اتفاقيات جنيف لحماية المدنيين في النزاعات المسلّحة: أهمية الالتزام وضرورة المحاسبة

الدكتور سعادة الشامي*احتفل العالم قبل أيام معدودة بالذكرى الخامسة والسبعين للتصديق على اتفاقيات جنيف، التي جاءت ردًّا على الجرائمِ والانتهاكاتِ الفظيعةِ بحقِّ المدنيين في نهايةِ الحربِ العالميةِ الثانيةِ عامَ 1949، كأساسٍ لحمايةِ المدنيين في النزاعاتِ المسلحة.وقد أُقيمَ احتفالٌ للمناسبةِ في بيروت، بتنظيمٍ من اللجنةِ الدوليةِ للصليبِ الأحمرِ والسفارةِ السويسرية. دُعيتُ لحضورِ لمناسبة وإلقاءِ كلمةٍ مقتضبةٍ بحكمِ كوني رئيسًا للجنةِ الوطنيةِ للقانونِ الدولي الإنساني في لبنان .وضعت اتفاقيات جنيفَ حجرَ الأساسِ للقانونِ الدولي الإنساني الذي يهدف إلى حمايةِ المدنيين وتقييدِ وسائلِ الحربِ وأساليبها لمنعِ المعاناةِ غيرِ الضرورية. الفكرةُ الأساسيةُ وراء هذه الاتفاقيات التي تتضمنُ أكثرَ من أربعمئةِ مادة، هي الحفاظُ على كرامةِ الإنسانِ وتخفيفُ معاناةِ المتضررين، حتى في أحلكِ ظروفِ الحروبِ والنزاعاتِ المسلحة.بذلت العديد من الدولِ جهودًا كبيرة على مرِّ السنينِ لوضعِ سياساتٍ وتدابيرَ تضمن احترامَ القانونِ الدولي الإنساني. كما تم نشرُ هذا القانون بشكلٍ واسعٍ لنشر الوعي في القواتِ المسلحة وكل فئاتِ المجتمع. وتم تبنّي (أو تعديل) التشريعاتِ الوطنيةِ تدريجا، ووضع التدابير اللازمةِ لتنفيذِ القواعدِ الواردةِ في معاهداتِ القانونِ الدولي الإنساني ذاتِ الصلة. وفي دولٍ عدة، أُنشئت هيئاتٌ استشاريةٌ خاصة، مثل اللجانِ الوطنيةِ للقانونِ الدولي الإنساني، التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الأجندةِ السياسيةِ للحكومات.ولبنان لم يكن بعيدًا عن هذا التوجه. فقد أُنشئت اللجنةُ الوطنيةُ للقانونِ الدولي الإنساني عام 2010 بموجبِ المرسومِ 4382، بناءً على توصيةِ المؤتمرِ الدولي السادسِ والعشرين للصليبِ الأحمرِ والهلالِ الأحمرِ عامَ 1995. ولكن، لأسباب غير...