الجمعة - 20 أيلول 2024
close menu

إعلان

التمنّع عن متابعة التحقيق في تفجير المرفأ استنكاف عن إحقاق الحق ووضع حد للإفلات من العقاب

المصدر: "النهار"
Bookmark
آثار الدمار بعد انفجار مرفأ بيروت في آب 2020.
آثار الدمار بعد انفجار مرفأ بيروت في آب 2020.
A+ A-
الدكتور دريد بشرّاويأستاذ القانون الدولي الجزائي في جامعة ستراسبورغ - فرنسامستشار أول في المحكمة الجنائية الدولية- لاهايمحام عام أسبق في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان - لاهاي أربع سنوات مرت على جريمة العصر، جريمة تفجير مرفأ بيروت التي هزت الضمير العالمي، هي جريمة من أبشع وأخطر الجرائم التي شهدتها الإنسانية ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط وانما في العالم بأسره، وهي تشكل من دون أدنى شك جناية ضد الإنسانية وفقا للتعريف المنصوص عليه بأحكام المادة السابعة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية )نظام روما(. أربع سنوات مرت من دون أن تكشف السلطات القضائية حقيقة هذه الجريمة، ومن دون أن تحقق العدالة لذوي الضحايا فيما كانت تقضي وعود السلطات السياسية الكاذبة بأن تنجلي الحقائق خلال خمسة أيام . نعم استقالت العدالة اللبنانية من مهامها كما العادة وتقاعدت بفعل التجاذبات السياسية تارة، وبفعل الترهيب والتهديد الذي خضع له بعض القضاة. أربع سنوات مرت على الجريمة النكراء ولم تتحسّس فيها السلطات اللبنانية ولو لمرة واحدة معاناة أهالي الضحايا وعذاباتهم وآلامهم وأحزانهم على فقدان مأساوي ومفجع لاب أو لام أو لابن أو لابنة أو لشقيق أو لشقيقة أو لقريب أو لصديق، لأعز ولأغلى ما لهم من ناصرين في هذه الدنيا... لا يمكننا طبعا إطلاق الأحكام العشوائية على تحقيقات يفترض أن تكون سرية، ولكن لا بد أن نشير على الأقل الى أنه كان يجب، أولا وأساسا في قضية بهذا الحجم وبهذه الخطورة، على السلطة القضائية المختصة بالتحقيق، أن تأخذ في الاعتبار الناحية الجنائية قبل التطرق إلى موضوع الإهمال والتقصير، من دون أن يعني ذلك طبعا أن المسائل التقصيرية لا ترتب أية مسؤوليات جزائية، اذ من المهم والأهم هو أن تحدد التحقيقات هوية الجهة أو الجهات، والشخص أو الأشخاص الذين أدخلوا عمدا مادة النيترات إلى مرفأ بيروت، والذين نفذوا عملية التفجير وهؤلاء الذين كانوا على علم بهذه العملية الإجرامية وبأهدافها الحقيقية، وكان على التحقيقات أن تحدد المسؤوليات الجنائية وأن تكشف هوية من سهّل إدخال المواد الجرمية بفعل مادي ايجابي أو بفعل عدم القيام قصدا بما يتوجب عليه قانونا لمنع إدخالها. كما كان عليها أيضا أن تبين الغاية الأساسية من وراء إدخال هذه المواد وتخزينها في العنبر رقم 12.يبدو واضحا أن المافيا السياسية التي تحكم لبنان في ظل حماية الميليشيا المسلحة، تعمل كل ما بوسعها على تعطيل هذه التحقيقات التي جمدت منذ حوالي أكثر من سنتين، وعلى طمس حقائق هذه الجريمة، وعلى ضرب هيبة القضاء الذي انقسم على ذاته الى شعب وفصائل قضائية، ما يشكّل سابقة خطيرة لم تحصل من قبل في تاريخ الجمهورية اللبنانية تدل على مدى تفكك القضاء اللبناني واهترائه ، لاسيما وان بعض القضاة أصبحوا يعملون جهارا ومباشرة بإمرة واشراف ميليشيا مسلحة تحكم لبنان وشعبه. وما يزيد في الأمر خطورة ان هذه الميليشيا تستعمل بعض القضاة والأجهزة الأمنية التابعين لها أداة للقمع السياسي ولإسكات أهالي ضحايا التفجير الاجرامي الذي أودى بأبنائهم، وتمارس ضدهم كل اشكال التوقيفات التعسفية المنافية للاتفاقيات والمعاهدات الدولية المعنية بحماية حقوق الانسان. أضف الى ذلك أن المافيا السياسية برعاية الميليشيا تحاول طمس الحقيقة المرة واخفائها عن اللبنانيين والاستمرار في تدعيم أسس الإفلات من العقاب في هذه القضية كما حصل سابقا في العديد من الاغتيالات المبرمجة لشهداء ثورة الأرز. وبغض النظر عن كل طلبات وإجراءات الرد والتنحي ونقل الدعوى التي سيقت ضد قاضي التحقيق العدلي الواضع يده على هذه القضية بهدف شل نشاطاته التحقيقية، وعن كل العقبات المختلقة والقرارات والإجراءات الأخرى غير القانونية التي اتخذها المدعي العام التمييزي السابق بعد تنحيه كمدع عام للتمييز عن ملف التحقيق في تفجير مرفأ بيروت والتي أدت الى إطلاق سراح الموقوفين في هذا الملف، ومنها على الأخص ادعاء المدعي العام المذكور على قاضي التحقيق العدلي بجرم " انتحال صفة محقق عدلي" ، وقرار وقف تنفيذ مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة في حق وزير الاشغال العامة والنقل السابق يوسف فينيانوس، وقرار استعادة مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة في حق النائب علي خليل، هناك خلل ظاهر يعتري مسألة الادعاءات والتوقيفات في هذه القضية. فمن الواضح هنا أن الغموض يلف مسألة تحديد المعيار الذي على أساسه قرر المحقق العدلي الادعاء على هذا المسؤول وليس على ذاك، لاسيما أن قائمة الادعاءات لم تراع ظاهرا اي معيار...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم