مع دخول المعارك في السودان أسبوعها الثاني... إجلاء طاقم السفارة الأميركية في الخرطوم

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم الأحد أنّ القوات الأميركية قامت بإجلاء موظّفي سفارة الولايات المتّحدة لدى الخرطوم، حيث دخلت المعارك بين الجيش السوداني وقوّات الدّعم السريع أسبوعها الثاني.

وخلف القتال في السودان مئات القتلى وآلاف الجرحى، بينما يُحاول السودانيّون التأقلم مع انقطاع الكهرباء ونقص المواد الغذائية.

وقال بايدن في بيان: "اليوم بناء على أوامري، نفّذت القوات الأميركية عملية لإخراج موظفين حكوميين أميركيين من الخرطوم. أنا فخور بالالتزام غير العادي لموظفي سفارتنا في الخرطوم الذين أدوا واجبهم بشجاعة ومهنية".

وأعرب بايدن عن شكره لـ"المهارة الفائقة لجنودنا الذين قاموا بنقلهم إلى برّ الأمان"، مضيفاً أنّ جيبوتي وإثيوبيا والسعودية ساعدت في هذه العمليّة.
 
 
 
كما بدأت فرنسا "عملية إجلاء سريع" لمواطنيها ولطاقمها الديبلوماسي من السودان على ما أعلنت وزارة الخارجية الفرنسيّة الأحد.

ولفتت الخارجية الفرنسيّة إلى أنّ العمليّة ستشمل أيضاً مواطنين أوروبيّين وآخرين منحدرين من "دول شريكة حليفة"، دون أن تقدّم تفاصيل إضافية. ويأتي الإعلان عن المبادرة الفرنسيّة بعدما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن مساء السبت أنّ القوات الأميركية نفذت مهمة لإجلاء موظفي السفارة الأميركية من الخرطوم.
 
واعتزمت تركيا اليوم الأحد إجلاء مواطنيها من السودان بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية التركية مساء السبت.

وقالت الوزارة في بيان "تقرّر في 23 نيسان ضمان إعادة مواطنينا الموجودين في مناطق النزاع برّاً عبر المرور بدولة ثالثة" دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

وبحسب الوزارة فإن الإجلاء سيشمل أيضاً "رعايا دول ثالثة طلبوا المساعدة".

ويعيش نحو 600 مواطن تركي في السودان.

وكان من المقرر إجلاء الأتراك من اثنين من أحياء الخرطوم وود مدني التي تبعد نحو 200 كيلومتر جنوباً، صباح الأحد بدءاً من الساعة السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي.

ولكن أعلنت سفارة تركيا في الخرطوم في تغريدة عن تأجيل موعد إجلاء الأتراك في حي كافوري شمال الخرطوم "حتى إشعار آخر" بسبب انفجار وقع صباح الأحد قرب مسجد مخصص كموقع للتجمع.

أخلت الولايات المتحدة سفارتها في الخرطوم، بينما أعلنت فرنسا بدء عملية إجلاء بدورها لمواطنيها ورعايا آخرين.

 
 
وكانت قوّات الدّعم السريع التي يقودها الفريق أوّل محمد حمدان دقلو في السودان قد غرّدت قبل ساعات أنها "قامت فجر اليوم الأحد، بالتنسيق مع بعثة القوات الأميركية المكوّنة من 6 طائرات بغرض إجلاء الدبلوماسيّين وأسرهم".

وأعلنت دول أجنبية عدّة أنّها تستعدّ لإجلاء محتمل لآلاف من رعاياها، على الرّغم من استمرار إغلاق المطار الرئيسي في السودان.

وكان أكثر من 150 شخصاً من السعوديّين ورعايا دول أخرى قد وصلوا بحراً إلى جدّة السبت، في أول عملية إجلاء معلنة لمدنيين من السودان منذ اندلاع المعارك.

وأشارت الخارجية السعودية إلى أنّ الأجانب هم من 12 دولة هي "الكويت وقطر والإمارات ومصر وتونس وباكستان والهند وبلغاريا وبنغلادش والفليبين وكندا وبوركينا فاسو، وبينهم ديبلوماسيون ومسؤولون".
 
 
 


ومع نقل القوات البحرية السعودية للرعايا المدنيين عبر البحر الأحمر من بور سودان إلى جدة، استؤنف القتال في الخرطوم بعد هدنة وجيزة شهدت وقفاً لإطلاق النار في أول أيّام عيد الفطر الجمعة.

وأكّد قائد الجيش الفريق أوّل عبد الفتاح البرهان في بيان موافقته على "طلب عدد من الدول تسهيل وضمان تأمين إجلاء رعاياها وبعثاتها الديبلوماسية من البلاد"، و"تقديم المساعدة اللازمة لتأمين ذلك".
 
 
 

وأفاد البيان بأنّه "ينتظر أن تبدأ عمليّة إجلاء كلّ البعثات التي تطلب دولها ذلك خلال الساعات القادمة".

وتابع بأنّ كلّاً من الولايات المتّحدة وبريطانيا وفرنسا والصين ستقوم بإجلاء دبلوماسيّيها ورعاياها جوّاً "بطائرات نقل عسكري من الخرطوم، ويتوقّع الشروع في ذلك فوراً".

وشدّد البرهان لقناة على أنّ "كل المطارات تحت سيطرة الجيش"، باستثناء مطارَي الخرطوم ونيالا بولاية جنوب دارفور حيث "توجد إشكالية".
 
 

- "رائحة دماء" -
والسبت سمع دوي إطلاق نار كثيف وانفجارات وأزيز طائرات حربية في مناطق كثيرة من العاصمة، وفق ما أفاد شهود.

وكان الجيش أعلن الجمعة أنّه "وافق على وقف لإطلاق النّار لمدة ثلاثة أيام" بمناسبة عيد الفطر، دعا إليه قبل يوم واحد الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريس ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.

كما تم تجاهل وقف إطلاق نار لمدة 24 ساعة أُعلن في وقت سابق من الأسبوع.

وأكّدت قوات الدعم السريع في تغريدتها على "تعاونها الكامل مع البعثات الديبلوماسية كافة ووقوفها إلى جانبهم وتقديم سبل الحماية اللازمة لضمان عودتهم إلى بلدانهم آمنين".

وقال دقلو في بيان إنه "ناقش الأزمة الحالية" مع غوتيريس و"ركّز على الهدنة الإنسانية والممرات الآمنة وحماية العاملين في المجال الإنساني".
 
 
 


ويصعب كثيراً معرفة تفاصيل التطوّرات الميدانيّة في ظل خطر التنقّل، فيما يؤكّد كل من الطرفين تقدمه. لكن لا يمكن معرفة من يسيطر على ماذا في العاصمة التي هجر شوارعها المدنيون.

في الخرطوم، التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة، قلب الصراع حياة المدنيين الذين احتموا يتملكهم الرعب داخل منازلهم من دون كهرباء في أجواء من الحرّ الشديد.

ويجازف عدد منهم بالخروج للحصول على مواد غذائية على نحو عاجل أو للفرار من المدينة.
 
 

وقال أحد السكان سامي النور لوكالة "فرانس برس" إنّ العيد يجب أن يكون "مع الحلويات والمعجنات وأطفال سعداء وتحية الأقارب"، لكن بدلاً من ذلك هناك "إطلاق نار ورائحة دماء حولنا".

خلال المعارك العنيفة في الخرطوم خلال الأيام الماضية، شنّت طائرات مقاتلة ضربات على مواقع عدة، بينما جابت دبابات الشوارع وأطلق الرصاص والمدفعية في مناطق مكتظة. لكن العنف امتد إلى أنحاء أخرى من البلاد أيضاً.
 
 
 

واتّهم الجيش في وقت متأخّر من الجمعة قوّات الدّعم السّريع بشنّ هجمات في المدينة التوأم للعاصمة أم درمان حيث أخرجوا "عدداً كبيراً من نزلاء أحد السجون". لكن "الدعم السريع" نفت ذلك.

ووقعت معارك في إقليم دارفور في غرب السودان حيث قالت منظمة "أطباء بلا حدود" في مدينة الفاشر إنّ الوضع "كارثي"، و"لا يتوفّر عدد كافٍ من الأسرّة لاستيعاب عدد الجرحى الهائل"، وبينهم عدد كبير من الأطفال.

- توقف المستشفيات -
وبات موضوع إجلاء الديبلوماسيين والرعايا يشكّل موضوعاً ضاغطاً خصوصاً للدّول الغربية، في ظل تواصل المعارك.

وتقوم أطراف عدّة بينها الاتّحاد الأوروبي، بإعداد خطط لإجلاء رعاياها الأجانب، بينما نشرت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان قوات في دول مجاورة استعداداً لعمليّات كهذه.

وذكرت مجلة "دير شبيغل" الألمانية أنّ وزيريّ الدفاع والخارجية عقدا اجتماعاً طارئاً السبت لمناقشة إمكانية القيام بعملية إجلاء بعدما اضطرت ثلاث طائرات عسكرية للعودة وعدم إكمال مهتمها الأربعاء.

وقالت "منظمة الصحة العالمية" إن أكثر من 420 شخصا قُتلوا وأصيب ما يزيد عن 3,700 بجروح جراء القتال في جميع أنحاء السودان، لكن يُعتقد أنّ العدد الفعلي للقتلى أكبر من ذلك.
 
 
 


وقالت لجنة "أطباء السودان" إنّ أكثر من ثلثي المستشفيات في الخرطوم والولايات المجاورة "توقفت عن العمل". وتعرّضت أخرى للنهب وقُصفت أربعة مستشفيات على الأقل في ولاية شمال كردفان.

وقال برنامج الأغذية العالمي إنّ العنف قد يوقع ملايين آخرين في براثن الجوع في بلد يحتاج فيه 15 مليون شخص - أي ثلث السكان - إلى المساعدات.

ودعت مجموعة الأزمات الدولية إلى ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لوقف الانزلاق إلى "حرب أهلية شاملة".