أشاد البابا فرنسيس بذكرى بنديكتوس السادس عشر وذلك خلال قداس عيد رأس السنة في الفاتيكان الأحد بعد يوم على وفاة سلفه عن 95 عاما.
وقال الحبر الأعظم "اليوم نعهد البابا الفخري بنديكتوس السادس عشر العزيز إلى أم القداسة (العذراء مريم) لترافقه في عبوره من هذا العالم إلى الله".
توفي بنديكتوس، المثقف المحافظ الذي أصبح في 2013 أول بابا يتنحى عن حبريته منذ ستة قرون، السبت في مكان إقامته في دير داخل حرم الفاتيكان.
وسيُنقل جثمانه صباح الإثنين إلى كاتدرائية القديس بطرس حيث سيُسجى لثلاثة أيام ليتسنى للمؤمنين وداعه قبل مراسم دفنه التي سيترأسها البابا فرنسيس الخميس.
وقال الفاتيكان إن مراسم جنازة بنديكتوس ستكون "رسمية لكن بسيطة"، وسيدفن بعدها في أحد سراديب كاتدرائية القديس بطرس.
وكانت آخر مراسم جنازة لحبر أعظم أقيمت في 2005 للبابا يوحنا بولس الثاني، قد جذبت مليون شخص من مؤمنين ورؤساء دول من أنحاء العالم، علما بأن بنديكتوس يعد شخصية مثيرة للجدل.
والبابا الفخري عالم اللاهوت اللامع، أثار الجدل بين الكاثوليك بدفاعه القوي عن قيم تقليدية، وفي وقت بذلك جهدا لفرض سلطته على الكنيسة التي كانت تصارع سلسلة من الأزمات من بينها فضيحة ارتكاب رجال دين اعتداءات جنسية.
- رجلان باللباس الأبيض البابوي -
أشاد الرئيس الأميركي الكاثوليكي جو بايدن، ب"تفاني البابا للكنيسة" فيما استذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين البابا "المدافع عن القيم المسيحية التقليدية".
وتضع وفاة البابا الفخري حدا لتعايش غير معتاد بين رجلين يرتديان اللباس الأبيض البابوي، بنديكتوس وفرنسيس، في الدولة الصغيرة.
وتدهورت صحة البابا بنديكتوس قبل فترة، وكان قد انسحب بشكل شبه تام من الحياة العامة عندما أعلن البابا فرنسيس أن حالته ساءت.
وفي صلاة لمناسبة رأس السنة مساء السبت، أشاد فرنسيس بسلفه "العزيز جدا" واستذكر "شخصه النبيل واللطيف".
وبعد صلاة صباح الأحد لمناسبة اليوم العالمي للسلام سيترأس البابا صلاة التبشير ويخاطب المؤمنين الساعة 11,00 ت غ.
وكان فرنسيس (86 عاما) قد تحدث العام الماضي عن احتمال تنحيه في حال عجزه عن القيام بمهامه.
فقد أقر في تموز، وبسبب مشكلة في الركبة اجبرته على الاستعانة بكرسي متحرك، أن عليه تقليص نشاطاته أو التفكير في احتمال التنحي.
وفي وقت سابق في كانون الأول، كشف البابا الأرجنتيني إنه وقع خطاب استقالة قبل عشر سنوات، إذا ما منعته مشكلة صحية من القيام بواجباته.
- "حارس العقيدة" -
ولد بنديكتوس في 16 نيسان 1927 في ماركتل أم إن في بافاريا. وأصبح لدى بلوغه 78 عاما أول بابا من أصل ألماني في العصر الحديث.
ونُكست الأعلام السبت في دار بلدية ماركتل حيث أقيم قداس خاص في الكنيسة التي تعمّد فيها.
وقال أحد الأهالي ويدعى كارل مايكل نوك (55 عاما) إن وفاته "ربما كانت خلاصا" مشيدا بالبابا الراحل لتنحيه، ومدافعا عن سجله.
وبنديكتوس المقرب لفترة طويلة من يوحنا بولس الثاني، والكاردينال الكبير في التسلسل الهرمي للكنيسة الكاثوليكية، كان أبرز المرشحين ليصبح الحبر الأعظم في 2005. لكنه قال في وقت لاحق إن "الشعور الذي راودني: المقصلة".
وبعكس سلفه فرنسيس اليسوعي الذي يحب الاختلاط بين أبناء رعيته، فإن بنديكتوس كان يفضل البقاء في المنزل مع كتبه، وكان يحب القطط ويستمتع بالدارسة وعزف البيانو.
وأصبح رئيس مجمع العقيدة والإيمان في روما حتى انتخابه في 2005، لكنه بذل جهودا مضنية لاحتواء عدد من الفضائح التي شهدتها الكنيسة خلال فترة حبريته، ليس أقلها فضيحة تحرش رجال دين جنسيا بالأطفال.
وكان بنديكتوس أول بابا يلتقي ضحايا التحرش الجنسي، لكن منتقدين أخذوا عليه عدم بذل جهد كاف في الرد على المشكلة وعقود من التستر.
وأثارت تصريحاته مرارا الجدل، كتلك التي أغضبت المسلمين في أنحاء العالم إلى فضيحة غسيل الأموال وصولا إلى فضيحة في العام 2012 عندما سرب مساعده الشخصي وثائق سرية للفاتيكان في ما أطلقت عليها تسمية "فاتيليكس".
وسيتذكره الناس لاهوتيا "لكنه لم يكن يملك الشخصية المعنوية اللازمة للبابا" على ما قال الخبير في شؤون الفاتيكان الإيطالي ماركو بوليتي.
لكن بعد استقالته، بقي بنديكتوس حامل راية الجناح المحافظ في الكنيسة.
ورأى بوليتي في تصريحات لوكالة فرانس برس أن بوفاة بنديكتوس يفقد الذين حاربوا نظرة أكثر ليبرالية لفرنسيس "رمزا حيا".