الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

الناخبون اللبنانيون في الولايات المتحدة... قضايا مصيرية تحدّد توجهاتهم

الانتخابات الأميركية
الانتخابات الأميركية
A+ A-
حسن دبوق
 
ينتظر العالم بترقب نتائج الإنتخابات الرئاسية الأميركية، بما تمثل من أهمية على المستوى الدولي وليس فقط على المستوى الأميركي. الناخب اللبناني الأميركي كغيره من الناخبين من أصول أجنبية، يركّز على نقاط عدة يعتبرها مهمة على نحوّ متشابك بين مصلحته كمواطن أميركي يعيش في الولايات المتحدة الأميركية كمواطن لبناني تربطه علاقة وثيقة بوطنه في الإغتراب.
تطفو ملفات عدة على السطح عند الحديث عن اختيار الناخب اللبناني لأحد المرشحين للرئاسة الأميركية، وهما الرئيس الحالي دونالد ترمب من الحزب الجمهوري والسياسي جو بايدن من الحزب الديموقراطي الذي شغل منصب نائب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وبحسب الأستاذ في جامعة هنري فورد والصحافي في جريدة "صدى الوطن" الأميركية عباس الحج أحمد، فإن اللبنانيين في الولايات المتحدة ينقسمون بين جمهوري وديموقراطي انطلاقاً من ملفات يجدون فيها تطلعاتهم لرئيس يراعي مصالح بلدهم الأم أيضاً.
 
العقوبات الأميركية أبرز اهتمامات اللبنانيين في ظل أزمة بلدهم الإقتصادية
على الرغم من البعد الجغرافي الذي يحكم اللبناني المغترب، إلاّ أن الأزمة الإقتصادية التي تتصاعد في لبنان تحتل اهتمامته بشكل رئيسي، حيث يعتبر الديموقراطيون اللبنانيون بحسب الحج أحمد، أن العقوبات الأميركية التي فُرضت على شخصيات وكيانات لبنانية لم تجد نفعاً في سبيل تحقيق هدفها الرئيسي، بل أصابت الشعب اللبناني في معيشته، بينما بقي الفاسدون من السياسيين بمنأى عنها. ويستحضر الديموقراطيون تجارب العقوبات التي استهدفت كوبا وفنزويلا والجمهورية الإسلامية في إيران، حيث يشيرون إلى أن العقوبات لم تستطع استهداف الأنظمة السياسية بل انعكست سلباً على معيشة الشعوب وقدرتها على النهوض بنفسها، ما يخالف سياسية ترمب اتجاه دول الشرق الأوسط لا سيما لبنان.
أما بالنسبة للجمهوريين اللبنانيين فإنهم يعتبرون أن العقوبات استطاعت محاصرة الفاسدين في لبنان، ما ترجم اختلافاً في سياسة هؤلاء المسؤولين الذين شملتهم العقوبات أو استهدفت جزءاً من كياناتهم أو رجالهم، كما يؤكدون أن الحركات الناعمة بوجه "السلاح غير الشرعي" لا تفيد، بل يجب تأسيس لوبي يسهم في فرض عقوبات أكبر على الحركات التابعة لإيران في المنطقة.
 
 
الهجرة "ملف دقيق" في الإنتخابات الأميركية
 
 
يتفق الديموقراطيون والجمهوريون من اللبنانيين على نقطة أساسية في ملف الهجرة، وهي رفض الهجرة غير الشرعية بشكل مطلق، لكنهم يختلفون فيما بينهم على ملف الهجرة الشرعية. ويشير الحج أحمد إلى أن الجمهوري اللبناني يؤيد سياسة ترمب تجاه الهجرة الشرعية، فالولايات المتحدة غير مُلزمة بجلب من لديهم حالات إنسانية من أقارب لأميركيين في الشرق الأوسط، خاصة أن عدد هؤلاء ضخم لدرجة لا يمكن لواشنطن تحمل أعباء هذه الخطوة. أما النقطة الثانية، فيطرح الجمهوريون إشكالية السماح للإسلاميين بالمجيء الى الولايات المتحدة، ما سيفتح الأبواب أمام تسهيل عمل حركات راديكالية كما يحصل في أوروبا لا سيما فرنسا التي شهدت عمليات إرهابية على خلفيات دينية في الآونة الأخيرة.
وجهة نظر الديموقراطيين تخالف هذه النقاط بالتحديد، حيث يضعون سياسية ترمب تجاه الهجرة الشرعية ضمن خانة العنصرية، كما أن هذه السياسات ستوقف ما يسمى بالحلم الأميركي الذي ساهم في بناء الولايات المتحدة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن بايدن وصف  فصل الأطفال عن عائلاتهم الذي حدث على الحدود مع المكسيك بالعمل الإجرامي وتعهد بمعالجة ملف "الحالمين" فور وصوله إلى سدة الرئاسة، وهم الأفراد الذين دخلوا الى الولايات المتحدة في سن الطفولة، وجاء ردّ ترمب على بايدن بأن سياسته وسياسة الرئيس السابق باراك أوباما هي التي بنت الأقفاص لزجّ المفصولين عن أهاليهم، في وقت استخدمت عصابات تهريب البشر الأطفال ذريعة للعبور الى البلاد.
 
"كورونا" أداة فعالة في الصراع بين الديموقراطيين والجمهوريين
 
وجّه المرشح الديموقراطي جو بايدن اتهامات لاذعة لنظيره الجمهوري دونالد ترمب، وقال إن الأخير افتقر لخطة واضحة لمواجهة جائحة كورونا، محملاً إياه المسؤولية عن عدد الوفايات جراء الفيرس، فيما رد ترمب بأنه لا يمكن إغلاق البلاد إسوة بالدول الأخرى تجنباً للأثر الإقتصادي العظيم جراء هكذا إجراء واعداً الأميركيين بجهوز اللقاح في غضون أسابيع.
ووسط هذا الأخذ والرد، ينقسم اللبنانيون في الولايات المتحدة بين مؤيد ومعارض لكلا الطرفين، فالجمهوري بحسب الحج أحمد ينظر إلى الجائحة على أنها أصابت العالم بأسره، ويرفض تحميل ترمب المسؤولية عن انتشار الفيرس وارتفاع عدد الوفيات، بل يستحضر المساعادات المادية التي دفعها الرئيس الأميركية والتي وصلت الى تريليوني دولار.
وفي هذ الصدد يرد الديموقراطيون على هذه المزاعم بأن الحقيبة التي وزعت على أشكال عدة منها مبالغ مادية وقروض ميسرة للأميركيين، أتت نتيجة اتفاق ديموقراطي جمهوري، وتمحور دور ترمب فيها بتوقيع هذا القرار لا أكثر، بل كان دوره من ناحية أخرى  "هزيلاً جداً، حيث استهتر بالفيرس ليصاب به وعائلته، كما أن الأمر صوره كزعيم لا يتكئ على معلومات طبية صحيحة في هذا المجال، وهو ما دفعه إلى أخذ قرارات دون استشارة متخصصين، ما أدى بدوره إلى تفاقم الوضع على الأرض".
 
"الصراع العربي الإسرائيلي" ملف حاضر في وعيّ الناخب اللبناني
يرى الحج أحمد أن الصراع العربي الإسرائيلي وما يشكله من تأثير مباشر على لبنان، يحضر في تفكير الناخب اللبناني، حيث يعتبر الديموقراطيون اللبنانيون أن بايدن يمكنه التعامل مع الصراع بشكل أفضل، لا سيما أن الأخير وعد بتجديد الدعم المالي للسلطة الفلسطينية ودعا إسرائيل إلى الاعتراف برغبة الفلسطينيين في إقامة دولتهم على اعتبار أن حلّ الدولتين هو السبيل الوحيد لأمن إسرائيل مع الحفاظ على هويتها كدولة يهودية وديمقراطية، لكن الجمهوريين اللبنانيين يرون في صفقة القرن التي أعلن عنها الرئيس ترمب "حلاً واقعياً لخيار الدولتين"، بعد عشرات السنين من الصراع دون الوصول إلى حل جذري له.
 
الناخب اللبناني الأميركي و ملف الانسحاب من "اتفاقية المناخ" 
إتفافية المناخ أو ما يعرف ب "كوب 21" هو أول اتفاق عالمي بشأن المناخ جاء عقب المفاوضات التي عقدت أثناء مؤتمر الأمم المتحدة في باريس عام 2015، وهو ملف يختلف عليه الجمهوريون والديموقراطيون أيضاً. يرى الصحافي عباس الحج أحمد أن الجمهوري اللبناني يعتبر أن هذه الإتفاقية ستسمح للصين في مواصلة العمل بشكل طبيعي للعام 2030 وذلك بسبب اعتبارها دولة نامية فيما يجب على الولايات المتحدة إجراء تحول في صناعتها منذ تاريخ توقيع الإتفاق، وهنا يتحدث الناخب عن فارق زمني يقدر بعشر سنوات سوف يضعف الإقتصاد الأميركي عبر تراجع الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بما يقدر بحوالي 2.5 تريليون دولار بحلول عام 2035 كما سيؤدي السير في الإتفاق إلى ارتفاع معدلات البطالة.
الديموقراطيون اللبنانيون يمتلكون وجهة نظر مختلفة في هذا الملف، ويقولون إن ترمب يتعامل مع المناخ على أساس المكاسب للمدى القصير، وليس لمستقبل الولايات المتحدة من ناحية جودة البيئة على المستوى العالمي، ويضعون حلولاً للتأثر الإقتصادي الناتج عن الإنسحاب من الإتفاق، حيث يمكن استبدال الوظائف بعدد من الوظائف الأخرى غير التقليدية في مجالات التكنولوجيا وغيرها من المجالات، كما يظهرون الجوانب الإيجابية للإتفاق،  المتمثل بتخفيض حجم الانبعاثات الكربونية، والمزايا الاقتصادية لصعود صناعات الطاقة المتجددة، فضلا عن انخفاض ما يتم إنفاقه في القطاع الصحي لمعالجة الأمراض المرتبطة بالتلوث الناتج عن الوقود الأحفوري.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم