الخميس - 19 أيلول 2024
close menu

إعلان

ذوبان الأنهر الجليدية يفجر البحيرات والسدود في شمال باكستان ويضع السكان "في فم التنين"

المصدر: "النهار"
الذوبان يجرف قرية باكملها (أ ف ب).
الذوبان يجرف قرية باكملها (أ ف ب).
A+ A-
مع بزوغ الفجر فوق قرية حسن أباد الجبلية الباكستانية، يكسر صوت انهيار مدوّ الصمت السائد في المنطقة وتتدفق سيول من النهر الجليدي الذائب المجاور تليها سحابة كثيفة.
 
وأدى الفيضان الذي حصل في أيار الماضي نتيجة موجة حرّ اجتاحت جنوب آسيا، إلى جرف منازل في القرية. وجرفت المياه كذلك محطتين صغيرتين للطاقة المائية وجسراً يربط القرية النائية بالمناطق الأخرى.

وتضم باكستان أكثر من سبعة آلاف نهر جليدي، ما يجعلها أكثر بلد يحوي هذه الكتل الجليدية الضخمة، باستثناء القطبين الشمالي والجنوبي.

ويتسبب ارتفاع درجات الحرارة في العالم المرتبط بظاهرة التغير المناخي في ذوبان الأنهر الجليدية بسرعة، ما يؤدي إلى تكوين آلاف البحيرات الجليدية. وكانت الحكومة حذّرت من أنّ 33 من البحيرات التي تكونت في سلاسل جبال الهيمالايا وهندوكوش وقراقرم، معرضة لخطر انفجار كتل جليدية وتدفق ملايين أمتار مكعبة من المياه والأنقاض في غضون ساعات قليلة، على غرار ما حصل في حسن أباد.

وكانت الحكومة الباكستانية أوضحت أنّ ما لا يقل عن 16 فيضاناً جليدياً مماثلاً سُجّل حتى الآن هذه السنة بسبب موجات الحر التي طالت البلاد، بينما يُسجّل سنوياً بين خمسة إلى ستة فيضانات في المتوسط.
 
 
وتُعتبر باكستان ثامن أكثر الدول عرضة للظواهر المناخية الشديدة الناجمة عن التغير المناخي، بحسب مؤشر المخاطر المناخية الذي أعدته المنظمة البيئية غير الحكومية "جيرمن ووتش". وكانت باكستان شهدت بشكل متزايد موجات حر أكثر سخونة من سابقاتها، إذ وصلت درجات الحرارة هذه السنة فيها إلى 50 درجة مئوية. وأدت الفيضانات وفترات الجفاف اللتان سُجلتا خلال السنوات الأخيرة إلى نزوح أو مقتل آلاف الأشخاص، إضافة إلى تدميرهما موارد رزق السكان وإلحاقهما أضراراً في البنية التحتية للمنطقة. ورغم أن قرية حسن أباد مجهزة بنظام إنذار يشمل كاميرات تراقب تدفق المياه في البحيرات الجليدية، إلا أن القرويين اعتقدوا أنهم يعيشون على ارتفاع يجعلهم بمنأى عن الكوارث، على ما يؤكد مسؤولون محليون. وتعتمد المجتمعات الجبلية على المواشي والمزارع والسياحة لكسب لقمة عيشها، إلا أن التغير المناخي يهدد هذه الوسائل كلها.
 
 
وتقول زاهدة شير، وهي باحثة في منظمة محلية غير حكومية متخصصة في التنمية إنّ "اقتصادنا يعتمد على الزراعة ولا قدرة للسكان على الرحيل من القرية". ويشير صديق الله بيغ، وهو خبير في إدارة مخاطر الكوارث في المنطقة الشمالية، لوكالة فرانس برس إلى أن نحو سبعة ملايين شخص معرضون لكوارث مماثلة، لكن كثيرين منهم لا يدركون خطورة التهديد، إذ لا يزالون يبنون منازل في مناطق صُنّفت خطرة.

وتقع شمال حسن آباد قرية باسو الصغيرة التي خسرت حتى اليوم 70% من سكانها ومساحتها بعد تعرضها للفيضانات والتآكل الطبيعي لنهرها.

وتقع القرية بين النهر الجليدي الأبيض في الجنوب ونهر باتورا الجليدي في الشمال ونهر هنزه في الشرق. وأُطلق على هذه العناصر الطبيعية الثلاثة اسم "التنانين" بسبب قوتها التدميرية. ويقول الباحث المحلي علي قربان موغاني إن "قرية باسو تقع في أفواه هذه التنانين الثلاثة".

وتتولى مجموعة من العمال أثناء تحدث موغاني بناء جدار خرساني وقائي على ضفة النهر، في محاولة لحماية القرية من خطر انجراف المياه. واقترض كامران إقبال 500 الف روبية (نحو 2400 دولار) من منظمة غير حكومية محلية ليستثمرها في إنشاء مكان مخصص للسياح، إذ أصبحت المنطقة بفضل جمال الأنهار الجليدية إحدى أفضل الوجهات السياحية في باكستان. وكان عمل إقبال يشهد ازدهاراً حتى جرف فيضان مفاجئ سُجّل السنة الفائتة استثماره.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم