خلال فترة ولايته الأولى.
وبالنسبة إلى طهران، يتمثل الهدف من محادثات سويسرا في تجنب وضع "كارثي مضاعف" من شأنه أن يضع إيران مرة أخرى في مواجهة هذه السياسة الأميركية إضافة هذه المرة إلى الموقف الأوروبي، حسبما أوضح أستاذ العلوم السياسية الإيراني مصطفى شير محمدي لوكالة فرانس برس.
وتُضاف إلى القضية النووية الشائكة الاتهامات الغربية لإيران بتزويد الجيش الروسي طائرات بلا طيار متفجرة من أجل حربها في أوكرانيا، وهو ما تنفيه طهران. في هذا السياق أكد شير محمدي من العاصمة الإيرانية أن "الأوروبيين ليسوا إلى جانب إيران".
وتأمل إيران في تدوير الزوايا مع الأوروبيين مع إظهار موقف حازم في الوقت نفسه.
اقرأ ايضا: تقرير سرّي لوكالة الطاقة الذرية: إيران تُخطّط لتوسع جديد في تخصيب اليورانيوم
وفي مقابلة مع صحيفة "الغارديان" البريطانية نشرت الخميس حذر عراقجي من أن إيران يمكن أن تحصل على السلاح النووي إذا أعاد الأوروبيون فرض عقوبات.
وكانت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة قد انتقدت، إلى جانب الولايات المتحدة، إيران الأسبوع الماضي بسبب عدم تعاونها في الملف النووي.
تبنّى مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يضم 35 بلدا قرارا الأسبوع الماضي يدين إيران لعدم تعاونها.
ووصفت طهران القرار بأنه "ذو دوافع سياسية". وأعلنت ردا عليه، وضع "أجهزة طرد مركزي متطورة جديدة" مصممة لزيادة مخزونها من اليورانيوم المخصّب، في الخدمة.
وفي السياق، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكلفة مراقبة البرنامج النووي الإيراني، نية طهران نصب ستة آلاف جهاز طرد مركزي جديد لتخصيب اليورانيوم بمستويات منخفضة، وفق تقرير طي السرية حصلت عليه وكالة فرانس برس الجمعة.
وجاء في التقرير أن "إيران أبلغت الوكالة" بنيتها وضع هذه الآلات في الخدمة في موقعي فوردو ونطنز بمعدل تخصيب يصل إلى 5 %، أي ما يزيد قليلا عن النسبة المسموح بها بموجب الاتفاق الدولي لعام 2015 التي تبلغ 3,67 %. واتخذ هذا الإجراء ردا على اعتماد الوكالة في 21 تشرين الثاني (نوفمبر) قرارا منتقدا لطهران بمبادرة من الغرب.
يثير البرنامج النووي الإيراني قلق أطراف غربيين، وسط اتهامات لطهران بأنها تسعى إلى تطوير سلاح نووي. والجمهورية الإسلامية هي الوحيدة في العالم التي تخصب اليورانيوم إلى مستوى 60 بالمئة، خارج نادي الدول المسلحة نوويا، حسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.
في المقابل، تؤكد طهران سلمية برنامجها وطابعه المدني. وتستند كذلك إلى فتوى من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي يحرّم فيها استخدام أسلحة الدمار الشامل.
والخميس جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التحذير من أن بلاده لن تسمح لطهران بتطوير سلاح ذري. وقال في مقابلة تلفزيونية: "سأفعل كل ما في وسعي لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي... سأسخّر كل القوى الممكنة" لذلك.