قررت الولايات المتحدة، إلى جانب اليابان ودول أوروبية عدة، فرض ضوابط على الركاب الواصلين من الصين، في ظل إجراءات احتياطية اعتبرها رئيس منظمة الصحة العالمية "مفهومة"، بالنظر إلى نقص المعلومات من بيجينغ بعد رفع القيود المفروضة على مكافحة كوفيد.
غير أنّ السلطات الصحية في الصين أكدت الخميس أنها دأبت على نشر البيانات "حرصاً منها على الانفتاح والشفافية"، وفق تصريحات نقلتها وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا".
وقالت لجنة الصحة الوطنية في الصين في بيان إن مسؤولين كبارا في قطاع الصحة بالبلاد تبادلوا الآراء مع منظمة الصحة العالمية اليوم الجمعة بشأن فيروس كورونا المستجد في مؤتمر عقد عبر الفيديو.
وذكرت اللجنة أن الجانبين تبادلا وجهات النظر بشأن الموقف الوبائي الحالي والعلاجات الطبية والتطعيمات وأمور فنية أخرى مضيفة أن المزيد من تبادل الرأي بشأن تلك الأمور سيتواصل.
وكانت وكالة أنباء الصين الجديدة نقلت عن جياو ياهوي، المسؤول في لجنة الصحة الوطنية، قوله مساء الخميس "لطالما نشرت الصين بياناتها حول وفيات كوفيد-19 والحالات الخطيرة رغبة منها في الانفتاح والشفافية".
وأعلن المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها الجمعة عن 5515 حالة جديدة فقط ووفاة واحدة. ويبدو أنّ هذه الأرقام لم تعد تعكس الواقع، لأن الفحوص على نطاق واسع لم تعد مطبقة.
في هذه الأثناء، أعربت وكالة الصحة التابعة للاتحاد الأوروبي عن اعتقادها بأن فرض فحوص كوفيد إلزامية على المسافرين الآتين من الصين "غير مبرر".
وقال المركز الأوروبي لمراقبة الأمراض والوقاية منها، إنه لا يعتقد أنّ ارتفاع عدد الإصابات في الصين سيؤثر على الوضع الوبائي في التكتل "نظرا للمناعة السكانية الأعلى ضمن بلدان الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية، إضافة إلى أنه سبق أن ظهرت وتبدلّت لاحقاً المتحوّرات المنتشرة حالياً في الصين".
بعد ثلاث سنوات من ظهور أولى حالات الإصابة بفيروس كوفيد في ووهان (وسط)، ألغت الصين فجأة في السابع من كانون الأول سياستها الصارمة المعروفة بـ"صفر كوفيد".
وكانت هذه السياسة المعتمدة منذ العام 2020، سمحت بحماية السكان إلى حد كبير من الفيروس، بفضل الاختبارات المعمّمة، والمراقبة الصارمة للتحرّكات وأيضاً للحجر الإلزامي والصحّي بمجرّد اكتشاف الحالات.
غير أنّ هذه الإجراءات القاسية، التي أبقت البلاد معزولة إلى حدّ كبير عن بقية الكوكب، وجّهت ضربة قاسية لثاني أكبر اقتصاد في العالم وأثارت سخطاً غير عادي في تشرين الثاني.
منذ رفع القيود، امتلأت المستشفيات بالمرضى، وغالبيتهم من كبار السن والضعفاء بسبب عدم التطعيم، في حين يفتقر العديد من الصيدليات إلى أدوية خفض الحمى.
- "تدابير مُكيَّفة" -
أبقت الصين حدودها مغلقة إلى حد كبير أمام الرعايا الأجانب منذ العام 2020.
وأوقفت الدولة إصدار التأشيرات السياحية منذ حوالى ثلاث سنوات، بينما تفرض الحجر الصحي الإلزامي عند الوصول. وسيتم رفع إجراء الحجر هذا في الثامن من كانون الثاني، ولكن لا يزال يتعيّن إجراء اختبار "بي سي آر" قبل 48 ساعة.
ورداً على ذلك، أعلنت الولايات المتحدة ودول أخرى بينها إيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية، أنها ستفرض إظهار فحوص كوفيد-19 سلبية على جميع الوافدين من البر الرئيسي للصين.
وفرضت الحكومة الإسبانية الجمعة على المسافرين الآتين من الصين إجراء "فحوصات" في مطاراتها للتأكد من عدم اصابتهم بكوفيد.
قالت وزيرة الصحة الاسبانية كارولينا دارياس في مؤتمر صحافي إنه سيُطلب من هؤلاء الوافدين "الدليل على أن فحوصهم سلبية (...) أو شهادة تطعيم بالكامل" من دون أن تذكر موعد دخول الإجراء حيز التنفيذ.
وأعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية الجمعة فرض إظهار اختبار كوفيد سلبيّ على الأجانب الآتين من الصين.
وطلب وزير الصحة أرييه درعي من مصالح الوزارة إنشاء مركز فحص "طوعي" للأشخاص العائدين من الصين، وأوصى المواطنين "بتجنّب" السفر إلى هذا البلد.
في فرنسا، طلب الرئيس إيمانويل ماكرون من الحكومة "اتخاذ تدابير مناسبة لحماية" الفرنسيين.
وفي بروكسيل، لم يؤدّ اجتماع غير رسمي عقدته المفوضية الأوروبية، بهدف وضع "نهج منسّق" للدول الأعضاء، إلى اتخاذ قرار بطريقة أو بأخرى.
في مطار العاصمة بيجينغ الدولي، أبدى معظم الصينيين الذين قابلتهم وكالة فرانس برس الخميس تفهّمهم للإجراءات المتخذة تجاه الصين.
- "غير مجدية" -
وقال هوانغ هونغ شو الذي يبلغ من العمر 21 عاماً، إنّ "لكلّ دولة مخاوفها وطريقتها الخاصة في حماية نفسها"، مشيراً إلى أنّ الانتشار المحتمل لمتحوّرات جديدة كان مدعاة للقلق. وقال مسافر لوكالة فرانس برس إنّ هذه الإجراءات "غير مجدية". وأوضح هو الذي رفض الكشف عن اسمه الكامل "إنّه تمييز نوعاً ما".
وأشار الشاب البالغ من العمر 22 عاماً إلى إنّه في الصين "يتم تطبيق سياسة كوفيد الخاصة بنا على الوافدين الدوليين بالطريقة نفسها كما الجميع"، متسائلاً "لماذا تعامل الدول الأخرى الآتين من الصين بشكل خاص؟".
على جبهة الوباء، تكافح المستشفيات طفرة في الحالات التي تصيب كبار السن بشكل أكبر.
في شنغهاي، شاهد صحافيو وكالة فرانس برس الخميس مرضى يضعون أقنعة يُنقلون على نقّالات إلى مستشفى في المدينة. في داخل المستشفى، اشتكى أحد المرضى من أنه انتظر أربع ساعات للحصول على أدوية.