"النهار" تنشر نتائج تحاليل الليطاني: مواقع لا تصلح للسباحة... وهذا ما ينتظرنا صيفاً

ندى أيوب

أجرت المصلحة الوطنية لنهر #الليطاني تحليلاً لمياه النهر على مدى الثلاثة أشهر الماضية. المشكلة الأبرز بحسب نتائج التحاليل هي الصرف الصحي، حيث جاءت المعايير الجرثومية فوق الحدود القصوى المسموح بها لمياه الريّ. البوتاسيوم تركّز بقوة أيضاً وكبريتيد الهيدروجين، والعديد من المعادن. في الحوض الأدنى تتفاقم المشكلة بين نقطتي الزرارية والقاسمية، إلا أن انخفاضاً ملموساً في الجراثيم تم تسجيله في شهر أيار في 3 نقاطٍ محددة. تدني مستوى العكارة وتنظيف النهر لا يعني اختفاء مشكلة التلوث، فمياه الليطاني غير صالحة للريّ وكذلك للسباحة في العديد من المواقع. ومع ارتفاع درجات الحرارة والتبخر، ماذا ينتظرنا؟

نتائج الحوض الأدنى

إن مياه نهر الليطاني في الحوض الأدنى ملوثة جرثومياً ولا تصلح للريّ، إذ إن المعايير الجرثومية التي تدلّ على تلوث المياه بالصرف الصحي أتت دائماً فوق المعدلات المسموح بها.

تظهر مشكلة بين نقطتي الزرارية والقاسمية، حيث إنه من المفترض أن تقلّ نسبة الجراثيم مع المسافة، إلا أنها وفي شهرين مختلفين كانت تزيد من النقطة الأولى إلى الثانية، ما يؤكد وجود مصدر للجراثيم يتمثل بصرف صحي مصرَّف بين منطقتي الزرارية والقاسمية.

يتواجد أيضاً عنصر "البوتاسيوم" بتركيزات فوق تلك المسموح بها في بعض التواريخ، ما يدل على إمكانية تلوث المياه بالصرف الصحي و/أو المكبّات العشوائية. على الرغم من أن المياه ملوثة بالصرف الصحي في كل التواريخ التي أخذت فيها العينات، إلا أن انخفاضاً ملموساً في الجراثيم الناتجة عن الصرف الصحي تمّ تسجيله في شهر أيار في كل من النقاط التالية في الحوض الأدنى: القاقعية، الزرارية والقاسمية.

الصرف الصحي: 96 بلدة مخالفة

أجرت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني مسحاً تفصيلياً للحوض الأدنى لنهر الليطاني، وقد شمل المسح واقع الصرف الصحي، وحجم تلك النفايات السائلة مقارنة بعدد السكان، وشمل أيضاً واقع معالجة الصرف الصحي ومدى تقدّم وتعثّر الأعمال والمشاريع، وأظهر المسح واقع محطات التكرير المتوقع أو المزمع تنفيذها، وشبكات الصرف الصحي العائدة لها.

وأظهر المسح أن عدد القرى المتصلة بمحطة تكرير هي 32 بلدة، وعدد القرى المتصلة بمحطة تكرير تعمل جزئياً هو 4 بلدات، وعدد القرى غير المتصلة بمحطة تكرير هو 96 بلدة؛ ومن بين كل هذه القرى عدد كبير من البلدات ترمي صرفها الصحي مباشرة في النهر وعددها 4، أو إلى أرض مكشوفة ومنها إلى نهر الليطاني عبر مجاري مائية وعددها 8، بالإضافة إلى وجود عدد من القرى التي يتوزع صرفها الصحي بين الجور الصحية والنهر، وهي معظم القرى التي تقع في محيط المتنزهات من بدياس وصولاً إلى القاسمية، ويبلغ عدد هذه البلدات 16 بلدة.

تُفاقِم مشكلة الصرف الصحي الثابت وفق مسح المصلحة، مشكلة الصرف الصحي المنقول عبر الصهاريج والمتأتي من تفريغ الجور الصحية من قبل متعهدين، بالإضافة إلى الصرف الصحي الناجم عن مخيمات النازحين لا سيما في مرجعيون. وفي السياق نفسه، وفي إحصاء لمجموعة من البلدات في الحوض الأدنى، تبين أن أكثر من مليون ونصف مليون متر مكعب سنوياً تحوّل إلى النهر مباشرة، في حين أن أكثر من ثلاثة ملايين متر مكعب من الصرف الصحي تصرف إلى الوديان والجور الصحية والأماكن المفتوحة ومنها إلى النهر.

صرف صناعي: 65000 متر مكعب

بالمقابل، قُدرّت كميات الصرف الصناعي السائل بحوالي 522 متراً مكعباً يومياً (حالة الذروة)، في حين يبلغ معدل الصرف الصناعي السائل حوالي 65000 متر مكعب سنوياً تنتج بمعظمها من مناشير الصخر والسوائل الناتجة عن عصر الزيتون حيث تبلغ حوالي 13350 متراً مكعباً سنوياً.

111 مكباً عشوائياً

ينتشر في الحوض الأدنى حوالي 111 مكبّاً عشوائياً للنفايات الصلبة (34 تمّ اقفالها وبقي 77 منها) وتستقبل هذه المكبّات حوالي 255 طناً يومياً من النفايات. ويعتبر ذلك من أخطر التحديات للموارد المائية والبيئية في الحوض الأدنى لنهر الليطاني، حيث تمّ رصد 12 مكبّاً للنفايات على ضفاف نهر الليطاني (اتُخذت الإجراءات الوقائية لمنع تصريف عصارتها في النهر).

الكسارات والمقالع

في ما خصّ عمل المقالع والكسارات، فهو يستهلك كميات كبيرة من المياه، لذلك فإن المياه التي تنتج من عملية التصنيع تتلوث بكميات كبيرة من بودرة الحجر ومواد كيماوية مختلفة، فتلوّث المياه السطحية وتضع المياه الجوفية تحت خطر التلوث أيضاً. تقدمت المصلحة بتاريخ 31/1/2019 بكتاب إلى كل من المجلس الوطني للمقالع والكسارات، وزارة الطاقة والمياه، ومحافظ الجنوب، طالبة فيه إيقاف عمل المرامل في جبال الريحان والعيشية. وبتاريخ 13/2/2019 أصدر وزير البيئة فادي جريصاتي قراراً بإيقاف كافة المحافر والكسارات في جبال العيشية.

وتبقى الإشارة إلى مشكلة الصرف الصحي والمنزلي الناجم عن بعض المنتزهات الواقعة على مجرى وضفاف نهر الليطاني وتؤثر سلباً على بيئة النهر.

الري والسباحة؟

كان لمفيض بحيرة #القرعون من تاريخ 3 آذار ولغاية 7 أيار 2019 الأثر البالغ في جرف المخلّفات المتراكمة في مجرى وقعر النهر مع ما سبقها من إيقاف مصادر التلوث المتأتية من المرامل والكسارات وما سبقها من اإزالة الجسور والعوائق المفتعلة في النهر، الأثر البالغ في تدني مستوى العكارة وتنظيف النهر من النفايات الصلبة المتراكمة فيه، دون أن يعني ذلك إختفاء مشكلة تلوثه التي لا تزال، وفق المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، غير صالحة للري والسباحة في العديد من المواقع.

نتائج الحوض الأعلى

-أظهرت نتائج تحاليل المياه على مدى الثلاثة أشهر الماضية تلوّث كل من بحيرة القرعون ومفيضها بالمياه العادمة الناتجة عن الصرف الصحي، حيث جاءت المعايير الجرثومية فوق الحدود القصوى المسموح بها لمياه الريّ. وإن كانت المياه صالحة للري فقط خلال الأسبوع الثالث من شهر آذار، إلا أنها ما لبثت أن تلوثّت من جديد في شهر نيسان وأصبحت غير صالحة.

-يتواجد أيضاً عنصر "البوتاسيوم" بتركيزات فوق تلك المسموح بها في بعض التواريخ، ما يدل على إمكانية #تلوث المياه بواحدة أو أكثر من عدة مصادر نذكر منها: الصرف الصحي، المكبات العشوائية، مصانع أدوات التنظيف والصابون، والمدابغ.

- أظهرت نتائج تحليل عيّنة مياه أُخذت من بحيرة القرعون عن عمق 20 متراً، تلوث البحيرة بـ"كبريتيد الهيدروجين"، وهو عنصر متواجد بنسب غير ملحوظة في النقاط الأقل عمقاً، حيث إن هذا العنصر ينتج عن تحلل المواد العضوية المتراكمة سابقاً في الرسوبيات. بالإضافة إلى وجود تراكيز عالية للمعادن الثقيلة التالية: الألومينيوم، الكادميوم والحديد على عمق 20 متراً.

ماذا ينتظرنا؟

الجدير بالذكر أن الوضع لن يستمر كما هو عليه، فنسب التلوث الكيميائي الخفيفة جاءت نتيجة نسبة المتساقطات الكبيرة التي نعم بها لبنان في شتاء 2019، لكن مع ارتفاع درجات الحرارة والتبخر ستقلّ نسب المياه في النهر وبحيرة القرعون، وبالتالي سترتفع تركيزات مختلف الملوثات في المياه وتزداد حالتها سوءاً إذا لم يتم إيقاف صرف النفايات الصناعية والزراعية والصرف الصحي إلى مجرى الليطاني.