الخميس - 19 أيلول 2024
close menu

إعلان

روسيا تواجه إخفاقات في دونباس ايضاً: "هذا ليس الجيش الأحمر الذي كان يزحف نحو النصر" في أوكرانيا

المصدر: أ ف ب
ازالة الركام عند مبان متضررة خلال القتال في ماريوبول في الأراضي الخاضعة لحكومة جمهورية دونيتسك الشعبية شرق أوكرانيا (12 ايار 2022، أ ب).
ازالة الركام عند مبان متضررة خلال القتال في ماريوبول في الأراضي الخاضعة لحكومة جمهورية دونيتسك الشعبية شرق أوكرانيا (12 ايار 2022، أ ب).
A+ A-
إن كانت نقاط الضعف التي كشف الجيش الروسي عنها في غزوه أوكرانيا فاجأت العالم بأسره وحملت موسكو على إعادة تركيز أهدافها على شرق البلاد، فإن قوات الكرملين تبدو أقل فاعلية مما كان مرتقبا في هذه المنطقة أيضا.

وبعدما كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واثقا على ما يبدو عند شنه الهجوم العسكري في 24 شباط بأن كييف ستسقط خلال أيام، اضطر إلى الإقرار بعجز قواته عن السيطرة على العاصمة الأوكرانية وإسقاط نظام الرئيس فولوديمير زيلينسكي.

وعند إعلان إعادة نشر جيشه في محيط الجزء الشرقي من أوكرانيا وفي منطقتي دونباس، حيث يدور نزاع مستمر منذ 2014 مع الانفصاليين الموالين لروسيا، كان المراقبون الغربيون يخشون تراجعا سريعا للقوات الأوكرانية.

وقال مارك كانسيان من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن "كنا نتوقع أن يشن (الروس) هجوما من النمط السوفياتي، هذا لم يحصل" مضيفا "استقدموا وحدات بصورة تدريجية، خطوة خطوة".

والنتيجة أن الجبهة في الشرق لا تشهد أي حركة، ما بين ضربات جوية وبالستية روسية مكثفة، وهجمات مضادة أوكرانية موضعية، لا بل أجبر الروس على التراجع في مدينة خاركيف (شمال) وخسروا بلدات صغيرة في هذه المنطقة الحدودية.

وتبين أن الجيش الروسي ليس تلك القوة الهائلة التي كان يخشاها العالم باسره.

- "ليس الجيش الأحمر" -
قال مارك كانسيان "هذا ليس الجيش الأحمر الذي كان يزحف نحو النصر تاركا قتلاه خلفه، إنه جيش صغير عليه أن يبقي خسائره نصب عينيه"، مشيرا إلى أن الروس "خسروا العديد من العناصر ذوي الكفاءة" خلال الاسابيع الأولى من المعارك الضارية.

وإن كان الكرملين نفسه أقر بتكبد "خسائر كبرى"، فإن بعض المصادر الغربية أفادت عن مقتل ما يصل إلى 12 ألف جندي روسي خلال بضعة أسابيع، فيما قدرت كييف الخسائر بـ25 ألف قتيل، وهي أعداد هائلة تؤثر على سير العمليات.

وبعيدا عن الصورة المهيبة التي ورثها الجيش الروسي، يصف الخبراء الذين اتصلت بهم وكالة فرانس برس العمليات الخارجية التي انخرط فيها مؤخرا بأنها خادعة، مشيرين إلى أن أيا من حروب روسيا في جورجيا عام 2008 والقرم عام 2014 وسوريا عام 2015 لم تهيء قواتها لمواجهة مقاومة عسكرية بمستوى القتال في أوكرانيا.

وقال ضابط كبير فرنسي ملخصا الأمر "ليست هذه حرب بين داود وجليات" مشيرا إلى نوعية الجيش الأوكراني الذي أساءت موسكو تقدير قوته على ما يبدو. وحين ظهر توازن القوة الحقيقي على الأرض، وجد الروس صعوبة في التعامل مع الأمر.

وتابع أن "التخطيط روسيا، على غرار تخطيط سلفه السوفياتي، يستند إلى حسابات رياضية لا تترك سوى هامش ضيق للمبادرة  والتعامل مع حالات غير مطابقة للخطط".

- مشكلات "بديهية" -
بالطبع، ركزت موسكو منذ نهاية آذار 80% من قواتها في الشرق، بالمقارنة بـ20% قبل ذلك، وتمكنت من إعادة نشر عدد كبير جدا من المدرعات ومن التكيف مع بعض تكتيكات الأوكرانيين.

غير أن الكسندر غرينبرغ المحلل في معهد القدس للأمن الإستراتيجية لفت إلى أن الكثير من نقاط الضعف التي لوحظت في آذار في محيط كييف تظهر اليوم في شرق البلاد، ومنها استخبارات ضعيفة وقدرة محدودة على المبادرة ووسائل لوجستية غير كافية ومعنويات متدنية لدى القوات في ظل خطة لا يفهم الجنود هدفها.

وأوضح المحلل لفرانس برس أن "كل وحدة تخوض حربها الخاصة تكتيكيا وإستراتيجيا" مضيفا "حتى لو أعلن بوتين التعبئة العامة ... من الصعب أن نرى كيف سيتخطى المشكلات التنظيمية البديهية".

ولا يحصر بعض المراقبين هذه الصعوبات بالجيش الروسي وحده، بل يؤكدون أنها تطال نظام موسكو برمته، مشيرين إلى أن رئيس هيئة الأركان فاليري غيراسيمون توجه شخصيا إلى الجبهة، ما يكشف عن ضعف في تفويض الصلاحيات.

وقال إيفان كليشتش الباحث في جامعة تارتو في إستونيا لفرانس برس إن "النظام يعتمد المركزية إلى حدّ أن بوتين نفسه يتولى عمليا السيطرة على مسائل يجدر أن تكون من صلاحيات عسكريين مهنيين".

واضاف أن "هذه وصفة تقود إلى كارثة وعامل ينبغي أخذ بالاعتبار عند النظر إلى الأداء السيء" للقوات الروسية.

وفي نهاية المطاف لم تحصل "الحرب الخاطفة" التي أعلن عنها صباح 24 شباط، والنزاع سيلقى تسوية من خلال مفاوضات إذا ما قرر الطرفان ذلك، أو سيستمر لأشهر أو ربما سنوات.

وبمعزل عما يمكن أن تحصل عليه روسيا من مكاسب، فهي خسرت الكثير، إذ اضطرت إلى مراجعة أهدافها الأساسية لخفضها، ولم تتمكن من استخدام بحريتها بل خسرت سفنا أبرزها سفينة القيادة "موسكفا" التابعة لأسطول البحر الأسود، وفشلت في السيطرة على الأجواء الأوكرانية وتكبدت انتكاسات على الأرض.

وقال إيفان كليشتش إن "روسيا حددت لنفسها تحديا أساءت تقديره إلى حد كبير، أعلنت حربا لا يمكنها الانتصار فيها".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم