تتصدّر الخروقات الإسرائيلية الواضحة لوقف إطلاق النار في جنوب لبنان المشهد بعد ثلاثة أيام على الاتفاق، وسط تهديدات أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالأمس بـ"توجيه أوامر للجيش بالاستعداد لقتال شرس في حال انتهاك الاتفاق من الجانب اللبناني".
وفيما مدَّد مجلس النواب لقائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون سنة إضافية، تتّجه الأنظار إلى دور الجيش المحوري في هذه المرحلة، واستكمال عملية انتشار قوّاته في قرى نهر الليطاني ومحيطه، لمراقبة الانتهاكات الإسرائيلية والتعامل معها خلال فترة 60 يوماً من تطبيق الاتفاق.
في الموازاة، يبدو أنّ المسار لحلّ سياسي قد انطلق في لبنان، بعدما وجّه رئيس مجلس النواب دعوة لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية في 9 كانون الثاني 2025، مستبقاً لقاء الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في إطار المساعي الفرنسية لانتخاب رئيس.
"النهار" تواصل تغطيتها لآخر المستجدات السياسية والأمنية لحظة بلحظة...
قائد الجيش جوزيف عون الذي يتمّ التداول باسمه كمرشّح محتمل لرئاسة الجمهورية اللبنانية يتولّى اليوم مسؤولية تنفيذ مهمة صعبة محاطة بالمخاطر عقب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله" الذي ينصّ على نشر قوات الجيش في جنوب البلاد ومراقبة سحب سلاح "حزب الله".
للمزيد اضغط هنا
كثّف العدوان الإسرائيلي، طوال فترة الحرب، هجماته على مدينة صور ومعظم قرى القضاء، تماماً كما على الضاحية والبقاع وكلّ مدن وقرى محافظتي الجنوب والنبطية، مستهدفاً بطائراته الحربية والمسيّرة، عن سابق تصوّر وتصميم، المدنيين والأحياء السكنية والتجارية والبنى التحتية، من دون أن يوفّر البشر والحجر، وغير آبه أيضاً لقوات "اليونيفيل" أو مراكز ومواقع الجيش اللبناني، وفرق الهيئات الصحية والدفاع المدني وبعض الإعلاميين.
سردية "الانتصار" التي أخذها كثر على مسؤولي "حزب الله"، والتي تعاكس الواقع الذي لمسه اللبنانيون والخارج على حد سواء، بما يناقضها كليا ليس على مستوى ما أصاب الحزب فحسب بل على مستوى ما أصاب لبنان ككل واللبنانيين من كل الطوائف، هذه السردية يعتقد البعض أنها للمّ شمل البيئة الشيعية وعدم سقوطها في الإحباط. تُضاف إليها في شكل واضح الرسالة إلى الداخل، خصوصا من أجل عدم استضعاف الحزب أو "محاكمته" على مغامرته العسكرية وتداعياتها الكارثية على كل المستويات.
مع أن الأنظار في اليوم الثاني لسريان اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل، ظلت مسمّرة على رصد الخروقات التي سُجلت في الجنوب، كما على عودة النازحين التي حافظت على وتيرة عالية من الزخم والكثافة، قفزت مفاجأة سياسية بارزة في اليوم الثاني إلى الواجهة مع تصدّر ملف انتخابات رئاسة الجمهورية المشهد الطالع من الحرب. ولعل ما حصل في هذا السياق أكد المعطيات التي واكبت ولادة اتفاق وقف النار، والتي أشارت إلى أن مقدمات الجهود الأميركية والفرنسية لإنهاء الحرب استبطنت مشاورات سرية وضغوطاً لاستكمال إعلان وقف النار باستعجال انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان ايذاناً بترميم الوضع المؤسساتي الدستوري وقيام حكومة بحيث يتعذر بل يستحيل المضي في تحصين التسوية التي أنهت الحرب والحصول بعدها على مساعدات خارجية لاعادة الإعمار ودعم تسليح الجيش اللبناني وتقويته إلا بوضع مؤسساتي كامل.