اعتاد الاحتلال الإسرائيلي في كل حروبه واعتداءاته منذ نشأته على أرض فلسطين في العام 1948على ارتكاب المجازر بحق المدنيين والأبرياء، خصوصاً من الأطفال والنساء والعجز، وعلى استهداف وتفجير ونسف المعالم الدينية من مساجد وأندية حسينية وكنائس وصروح تربوية وصحية ومواقع أثرية، فضلاً عن استهدافه الهيئات الصحية وفرق الإسعاف والإنقاذ المحلية والأجنبية، ضارباً بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية والمواثيق الإنسانية، في ظل صمت مُطبق وعجز فاضح من الجهات الدولية المعنية بالإشراف على تنفيذ القرارات وحمايتها، تماماً كما يحصل منذ أكثر من عام في قطاع غزة وفي لبنان.
وفي حربه الأخيرة على لبنان، استهدف العدوان الإسرائيلي عن سابق تصور وتصميم عدداً من المساجد والأندية الحسينية والكنائس، خصوصاً في قرى وبلدات كفركلا وعيتا الشعب ويارون والضهيرة والقوزح ورشاف وميس الجبل ومركبا، وكان آخرها استهداف كنيسة مار جاورجيوس في بلدة دردغيا، قضاء صور، بعدما ارتكب فيها مجزرة ذهب ضحيتها 5 شهداء من عناصر الدفاع المدني إثر استهداف مركزهم في البلدة.
جولة "النهار" الميدانية في دردغيا
وخلال جولة ميدانية لـ "النهار" في القرية الكاثوليكية المسالمة، والتي تمتاز بحسن العلاقة مع الجوار، الذي لجأ إليها المئات من أبناء المنطقة وشيّدوا فيها أبنية سكنية ومحالاً تجارية ومسجداً بالقرب من الكنيسة القديمة، تبين عن قرب حجم الدمار والخراب الذي أصاب الكنيسة، خصوصاً الواجهة الشمالية التي دُمّرت بالكامل، فضلاً عن تدمير كامل المبنى المؤلف من 4 طبقات والذي يضمّ قاعات وصالون استقبال، علماً أن المسجد المجاور سَلمَ من القصف الذي أغار عليه الطيران الحربي الاسرائيلي.
وقال مختار دردغيا الذي رافق "النهار" في الجولة، إنّ الكنيسة لم تعد صالحة لإقامة القداديس، والشعائر الدينية. وأوضح أن عمر الكنيسة يزيد عن الـ100 عام، وجرى تجديدها في العام 1980, وناشد الجهات المسؤولة والمعنية في البلد، مدّ يد المساعدة لإعادة إعمار وإصلاح ما تهدّم، وقدّر حجم الخسائر والأضرار في الكنيسة ومبنى القاعات بنحو 200 ألف دولار. ونوّه بحسن العلاقة مع الجوار ، معتبراً أن دردغيا تمثل رمز العيش المشترك مع أبناء الجنوب، كما نوّه بالمبادرة التي قامت بها عائلة سمعان "مارون وسمعان وجورج" في ترميم وصيانة المنازل القديمة والمبنية على الطراز البيزنطي، ورصّ الطرق الداخلية بحجر البازيلت، وطلاء النوافذ والأبواب باللون الأخضر، وذلك بعد تعرّضها أكثر من مرّة للأضرار خصوصاً في اجتياح العام 1978, واجتياح العام 1982, وفي عدوان تموز العام 2006, وشهدت القرية التي لا يزيد عدد سكانها عن الـ2000 شخص موجات من النزوح والهجرة إلى بلاد الاغتراب، منذ بداية الحرب الأهلية، حيث لا يوجد ويقيم فيها حالياً أكثر من 35 عائلة، ومساعدة عائلة سمعان أبناء البلدة كانت مشروطة بعدم بيع الأهالي أرضهم أو بيوتهم، وجددت عائلة سمعان منزل الأجداد ببناء حديث. ورغم هجرتهم ظلوا على علاقة وثيقة مع قريتهم التي كانت تُعتبر بمثابة خربة إلى حدّ ما، فأصبحت منارة مع الحفاظ على بيوتها القديمة والأزقة والممرات والحاكورات، وطرقها الداخلية.
وبرز من أبناء دردغيا في بلاد الاغتراب وزير الطاقة الأميركي السابق في عهد الرئيس جورج بوش، سبنسر ابراهام رزق.
تقع القرية بين قرى معروب وشحور وصريفا في قضاء صور. والمقيمون في نطاقها العقاري الذي يقارب الـ4 ملايين متر مربع يزيد عن الـ2500 شخص من أبناء الطائفة الشيعية.