السبت - 29 حزيران 2024

إعلان

عشر سنوات على مقتل صحافيَّين في حمص... التحقيق الفرنسي لم ينته بعد

المصدر: أ ف ب
امرأة وطفل في مخيم روج شمال شرق سوريا (3 شباط 2022، أ ب).
امرأة وطفل في مخيم روج شمال شرق سوريا (3 شباط 2022، أ ب).
A+ A-
بعد عشر سنوات على مقتل الصحافية الأميركية ميري كولفن والمصور الفرنسي ريمي أوشليك في قصف في سوريا في 22 شباط، لا يزال أقرباؤهما والمراسلة إيديث بوفييه التي أصيبت يومها بجروح بانتظار إطلاق ملاحقات قضائية ضد مسؤولين سوريين.

وتشكو مارتين والدة أوشليك وزوجها فرنسوا لوكاتيكي من أن أمد التحقيق "طويل جدا"، ويضيفان "تساؤلات كثيرة تطرح، هل تم بذل كل الجهود لتوضيح ملابسات هذه القضية".

ففي العام 2012 فتح القضاء الفرنسي تحقيقا في قصف مدفعي أدى إلى مقتل أوشليك، المصوّر الذي يعمل لحسابه الخاص والبالغ 29 عاما، وميري كولفن، صحافية صنداي تايمز البالغة 56 عاما، وجرح إيديث بوفييه والمصور البريطاني بول كونروي والمترجم السوري وائل العمر.

لكن إلى الآن أي اتّهام لم يوجه.

وبالعودة إلى الأحداث، في 21 شباط اجتمع الصحافيون الغربيون الذين كانوا قد دخلوا للتو حمص المحاصرة من جانب قوات الرئيس السوري بشار الأسد، في منزل تم تحويله إلى مركز للصحافيين في باب عمرو، معقل متمردي "الجيش السوري الحر".

وكانوا قد استيقظوا صباحا على وقع انفجارات في مؤشر لاستهداف قوات النظام الحي.

ومع أولى الطلقات التي استهدفت المبنى قرروا الخروج منه. فقتل كل من كولفن وأوشليك اللذين كانا أول الخارجين من جراء قذيفة هاون. في الداخل طرح عصف الانفجار الباقين أرضا، وقد تعرّضت بوفييه (31 عاما) لإصابة بالغة في الركبة.

وبعد ثمانية أيام أخرجت من سوريا إلى لبنان ومنه أعيدت إلى فرنسا.

- قصف "أعمى" -
في باريس فتحت النيابة العامة في الثاني من آذار 2012 تحقيقا في تهمة القتل ومحاولة القتل، وبعد بضعة أشهر تم تكليف قاضية تحقيق بالقضية.

في العام 2014، في حين كانت القاضية تتهيّأ إلى إعلان وقف التحقيقات، تمكّن دافيد بار الذي كان حينها محامي الدفاع عن بوفييه من انتزاع إعادة إطلاق التحقيقات وتوسيع نطاقها إلى "جرائم حرب".

وشدد على أن ما تعرّض له الحي كان قصفا "أعمى" استهدف "بشكل أساسي البنى التحتية المدنية ومناطق سكنية".

وسعى قطب الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس الذي ورث الملف إلى إعادة تكوين الإطار التسلسلي للأحداث وتحديد التسلسل القيادي للضربات.

ومذّاك تم الاستماع في فرنسا وخارجها إلى عشرات الشهادات التي أدلى بها شهود في صفوف المتمردين ومنشقون عن الجيش السوري ومطّلعون على النزاع، وتم جمع تحليلات للأوضاع السياسية والعسكرية ومذكرات لوزارة الدفاع.

وقال محقّقو المكتب المركزي لمكافحة العنف ضد الأشخاص في تقرير أصدروه في حزيران 2019 واطّلعت عليه وكالة فرانس برس إنه مما لا شك فيه إن المبنى الذي كان فيه الصحافيون "استهدفه نظام بشار الأسد".

وشددوا على أن القوات الموالية للنظام "لم تكن غير مدركة لوجود صحافيين أجانب في المركز حين تم تدميره".

في كانون الثاني 2019 أصدرت محكمة مدنية أميركية حكما بحق الدولة السورية قضى بأن تسدّد أكثر من 300 مليون دولار لأقرباء ميري كولفن. واعتبرت المحكمة أن قوات الجيش وأجهزة الاستخبارات السورية كانت قد رصدت إشارات الإرسال الصادرة عن الهواتف الساتلية (هواتف الاتصال عبر الاقمار الاصطناعية) للصحافيين وقرّرت استهدافهم.

في فرنسا، لا تزال القاضية بصدد الاستماع إلى مزيد من إفادات المنشقين عن الجيش السوري، في حين يوجّه الأطراف المدنيون انتقادات لطول أمد المسار القضائي.

وتقول ماري دوزي التي تتولى الدفاع عن بوفييه منذ العام 2018 "إنه تحقيق قضائي شهد تغييرات متتالية للقضاة ويجب ألا يغرق في عناصر السياق".

- مذكرات توقيف -
وبناء على عناصر تعتبرها "كافية"، تدعو المحامية القاضية إلى إصدار مذكّرات توقيف دولية ضد المسؤولين الرئيسيين عن القصف.

ومن بين الأسماء التي غالبا ما تتم الإشارة إليها: ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري وقائد الفرقة الرابعة المدرّعة، ورفيق شحادة، رئيس اللجنة الأمنية والعسكرية في حمص.

وأشارت كليمان بيكتارت محامية عائلة أوشليك إلى أن "القضاء أصدر بالفعل مذكرات توقيف في قضية أخرى تستهدف النظام السوري".

ففي العام 2018 صدرت مذكرات توقيف بحق ثلاثة من مسؤولي النظام هم علي مملوك وجميل حسن وعبد السلام محمود للاشتباه بتورطهم في انتهاكات ضد شخصين يحملان الجنسيتين الفرنسية والسورية.

وقالت بوفييه "إن لم تجر ملاحقات أو محاكمة، أخشى أن يُنظر عمّا قريب إلى بشار الأسد بصفته رئيسا كغيره من الرؤساء".

وأضافت "قضيتنا هي موت مواطنين فرنسيين وأميركيين، لكن كل ذلك وسط مجزرة طاولت الشعب بأسره". 

واعتبرت بيكتارت أن "سحق حمص وباب عمرو (...) كان أولوية للنظام السوري، علاوة على أن وسائل إعلام غربية كانت شاهدة على جرائم الحرب التي كانت ترتكب فيهما".

وبالفعل شكّل القصف "منعطفا" عبر ثني الصحافيين الدوليين عن ذلك.

وقالت عائلة أوشليك "ندرك بشكل جيد جدا أن فرص توقيف هؤلاء الأشخاص قليلة جدا"، وتتدارك "لكننا نريد محاكمة ولو غيابيا، لكي لا يتكرر ما حصل، ولتقديم شهادة، ولو بالحد الأدنى، على ممارسات بشار الأسد".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم