الخبر "يحلّق". البابا فرنسيس "منح الفقراء من دون مسكن قصرًا كاملا في الفاتيكان بعد معارضة بعض المسؤولين في دوائر الفاتيكان". صور عدة أُرفقت بالخبر كدليل، وحوار مزعوم انه حصل بين البابا فرنسيس وأحد مساعديه. "أريد فقراء بجانبي وليس موظفين"، وفقا لما يُزعَم. FactCheck#
النتيجة: صياغة المنشور، في شقه المتعلق بـ"القصر الكامل الذي منحه البابا الفقراء"، تفتقر الى الدقة. يبين التدقيق ان البابا فرنسيس افتتح، في 15 تشرين الثاني 2019، مركزا لاستقبال المشردين قرب ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، وفقا لما تفيد منظمة سانت ايجيديو الكاثوليكية، الناشرة الاصلية للصور المتناقلة. وتوضح أن المبنى، "بعدما أخلته جماعة نسائية دينية"، وتحقيقا لرغبة البابا في "تخصيصه لجمعية خيرية من أجل الاشخاص الاكثر حاجة"، عهدته "إدارة تراث الكرسي الرسولي الى الخدمة الكهنوتية الرسولية، وقد أُعطيت جماعة سانت ايجيديو إدارته".
بالنسبة الى ما يزعمه المنشور عن "معارضة بعض المسؤولين في دوائر الفاتيكان"، وعن حوار حصل بين البابا فرنسيس وأحد مساعديه، فإن هذا مجرد فبركة وخيال جامح.
"النّهار" دقّقت من أجلكم
الوقائع: التفاعل كبير مع المنشور، "ربنا يباركك فى حياتك يا بابا الرحمة والسلام"، و"ربنا يقويك ويطولنا بعمرك"، و"هذه هي رسالة المحبه والإخاء والتسامح والسلام"، وفقا لتعليقات، بينما تكثف التشارك في الخبر والصور على نطاق واسع.
وهنا المنشور بحرفيته (على هذه الصفحة في الفايسبوك، مثلا): "بعد معارضة بعض المسؤولين في دوائر الفاتيكان، البابا يمنح قصرًا في الفاتيكان إلى الفقراء بدون مسكن. في حديث للبابا مع أحد مساعديه قال: عار علينا أن نقبل أن ينام فقير في الشارع. إجمعوهم جميعًا في قصور الفاتيكان. أجابه مساعده: ولكن كيف؟ فهم كثيرون وجميع المباني عندنا مأهولة من موظفي دولة الفاتيكان... أجابه البابا: أريد فقراء بجانبي وليس موظفين".
وهناك ايضا منشور آخر في السياق ذاته (هنا، على سبيل المثال): "البابا يفي بوعده ويمنح الفقراء من دون مسكن قصرا كاملا من الفاتيكان..."، "قصرا من قصور الفاتيكان". وقال لأحد مساعديه: عار علينا...". الحوار ذاته المزعوم في المنشور السابق اعلاه. التدقيق:
-اولاً، يقود البحث عن الصور، عكسيا، الى الموقع ناشرها الأصلي: موقع سانت ايجيديو Sant'Egidio، وهي منظمة كاثوليكية علمانية ايطالية تعنى بالخدمة الاجتماعية على نطاق عالمي. ويمكن ايجاد لدى موقعها كل الصور المتناقلة (هنا بالفرنسية، وهنا بالانكليزية).
تاريخ النشر: 15 تشرين الثاني 2019. المكان: روما، حيث مقر المنظمة.
وقد ارفقت الصور بتقرير إخباري بعنوان: "الجمال يشفي!" البابا فرنسيس يفتتح منزلاً جديداً للمشردين قرب ساحة القديس بطرس". وقد اورد التفاصيل الآتية: "عشية اليوم العالمي الثالث للفقراء، بعد ظهر 15 تشرين الثاني 2019، الساعة 17,00 ب ظ، افتتح الأب الأقدس مركز استقبال جديدا في قصر ميغليوري، على بعد أمتار من ساحة القديس بطرس. وقد عُهِد المركز الى الخدمة الكهنوتية التابعة لقداسته، وأعطيت سانت ايجيديو إدارته".
وافاد التقرير ان البابا فرنسيس، "بعد زيارة قصيرة للطبقة الأرضية المخصصة للاستقبال خلال النهار، وهي مزينة برسوم من العصر الحديث، توجه إلى كنيسة المركز في الطبقة الاولى، والمكرسة للقديس جاورجيوس. وبعد تأمله في الارجاء، علّق قائلا: "الجمال يشفي!"
كذلك، تفقد "الوحدات السكنية في الطبقة الثالثة، وقاعات الطعام في الطبقة الثانية. وتبادل اطراف الحديث، حول الطاولة، مع أشخاص سيقيمون في المركز، ومع المتطوعين، وبينهم اشخاص عاشوا في الشارع... وخلال الحديث معهم، تكلم البابا عن ثقافة الاهدار والحاجة إلى استعادة الشعور بالمسؤولية تجاه أشد الناس فقراً"، وفقا للتقرير. كذلك، تذكّر "عادة عهدها في شبابه"، وتمثلت في "تحضير طبق جاهز، أثناء وجبات الطعام، بخاصة في أيام العطل، لأولئك الذين يحتاجون إليها، مشددًا على الحاجة إلى "تثقيف الشباب على الرحمة".
-ماذا عن المبنى الذي افتتحه البابا فرنسيس؟ وفقا لمنظمة سانت ايجيديو، "المبنى الذي يقع على بعد أمتار قليلة من أعمدة ساحة القديس بطرس، يتألف من أربع طبقات (نحو 2000 متر مربع)، وتعود ملكيته للفاتيكان، ويقع في منطقة خارج الحدود الإقليمية". وتقول: "أراد البابا فرنسيس تخصيص هذا المبنى- بعدما أخلته جماعة نسائية دينية استخدمته حتى قبل بضعة أشهر- لجمعية خيرية من أجل الاشخاص الاكثر حاجة وفي صعوبة. وبالتالي، عهدت إدارة تراث الكرسي الرسولي هذا المبنى للخدمة الكهنوتية الرسولية، على ان تديره جماعة سانت ايجيديو".
وتفيد المنظمة ان "مركز الاستقبال هذا المسمى قصر ميغليوري Palazzo Migliori، يحمل اسم العائلة التي كانت تملكه، وقد اعطته الكرسي الرسولي عام 1930. والبناء بني بداية القرن التاسع عشر، ويتمتع بتصميم داخلي أنيق ونبيل. وهو مجهز بمصعد يسمح بتنقل المسنين وذوي الإعاقة...".
لمشاهدة صور افتتاح البابا فرنسيس مركز الاستقبال، الرجاء الضغط هنا (موقع Sant'Egidio).
-ما صحة ما يزعمه البوست ان "البابا منح الفقراء هذا القصر، بعد معارضة بعض المسؤولين في دوائر الفاتيكان؟ يظهر البحث ان هذه المزاعم لا صحة لها اطلاقا.
-ثانيا، ابدى البابا فرنسيس اهتماما خاصا بالمشردين والفقراء منذ بداية حبريته عام 2013. وإليكم بعض الوقائع:
*18 ك1 2013: البابا فرنسيس احتفل بعيد ميلاده الـ77 مع اربعة مشردين دعاهم الى تناول الفطور معه، بينما تمنى له الآلاف من المعجبين عبر موقع "تويتر" عيد ميلاد سعيدا (النهار نقلا عن أ ف ب).
*19 ك1 2014: احتفل البابا فرنسيس بعيد ميلاده مع توزيع مئات أكياس النوم على المشردين في روما، بحسب ما كشفت مصادر من الفاتيكان. وقد تولى المونسينيور كونراد كراجيفسكي المسؤول عن الأعمال الخيرية تنظيم هذه المبادرة في حافلة صغيرة محملة بأربعمئة كيس نوم عليه رمز البابا راحت تجوب شوارع روما لتقديم هذه الهدايا للمشردين على الطرقات (موقع ABOUNA).
*9 كانون الثاني 2015: دفن ويلي هرتيلير، وهو رجل مشرد، في الفاتيكان، بإذن شخصي من البابا فرنسيس. "ويلي هو المشرد الاول في تاريخ الكنيسة الذي يجد مدفنا في الفاتيكان" (النهار، 26 شباط 2015).
*12 حزيران 2015: بعدما انشأ الفاتيكان، بطلب من البابا فرنسيس، أماكن للاستحمام والحلاقة للمشردين وتقديم جولات مجانية للمحتاجين، بدأ استعداداته لإنشاء مأوى ليلي يبيتون فيه (موقع زينيت).
*16 ت1 2015: البابا فرنسيس قام بزيارة مفاجئة لنحو 30 نزيلا فى مركز لإيواء المشردين قرب ميدان القديس بطرس فى روما. وتوقف فرنسيس عند مأوى المشردين مساء أمس الخميس فى طريق عودته من سندوس الأساقفة (اليوم السابع، ar.Times.gr، نقلا عن وكالة د.ب.أ).
*12 ت2 2016: البابا فرنسيس التقى 6 آلاف من فقراء أوروبا ومشرديها في إطار مهرجان “الفرح والرحمة” المقام بالفاتيكان (Euro News).
*17 ت2 2018: البابا فرنسيس قام زيارة مفاجئة للمستوصف الطبي الموقت الكائن في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان، حيث كان له لقاء مع الأطباء والمتطوعين والفقراء الذين يستفيدون من الخدمات المجانية لهذا المستوصف، والذي أقيم في الساحة الفاتيكانية في مناسبة اليوم العالمي للفقراء (فاتيكان نيوز).
*23 كانون الاول 2018: افتتاح مستوصف جديد في ساحة القديس بطرس لمن هم بلا مأوى، كإحدى هدايا البابا فرنسيس في مناسبة عيد الميلاد (فاتيكان نيوز). "ويأتي هذا المستوصف الجديد ليحل محل مستوصف آخر كان يعمل منذ شباط 2016".
1500 فقير ومشرد في الفاتيكان
*17 ت2 2019: استضاف البابا فرنسيس، الأحد، نحو 1500 فقير ومشرد على الغداء، مندّداً بلامبالاة المجتمع حيال المعوزين بمناسبة اليوم العالمي للفقراء الذي أسسه. وقال خلال قداس أقيم في ساحة القديس بطرس قبل الغداء "أصلي من أجل الذين وضعوا مبادرات لتوفير أمل ملموس إلى أكثر الناس عوزاً" (فاتيكان نيوز، 17 ت2 2019- النهار نقلا عن أ ف ب، 18 ت2 2019). وقد اقيمت مأدبة الغداء في قاعة بولس السادس في الفاتيكان. وعلى قائمة الطعام أطباق لازانيا والدجاج مع كريما الفطر والبطاطا، فضلا عن تحلية وفاكهة وقهوة.
-يشار الى ان عددا من الصور المتناقلة (في المنشور الثاني، على سبيل المثال)، تعود لمأدبة الطعام تلك في 17 ت2 2019. وقد أمكن ايجاد عدد منها على موقع Getty Images (هنا، هنا، هنا، هنا)، ووكالة اسوشيتد برس (هنا، هنا). وأدناه صور نشرتها وكالة فرانس برس.
-أخيرا، ما صحة ما يزعمه البوست المتناقل ان البابا قال لأحد مساعديه انه "عار علينا أن نقبل أن ينام فقير في الشارع. إجمعوهم جميعًا في قصور الفاتيكان... أريد فقراء بجانبي وليس موظفين"؟
يظهر البحث مجددا ان لا صحة اطلاقا لهذا الكلام. هذا الحوار مفبرك.
النتيجة: صياغة المنشور، في شقه المتعلق بـ"القصر الكامل الذي منحه البابا الفقراء"، تفتقر الى الدقة. أما الكلام الذي ينسبه الى البابا فرنسيس، فلا يمت الى الحقيقة بصلة.