النهار

قطر تقود جهوداً للإفراج عن عدد من الرهائن لدى "حماس" في مقابل هدنة بيوم أو يومين والمعارك تتواصل في شمال غزة
المصدر: "أ ف ب"
قطر تقود جهوداً للإفراج عن عدد من الرهائن لدى "حماس" في مقابل هدنة بيوم أو يومين والمعارك تتواصل في شمال غزة
شاب يقف أمام فجوة في ما كان في السابق جداراً في مبنى تعرّض للقصف الإسرائيلي، في خان يونس بجنوب قطاع غزة (أ ف ب).
A+   A-
تركّزت المعارك بين الجيش الإسرائيلي وحماس الأربعاء في مدينة غزة في شمال القطاع المحاصر بعد دخول الحرب شهرها الثاني، فيما تقود قطر جهود وساطة لإطلاق عدد من الرهائن تحتجزهم الحركة الفلسطينية في مقابل هدنة موقتة.

وأعلنت إسرائيل أن جيشها بات "في قلب مدينة غزة"، بينما تتكثّف عمليات القصف الجوي والمدفعي الذي أودى حتى الآن بـ10569 قتيلاً، بينهم 4324 طفلاً و2823 سيدة بالإضافة إلى إصابة 26475 مواطناً وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.

وبالإضافة إلى الموت والدمار الذي يحيط بهم من كل صوب، يعاني الفلسطينيون من نقص كبير في الماء خصوصاً والمواد الغذائية والأدوية، فيما تستمرّ معاناة المستشفيات التي تحتاج إلى الوقود.
 

وأظهرت لقطات التقطها مراسل لوكالة "فرانس برس"، عدداً من السكان الذين ما زالوا في مدينة غزة، يصطفون أمام صهاريج من أجل التمكن من الحصول على المياه.

وشنّت حماس قبل شهر هجوماً مباغتاً غير مسبوق في تاريخ الدولة العبرية على جنوب إسرائيل حيث قتل منذ ذلك التاريخ 1400 شخص، غالبيتهم من المدنيين قضوا بمعظمهم في اليوم الأول للهجوم.

ووزّع الجيش الإسرائيلي الأربعاء لقطات مصورة لعملياته البرية، تظهر فيها دبابات وجرافات عسكرية وهي تتقدم وسط مبان مدمّرة بشكل شبه كامل. وأظهرت اللقطات الجنود وهم يدخلون بعض المباني التي خرقتها القذائف والرصاص، بينما تسمع أصوات انفجارات.
 
من جهتها، أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام في بيان أن مقاتليها تمكنوا الأربعاء من "تدمير 16 آلية عسكرية كلياً أو جزئياً في مختلف محاور القتال"، كما تحدثت عن "عمليات قنص" واستهداف للقوات المتوغلة بقذائف الهاون.

"في انتظار الرد الإسرائيلي" 
 
في خضم المعارك، أكدت مصادر لوكالة "فرانس برس" أن قطر تقود جهوداً للإفراج عن عدد من الأسرى لدى حماس في مقابل هدنة بيوم أو يومين.

وقال مصدر مطلع على الوساطة لـ"فرانس برس" شرط عدم كشف اسمه لحساسية المحادثات، "تجري مفاوضات بوساطة قطرية بالتنسيق مع الولايات المتحدة، لتأمين إطلاق سراح 10 إلى 15 رهينة مقابل وقف إطلاق نار لمدة يوم أو يومين" في غزة.
 

وأكد مصدر مقرب من حركة حماس وجود مفاوضات حول "وقف إنساني لثلاثة أيام" مقابل إطلاق سراح 12 رهينة "نصفهم أميركيون".

وأكد المصدر أن إحراز تقدم حول الهدنة متوقف حالياً على "مدة" الهدنة و"شمال قطاع غزة الذي يشهد عمليات قتالية واسعة النطاق"، لافتاً إلى أن "قطر تنتظر الرد الإسرائيلي".

وتحتجز حماس نحو 240 رهينة بين إسرائيليين وأجانب، وفق السلطات الإسرائيلية.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جدد الأربعاء رفضه وقف إطلاق النار ما لم يتم الإفراج عن الرهائن، وقال "أريد أن أنفي أي نوع من الشائعات التي تصلنا من كل الجهات، لأكرر بوضوح أمراً واحداً: لن يكون هناك وقف لإطلاق النار من دون الإفراج عن رهائننا. وكل ما عدا ذلك لا طائل منه".
 

وكان وزير الدفاع يوآف غالانت قال ليل الثلثاء في كلمة متلفزة "لن يسمح بدخول الوقود (...) ولا وقف لإطلاق النار من دون الإفراج عن رهائننا".

في المقابل، أكد المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة في كلمة مصورة الأربعاء أن "ملف الأسرى حاضر والمسار الوحيد هو صفقة كاملة أو مجزأة للإفراج عن الأسرى".

كذلك، قال أبو عبيدة إن "العدو يرفض تهيئة الظروف للإفراج عن الأسرى وأفشل عملية الإفراج عن 12 منهم" في الأيام الأخيرة.

ونجحت الوساطة القطرية حتى الآن في الإفراج عن أربع رهائن: أميركيتان في 20 تشرين الأول وإسرائيليتان في 23 من الشهر نفسه.

"هدنات وممرات إنسانية" 
وتدعو الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية وقادة العالم العربي ودول أخرى إلى وقف إطلاق النار، وهي فكرة لا تدعمها واشنطن التي تدفع في اتجاه "وقف إنساني" لإطلاق النار وتشدد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

في طوكيو، أكد وزراء خارجية دول مجموعة السبع الأربعاء دعمهم "هدنات وممرات إنسانية" في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس، من دون الدعوة إلى وقف إطلاق النار.

في الأثناء، حضّ ائتلاف من 13 مجموعة إغاثية بينها أطباء بلا حدود ومنظمة العفو الدولية وأوكسفام، قادة العالم على الضغط لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد شهر على اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس.

من جهتها، أكدت الرئاسة الفرنسية أن "هناك اليوم ضرورة إنسانية ملحة في غزة، فيما تواصل اسرائيل عملياتها"، لكنها اكتفت بالدعوة إلى تحسين الوضع الإنساني في غزة معتبرة أن ذلك "من مصلحة" الجميع "بمن فيهم إسرائيل".

ودعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك في تصريح بعد زيارته إلى معبر رفح في مصر "بشكل مستعجل كلّ الأطراف إلى الاتفاق على وقف إطلاق النار".

وتحدث تورك عن ثلاثة أهداف لوقف إطلاق النار "يجب تلبيتها في آن معاً"، وهي إيصال الاحتياجات الإنسانية "بمستويات هائلة إلى جميع أنحاء غزة" والإفراج عن كل الرهائن "من دون شروط" وكذلك "تمكين الحيز السياسي من تحقيق نهاية دائمة للاحتلال".

"سقطنا في الهاوية" 
ووصف المفوض الأممي ما شاهده في معبر رفح قائلاً "رأيت البوابات المؤدية إلى ذلك الكابوس المستمر. كابوس يختنق خلاله الناس تحت القصف المتواصل، يبكون على فقدان أسَرِهم، ويكافحون بحثاً عن الماء والغذاء والكهرباء والوقود".

واعتبر فولكر تورك أن "العقاب الجماعي الذي تفرضه إسرائيل على المدنيين الفلسطينيين يرقى هو أيضاً إلى جريمة حرب مثله مثل الإخلاء القسري غير القانوني للمدنيين"، مضيفا "لقد سقطنا في الهاوية. ولا يمكن لهذا الوضع أن يستمر".

وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري مساء الأربعاء أن 50 ألف فلسطيني غادروا شمال غزة خلال 24 ساعة، فيما قدر مسؤول أميركي قبل أيام أن نحو 350 ألف شخص ما زالوا في الشمال.

وأدت عمليات القصف العنيف إلى نزوح 1,5 مليون شخص داخل القطاع، وفق الأمم المتحدة.

واتهمت حركة حماس الأربعاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بـ"التواطؤ" مع إسرائيل في "النزوح القسري" لسكان غزة.

وقال سلامة معروف رئيس المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحماس في بيان "نؤكد أن تخاذل وكالة الأونروا ومسؤوليها عن دورهم الواجب هو تواطؤ واضح مع الاحتلال ومخططاته بالتهجير القسري".

واستهدف القصف الإسرائيلي عدداً هائلاً من المباني في قطاع غزة، ما أدى إلى تدمير أو إلحاق أضرار بـ45% من جميع الوحدات السكنية وفق المقرر الخاص في الأمم المتحدة المعني بالسكن اللائق بالاكريشنان راجاغوبال.

واعتبر المقرر الأممي أن "تنفيذ الأعمال القتالية مع العلم بأنها ستؤدي بشكل منهجي إلى تدمير وإتلاف المساكن المدنية والبنية التحتية، مما يجعل مدينة بأكملها - مثل مدينة غزة - غير صالحة للسكن للمدنيين هو جريمة حرب".

كذلك، حذّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن "القصف المكثّف يدمّر البنية التحتية المدنية في جميع أنحاء غزة، ويزرع بذور الشقاء لأجيال مقبلة".

"احتمالات عدة" حول مستقبل غزة 
ويتناول مسؤولون ووسائل إعلام في الأيام الأخيرة "سيناريوهات" محتملة لإدارة غزة في حال نجحت إسرائيل في تحقيق هدفها في "القضاء" على حماس.

وفي هذا الصدد، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء أن على إسرائيل "عدم إعادة احتلال" غزة.

وتحدث لصحافيين في طوكيو على هامش مشاركته في اجتماع لمجموعة السبع، عن "عناصر أساسية" لتحقيق "سلام دائم وأمن".

وأوضح أنها تتضمن "عدم تهجير الفلسطينيين قسراً من قطاع غزة، ليس الآن ولا بعد الحرب، وعدم استخدام غزة منصة للإرهاب أو هجمات عنيفة أخرى، وعدم إعادة احتلال غزة بعد النزاع".

وفي غزة، أعلن مسؤول فلسطيني أنه لم يتمّ إجلاء أي مصابين فلسطينيين أو أشخاص مزدوجي الجنسية من قطاع غزة إلى مصر عبر معبر رفح الأربعاء، في ثاني توقف لعمليات الإجلاء منذ مطلع تشرين الثاني.

ضربة أميركية 
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي مساء الأربعاء إنّ وجود الجيش الإسرائيلي في غزة "لا ينبغي أن يكون حلاًّ طويل الأمد".

وأضاف كيربي خلال مؤتمر صحافي "لكن بعد الحرب مباشرة، يبدو من المعقول جداً أن يبقى الجيش الإسرائيلي في غزة، على الأقلّ لفترة معيّنة، لإدارة العواقب المباشرة لمرحلة ما بعد الحرب والوضع الأمني".

وفي واشنطن أيضاً، أعلن السناتور الأميركي الديموقراطي كريس مورفي لـ"وكالة فرانس" برس الأربعاء أنّ حصيلة القتلى المدنيّين في غزة "كبيرة جداً" وأنّه يتعيّن على الجيش الإسرائيلي أن يكون "أكثر دقّة" في استهدافه مقاتلي حماس في القطاع.
 

من جهتها، رأت الحكومة الإسرائيلية الأربعاء أن من "السابق جدا لأوانه" التحدث عن "سيناريوهات" حول مستقبل قطاع غزة الذي يجب أن "ينزع السلاح فيه".

وفي وقت سابق تحدث الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس عن "آلية بديلة لغزة" بعد انتهاء الحرب الحالية.

وسحبت إسرائيل قواتها وفكّكت المستوطنات في غزة في العام 2005. ومنذ 2007، بات القطاع تحت سيطرة حماس التي طردت منه حركة فتح، وهو يخضع لحصار إسرائيلي منذ ذلك الحين، تمّ تشديده بعد اندلاع الحرب الراهنة.

وأعلنت الأمم المتّحدة إيصال شحنة إمدادات طبية وأدوية طارئة الأربعاء إلى مستشفى الشفاء في شمال قطاع غزة، وهي الشحنة الثانية التي تصل المؤسسة الصحية منذ بدء الحرب، مؤكدة أنّ هناك حاجة إلى المزيد.

ومساء الأربعاء، تجدّد القصف الإسرائيلي على محيط مستشفى الشفاء، بحسب مراسل لوكالة "فرانس برس".

وعلى صعيد متّصل بالحرب بين إسرائيل وحماس، أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أنّ سلاح الجو الأميركي أغار في شرق سوريا الأربعاء على مخزن أسلحة مرتبط بإيران وذلك ردّاً على هجمات استهدفت عناصر أميركيين.

من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنّ الغارة استهدفت منشأة في مدينة دير الزور في شرق سوريا وأوقعت تسعة قتلى.

وكان مسؤول كبير في البنتاغون قال إنّ المتمرّدين الحوثيين المدعومين من إيران أسقطوا الأربعاء قبالة السواحل اليمنية طائرة أميركية مسيّرة من طراز "إم كيو-9".

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium