حصل الحوثيون أخيراً على ما سعوا إليه منذ عشرة أشهر، ضربة إسرائيلية تمكنهم من المزايدة بها ورفع الشعارات وتقديم أنفسهم مقاتلين في معركة إقليمية، لكن ما لم يكن يتمناه الحوثي أن يكون الاستهداف الإسرائيلي منصباً على ميناء الحديدة - الشريان الرئيسي الذي يغذي ميليشياته.
فعصر السبت شن الطيران الحربي الإسرائيلي هجمات على مناطق تخزين النفط ومحطة كهرباء رأس كثيب في ميناء الحديدة، موقعاً ثلاثة قتلى و87 جريحاً وفق إحصائية وزارة الصحة في حكومة الحوثيين غير المعترف بها.
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري قد قال في تصريح متلفز مساء السبت إن الميناء الذي هاجمه الطيران الإسرائيلي يستخدم "طريق إمداد رئيسياً لإيصال الأسلحة الإيرانية من إيران إلى اليمن".
وصباح اليوم أعلن الناطق العسكري للحوثيين تنفيذ عمليتين عسكريتين استهدفتا أهدافاً في منطقة أم الرشراش (إيلات) جنوب فلسطين المحتلة، وسفينة أميركية في البحر الأحمر بعدد من الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، فيما قال الجيش الإسرائيلي إن منظومة "حيتس" الجوية الدفاعية اعترضت بنجاح صاروخ أرض - أرض أطلق من اليمن باتجاه جنوب إسرائيل، مشيراً إلى أن الصاروخ لم يدخل الأجواء الإسرائيلية.
استجابة مضادة
ويرى خبير الشؤون السياسية والاستراتيجية اليمني علي الذهب في حديث إلى "النهار العربي" أن هذه الضربة الإسرائيلية تأتي في إطار الاستجابة المضادة لما تبناه الحوثيون من استهداف لتل أبيب صباح الجمعة، سواء أكانوا يقفون فعلاً وراء هذه الهجمة أم تبنوها نيابة عن أذرع إيران الموجودة في المنطقة.
ويقول الذهب: "لأن الحوثيين لهم سابق تهديد للسفن الإسرائيلية أو التي ترتبط بإسرائيل، وسجلوا هجمات على جنوب فلسطين المحتلة في إيلات أو النقب، لهذا يمكن اعتبار هذه الضربة موجعة وردّ فعل وفقاً للأعراف العسكرية التي تنص على أن هناك مصدراً للتهديد وردّ فعل على مصدر التهديد".
ضربة موجعة
ويشير الذهب إلى أن هذه الضربة الإسرائيلية استهدفت للمرة الأولى صهاريج نفط تستغل لأغراض عسكرية، فضلاً عن الأغراض التجارية، وبالتالي أوقفت جزئياً تدفق النفط والغاز إلى ميناء الحديدة لأن هناك سفناً تنتظر إفراغ شحناتها من الوقود، وبالتالي لن تستطيع الإفراغ بسبب استهداف مناطق التخزين.
ويضيف: "أعتقد أن الضربات الأميركية والإسرائيلية كانت في مناطق عسكرية (محتملة) وليست بالدقة والقسوة ذاتيهما لأنها ضربات انتقامية، وأعتقد أن إسرائيل إذا ضربت توجع أكثر من الدول الأخرى".
ويؤكد الذهب أن الحوثي "كان يستجدي هذا القصف الإسرائيلي، وجاءت إليه الضربة التي أرادها من البداية، كي يقول إنه مقاتل شرعي في إطار معركة قومية، فهو لا يبالي بالنتائج والأضرار لأنه ليس حكومة معترفاً بها دولياً ولا يتحمل أي التزامات".
خسائر اقتصادية
المحلل العسكري الجنوبي العميد ثابت حسين يرى في حديث إلى "النهار العربي" أن الضربة التي نفذتها طائرات إسرائيلية مقاتلة ليلة السبت على ميناء الحديدة "حققت هدفها المتمثل بإلحاق خسائر اقتصادية كبيرة باقتصاد الحرب الحوثي وشريان إمدادته اللوجستية التي ظلت متاحة له منذ بداية الحرب قبل حوالي عشر سنوات".
ويضيف: "تميزت الضربة الإسرائيلية بكثافة النيران وبسرعة اختيار الهدف الحيوي وإصابته والتمهيد له، والتغطية الإعلامية والنفسية لهذه الضربة كرد إسرائيلي قوي وعنيف على هجوم حوثي في الليلة السابقة للهجوم (الجمعة)، بطائرة مسيرة، سقطت في تل أبيب، وأعلن الحوثيون بتفاخر مسؤوليتهم عنه".
واعتبر أن "الحوثيين وفروا لإسرائيل كل مبررات هذه الضربة، وفي المقابل فإن إسرائيل، من جانبها، وفرت للحوثيين مادة إعلامية لصرف أنظار الداخل اليمني عن مسؤولية الحوثيين عما وصل إليه الناس من مجاعة ومذلة وهوان في مناطق سيطرتهم".
استمرار التهديد
وعن تأثير الضربات، سواء الإسرائيلية أم سابقاتها الأميركية على قدرات الحوثيين، يقول المحلل العسكري: "حتى الآن لا يزال الحوثيون يهددون الملاحة الدولية في البحر الأحمر، ويهددون كذلك بضرب مطارات ومصالح نفطية في السعودية ويتوعدون بضرب المنشآت النفطية في اليمن الجنوبي، تحديداً في حضرموت وشبوة، وهو ما يفسر أن الضربات الجوية الأميركية لم تحد كثيراً من قدراتهم على تهديد الملاحة الدولية".