"الجثمان المحمول"

ليليان يمين

كان منظر الجنازة سيراً إلى الكنيسة والجثمان المحمول على الأكف يسمّرني في صغري أمام واجهة بيتنا الملاصق للطريق العام ، كانت دعسات الأقدام والأصوات المتتالية والخافتة توشي باقتراب مرور المشاركين وأكثر ما كان يسحرني مسارعة جميع المحال إلى إنزال واجهات محالهم التي كانت بمعظمها من الحديد فيتكرر الصوت ويدوّي فلا يبقى أحد على الأرصفة احتراماً للذاهب إلى رقاده الأبدي ومن تعذّر عليه إدخال بضائعه لجأ إلى تغطيتها .

عرفتُ مع الوقت أن الأكثر قربى للميّت هم من تأبط الآخرون ذراعهم، الرجال في المقدمة يسيرون مع الجثمان في صمت مطلق من ثم النساء حيث تأتيك أصوات ووشوشات وبكاء .كان مرورهم المهيب ينطلق من البيت ، هناك حيث يرقد الأحبّة في أسرّتهم للمرة الأخيرة ليُحملوا بعدها إلى الكنيسة التي تستعين بجرسها فيقرع حزناً لِيعمّ الصمت في الشوارع وداخل البيوت . كان المشهد رغم قساوته يحمل الكثير من الرأفة لهؤلاء السائرين نحو الضوء رغماً عنهم ، أقول الضوء لأنهم في الذاكرة لآلئ ونجوم .