وسط هتافات النواب "وداعاً بوريس"... جونسون: لن أستقيل

رفض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الاستقالة من منصبه، اليوم، رغم موجة استقالات من حكومته على وقع سلسلة فضائح، ليزداد الضغط عليه بينما يخضع إلى استجواب في مجلس النواب.

ويبدو أن قبضة رئيس الوزراء، البالغ 58 عاماً، على السلطة تتراخى منذ ليل الثلثاء بعدما استقال ريشي سوناك من منصب وزير المال وساجد جاويد من منصب وزير الصحة بفارق عشر دقائق بعدما سئما من سلسلة الفضائح التي تهز الحكومة منذ أشهر.

وخلال جلسة مساءلة رئيس الحكومة الأسبوعية في البرلمان، ضيّق النواب من مختلف التوجّهات الخناق على جونسون.

لكنه تجاهل الدعوات للاستقالة وقال للنواب إنّ "مهمة رئيس الوزراء في ظروف صعبة عندما يُمنح تفويضاً هائلاً، هي الاستمرار وهذا ما سأفعله".

وبعد الجلسة، حضّ جاويد باقي الوزراء على الاستقالة، قائلاً: "المشكلة تبدأ من أعلى الهرم وأعتقد أنه لن يتغيّر.. يعني ذلك أن على أولئك الذين يتولون هذا المنصب ويتحملون المسؤولية، إحداث هذا التغيير".

وبعد الخطاب، هتف النواب "وداعاً بوريس".

وأثارت استقالتا سوناك وجاويد موجة استقالات لوزراء دولة ومساعدين. واستقال خمسة وزراء دولة دفعة واحدة في رسالة مشتركة أعقبت جلسة المساءلة بساعتين.

"مصممون على رحيله"

وما زال على جونسون الخضوع لجلسة استجواب تدوم ساعات أمام رؤساء أهم لجان مجلس العموم، علما أن بينهم بعض أشد معارضيه في صفوف حزبه المحافظ.

وجاءت الاستقالة المفاجئة لوزيرَي الصحة والمال بعد دقائق من اعتذار رئيس الوزراء على تعيين المحافظ كريس بينشر الذي استقال من منصبه الأسبوع الماضي بعدما اتُّهم بالتحرّش برجلين بينما كان ثملاً.

وتم على الفور تسليم حقيبة المال لوزير التعليم السابق ناظم الزهاوي الذي أقر بصعوبة المهمة الملقاة على عاتقه.

وقال لـ"سكاي نيوز": "لا يمكنك تولي هذه الوظيفة والاستمتاع بحياة سهلة".

وأعقبت استقالة بينشر من منصب مساعد المسؤول عن الانضباط البرلماني للنواب المحافظين سلسلة تبريرات متضاربة.

في البداية، نفى داونينغ ستريت بأن جونسون كان على علم بالتهم السابقة لبينشر عندما عينه في شباط.

لكن بحلول الثلثاء، انهارت هذه الحجة بعدما قال موظف حكومي رفيع سابق إن جونسون أُبلغ عندما كان وزيرا للخارجية عام 2019 بحادثة أخرى مرتبطة بحليفه بينشر.

واستقال وزير الدولة لشؤون الأطفال والعائلات ويل كوينس في وقت مبكر الأربعاء، قائلاً إنّه لا يملك "خيارا" آخر بعدما نقل "بحسن نية" معلومات إلى وسائل الاعلام الاثنين حصل عليها من مكتب رئيس الوزراء "وتبيّن أنها غير صحيحة".

وأكد أندرو بريدجن، عضو البرلمان عن حزب المحافظين وأحد أشد منتقدي جونسون، لشبكة "سكاي نيوز" أنّ قضية بينشر كانت "القشة التي قصمت ظهر البعير" بالنسبة لكثيرين.

وأضاف: "أنا والكثير من أعضاء الحزب مصممون الآن على رحيله بحلول العطلة الصيفية (التي تبدأ في 22 تموز)".

وما زال وزراء كبار آخرون في الحكومة بينهم وزيرة الخارجية ليز تراس ووزير الدفاع بن والاس، يدعمون جونسون لكن كثيرين منهم يتساءلون إلى متى يمكن أن يستمر هذا الوضع.

وكشف استطلاع سريع لـ"سافانتا كومريس" Savanta ComRes الأربعاء بأن ثلاثة من كل خمسة ناخبين محافظين يرون أنه لم يعد بإمكان جونسون استعادة ثقة الشعب، بينما يعتقد 72 في المئة أن عليه الاستقالة.

"صعوبات داخلية"

ونجا جونسون بفارق ضئيل في تصويت لسحب الثقة أجراه النواب المحافظون قبل شهر، ما يعني حسب العرف أنه لن يتعرّض لتحدٍّ جديد من هذا النوع قبل عام.

لكن "لجنة 1922" النافذة والتي تضم نوابا محافظين لا يملكون حقائب وزارية تسعى لتغيير هذه القاعدة، بحسب ما أفادت تقارير إعلامية، بينما يتوقع بأن تعقد لجنتها التنفيذية اجتماعا في وقت لاحق الأربعاء.
ووصف عضو حزب المحافظين جايكوب ريس-موغ الداعم لجونسون والذي يتولى منصب "وزير فرص بريكست" الاستقالات بأنهما مجرّد "صعوبات داخلية صغيرة" تواجه الحكومة.
وتُعدَ استقالة سوناك على وجه الخصوص نبأ سيئاً بالنسبة لجونسون في ظل خلافات سياسية بشأن ملف ارتفاع تكاليف المعيشة في بريطانيا.

ويخضع رئيس الوزراء الذي غرّمته الشرطة على خلفية ما باتت تعرف بفضيحة "بارتي غيت" إلى تحقيق برلماني لتحديد إن كان كذب على النواب بشأن هذه القضية.

وتذكّر استقالة بينشر من منصبه، والتي تتوازى مع اتهامات للنواب المحافظين بسوء السلوك الجنسي، بالفضائح التي هزت حكومة جون ميجر في التسعينيات.

واستقال النائل نيل باريش في نيسان بعدما ضُبط وهو يشاهد أفلاماً إباحية على هاتفه المحمول في مجلس العموم.

وأدى الأمر إلى إجراء انتخابات تكميلية لشغل مقعده الذي لطالما ظفر به المحافظون في السابق، ليخسره الحزب في انتصار تاريخي للحزب الليبرالي الديموقراطي.

وهزم حزب العمال المعارض المحافظين في انتخابات تكميلية أخرى نُظّمت في شمال انكلترا في اليوم ذاته، نتيجة إدانة النائب المحافظ عن المنطقة باعتداء جنسي.