بعثة الأمم المتحدة تغادر مدينة كيدال الاستراتيجيّة في شمال مالي

أعلنت جماعات انفصالية يهيمن عليها الطوارق، الثلثاء، سيطرتها على معسكر لبعثة بعثة الأمم المتحدة في مدينة كيدال الاستراتيجية بشمال مالي، بعد ساعات من إعلان البعثة مغادرة المدينة الاستراتيجية في المعركة بين الدولة المركزية والجماعات المسلحة.

وقال مسؤول في البعثة في المكان لوكالة فرانس برس "لقد غادرنا كيدال هذا الصباح (الثلثاء)".

وقال ضابط في بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) طالبا عدم كشف هويته نظرا لحساسية الموضوع، إن "القافلة البرية في طريقها إلى غاو" المدينة الكبرى في شمال البلاد على بعد حوالي 350 كيلومترا. وأضاف أن القافلة تضم أكثر من 100 مركبة.

وقالت مصادر داخل البعثة إن عملية إخلاء المعسكر قد تنتهي خلال اليوم.

وسارع الانفصاليون لإعلان سيطرتهم عليه.

وقال "الاطار الاستراتيجي الدائم" في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه "نحن نسيطر على المناطق التي أخلتها مينوسما في كيدال".

وقد دفع التدهور الأخير للوضع الأمني بين جميع الجهات المسلحة المتنافسة للسيطرة على مناطق في الشمال (الانفصاليون والجهاديون والجيش النظامي) بعثة مينوسما إلى تسريع انسحابها من قواعدها، مما أثار استياء المجلس العسكري الحاكم في باماكو.

وكان من المقرر الانسحاب من كيدال في منتصف تشرين الثاني.

وكانت عملية الانسحاب الواسعة والدقيقة من كيدال مرتقبة منذ أسابيع باعتبارها الأخطر ضمن كل العمليات التي نفذتها مينوسما منذ آب.

وتخضع كيدال لسيطرة المتمردين الذين يهيمن عليهم الطوارق. وقد استأنفت هذه الجماعات المسلحة التي أبرمت اتفاقا لوقف إطلاق النار واتفاق سلام مع الحكومة في عامي 2014 و2015، أعمالها العدائية

وهي تعارض تسليم مينوسما معسكراتها إلى سلطات مالي.

في المقابل، جعل العسكر الذين استولوا على السلطة في عام 2020، من استعادة السيادة على المنطقة شعارهم.

ويثير التمرد في كيدال، البؤرة التاريخية للتمرد الانفصالي الذي يهز مالي منذ استقلالها والمنطقة التي مني فيها الجيش بهزائم نكراء بين عامي 2012 و2014، غضب باماكو.

وأرسل الجيش المالي في الثاني من تشرين الأول قافلة مهمة باتجاه كيدال استعدادا لرحيل بعثة مينوسما.

وكان الرتل لا يزال في النفيس على بعد 110 كلم جنوب كيدال. كما أرسل الجيش تعزيزات إلى تيساليت على بعد 200 كيلومتر من كيدال.

وكيدال هو المعسكر الثامن الذي تخليه بعثة مينوسما منذ آب في الشمال والوسط، من أصل 12 التي تنسحب على عجل وتحت التهديد.

- عراقيل -
وطالب المجلس العسكري وحصل من مجلس الأمن في حزيران بعد أشهر من تدهور العلاقات مع مينوسما، على انسحاب البعثة المنتشرة منذ عام 2013 في هذا البلد الذي يشهد نشاطا لجماعات جهادية وأزمة متعددة الأبعاد.

وندد المجلس العسكري بـ"فشل" البعثة و"استغلال" قضايا حقوق الانسان.

وكان من المقرر أن تنسحب البعثة التي يُقدّر عديدها بنحو 15 ألف جندي وشرطي بينهم أكثر من 180 عنصرًا قُتلوا في هجمات، بحلول 31 كانون الأول. 

ويقر مسؤولون أمميون بأن إخلاء المعسكرات في منطقة كيدال أكثر تعقيدا مما كان متوقعا، وذلك بسبب التوترات التي تهدد الموظفين، وأيضا بسبب العقبات التي يضعها المجلس العسكري.

وفي الوقت نفسه الذي استأنف فيه الانفصاليون القتال، كثفت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وهو تحالف جهادي تابع لتنظيم القاعدة، هجماتها ضد مواقع الجيش، مستغلة الظروف لتعزيز نفوذها ومواصلة القتال ضد الدولة وأي وجود أجنبي.

وغادرت مينوسما مؤخرا مخيم أغيلهوك دون تسليمه رسميا للسلطات المالية.

وتظهر الصور المتداولة على شبكات التواصل الاجتماعي المتمردين الانفصاليين وهم يراقبون عن كثب عملية انسحاب بعثة مينوسما من كيدال.

استمرت العلاقات المتوترة أصلا بين المجلس العسكري ومينوسما في التدهور مع انسحاب قوات حفظ السلام من الشمال.

وتشكو مينوسما من عدم إصدار تصاريح طيران مما يضطرها للقيام برحلات برية طويلة وخطيرة تعرّض قواتها لهجمات وعبوات ناسفة يزرعها الجهاديون.

وقالت قوات حفظ السلام إن قوافلها تواجه عراقيل أثناء تنقلاتها واضطرت ايضا الى تدمير أو التخلي عن تجهيزات مثل العربات والذخيرة والمولدات الكهربائية التي لم تتمكن من نقلها معها، وفق قواعد الأمم المتحدة.