النهار

"معكم للآخر"، هي رسالة المغتربين اللبنانيين الذين اعتصموا أمس الأحد في أكثر من 26 مدينة حول العالم للتأكيد على دعمهم ووقوفهم إلى جانب الشعب اللبناني الثائر حتّى تحقيق كلّ المطالب.

أمستردام، برشلونة، جينيف، دبي، باريس، ساو باولو، لندن، نيويورك، دبلن، الكويت، بوخارست، واشنطن، مدريد، مونتريال، فيينّا... احتضنت وقفات إحتجاجيّة ردّد خلالها المعتصمون النشيد الوطني اللبناني وقسم المغتربين الثوّار في اللّغة العاميّة:

"نِحنا المِغتربين اللِبنانيّين، منِتعَهَّد إِنّو نِبقى ثائِرين ومع أهِلنا بلِبنان مِتضامنين؛ منِتعهّد إِنّو نِبقى مُصرّين، على حكومة مِستقلّين، حتّى نبني لبنان الحلم وعلى لبنان نكون راجعين؛ رح نضَلّ مِستمِرّين، معكُن للآخر".

في المدن المختلفة توحّدت هتافات الثورة المندّدة بالطبقة السياسيّة الحاكمة، وأكّد المغتربون من جديد على "اللا ثقة" بحكومة الرئيس دياب. التقطَ المعتصمون صوراً رمزيّة للتضامن مع من فقد عيناً ومع من تعرّضَ للعنف المبرح أثناء الإحتجاجات أمام البرلمان في بيروت.

وشهدَ الأسبوع الماضي على تظاهرات في الوسط الاغترابي مناهضة للقمع؛ ففي بلدان عدّة مثل فرنسا والدانمارك واسبانيا وبريطانيا وكندا أَمَّ لبنانيو العالم الساحات رافعين الصوت، مُندّدين بالسياسات المُنتَهِكة لحقوق الإنسان. كما تمّ التداول في مواقع التواصل الإجتماعي عبارات "صحيح مغتربين بس شايفين كلّ شي عم بصير، شيلو إيدكن عنّن" و"يا عسكر، تَرَكنا أهلنا أمانة بين إيديك... إيدك عنّن"!

في سابقة منذ انطلاق الثورة، عَمدَت البارحة مجموعات إلى حرق صور للوزراء الجدد وللسياسيّين الذين يَتّهمونهم بالفساد ويحمّلونهم سبب هجرتهم وتقهقر الوضع الإقتصادي والإجتماعي والسياسي منذ ثلاثين سنة.

لا ثقة في حكومة التكنومحاصصة

في بيان "مغتربين مجتمعين" الأخير، تؤكّد المجموعة على أنّ السياسة هي مسؤوليّة وتشير إلى جرم إضافيّ ترتكبه الطبقة السياسيّة بحقّ الشعب ألا وهو تشكيل حكومة تشبه سابقاتها وعدم المبالاة لمعاناة الشعب الجائع والأزمة الاقتصاديّة الخانقة. بالنسبة للمجموعة، النظام الطائفي التحاصصي قد سقط والدولة المدنيّة هي الغاية؛ تَتَوجَّه إلى الإئتلاف الحاكم "أنتم غير أهل لوضع أسس هذه الدولة. تحمّلوا مسؤوليّتكم بالإنتقال السلمي نحوها". بالنسبة لها، زعماء الطوائف والميليشيات عليهم الرحيل؛ تجزمُ "إنّ حكومة الأقنعة هذه لا تخدع أحداً" فتطالبُ "بحكومة ذات صلاحيات تشريعيّة مؤلّفة من أشخاص من خارج النظام الطائفي، لديهم المعرفة والجرأة وحريّة القرار، تدير الأزمة محافظةً على المجتمع وتضع أسس الدولة الفعليّة".

في الداخل اللبناني وللمرّة الأولى منذ اندلاع ثورة 17 تشرين، تجمّع ناشطون أمام تمثال المغترب على طريق المرفأ في بيروت، بعد ظهر الأحد، لمتابعة البثّ المباشر لعدد من تظاهرات المغتربين عبر العالم على شاشة نُصِبَت للمناسبة، وللاعتصام معاً. تولّى البثّ موقع ard.news وشاركه موقع Thawra TV. ودعت صفحة "دليل ثورة" لمشاهدة بثّ مباشر آخر عند الساعة التاسعة مساءً في ساحة الشهداء.

كما أقامت الحركة اللبنانية الأوسترالية الموحّدة اليوم الاثنين اعتصاماً في سيدني تزامناً مع إنعقاد جلسة مجلس النواب للبحث في إقرار الموازنة. تؤكد الحركة دعمها للثوّار آملة "بمستقبل زاهر للبنان حرّ مستقلّ". 

المغتربون يصرّون على المطالب المعيشيّة المحقّة، ويثبتون يوماً تلو الآخر أنّهم لن يتخلّوا عن لبنانهم ولا عن ذويهم المقيمين فيه. خريطة اعتصاماتهم خير دليل على ذلك.