مهرجان الفيلم الفلسطيني الخامس في زيوريخ: السينما في مواجهة السرديّة الصهيونية

زيوريخ - جواد الساعدي  أثناء نهب الجيش الاسرائيلي مركز الأبحاث الفلسطيني في بيروت عام 1982، تقدّمت صحافية أميركية من الضابط المسؤول عن عملية النهب وسألته عن مسوّغاته، فأجابها قائلًا: "هذا مركز مخرّبين، ويبدو أنهم خدعوكِ، فهل تصدقين أن بين هؤلاء الفلسطينيّين من يقرأ ويكتب؟".بمثل هذه السردية دأب الإسرائيليون على رسم صورة الفلسطيني أمام العالم، وخصوصًا الغربي؛ وهي سردية تنطلق من أطروحة "أرض بلا شعب" الكاذبة، وتقوم على نفي كينونة الشعب الفلسطيني من خلال محاولات طمس هويته ووجوده الحضاري وعطاءاته في مختلف المجالات وتراثه المرتبط بدائرته العربية، في بعديها الإسلامي والمسيحي.واجه الفلسطينيون هذه السردية بكل أنواع الكفاح وبشتى الأدوات والوسائل الممكنة؛ وكانت صناعة السينما من بين تلك الوسائل، فبلغت أفلامهم المهرجانات الدولية في الغرب، مثل كانّ والبندقية وتورونتو وسان سيبستيان، ولوكارنو، وحصدت فيها الجوائز، مما أدى إلى انتشارها في الصالات التجارية في دول عدة وتزايد الاهتمام بالسردية الفلسطينية؛ وذلك بعدما تيسر للسينمائيين في البدء المشاركة في مهرجانات الدول الصديقة، مثل مهرجاني موسكو ولايبزيغ.في العقود الثلاثة الأخيرة نجح الفلسطينيون في تأسيس مهرجانات خاصة بالفيلم الفلسطيني في الكثير من مدن العالم الغربي، وذلك بالتعاون مع أصدقائهم المتعاطفين مع قضيتهم، فضلًا عن عروضهم في مهرجانات الأفلام العربية التي تقام في الغرب.في هذا المسار كانت مدينة زيوريخ السويسرية في نهاية صيف العام 2019 على موعدٍ مع أول مهرجان للفيلم الفلسطيني، نظّمته "جمعية سويسرا-فلسطين" التي يرأسها النائب السابق عن حزب الخضر جيري مولّر، بالتعاون مع مسرح وسينما القصبة، ومؤسسة Filmlab في رام الله. وأقيمت الدورات اللاحقة في مواعيدها المحددة سنويًّا، باستثناء عام 2022، حيث حالت ظروف التباعد التي فرضتها جائحة كورونا دون ذلك، لكن المهرجان عاد في ربيع العام 2023 وأقام دورته الرابعة، فبلغت مجموع عروضه في الدورات الأربع خمسةً وثلاثين فيلمًا طويلًا ونحو خمسين فيلمًا...