أمضى الرئيس الأميركي جو بايدن شهوراً وهو يرغب في التوصل إلى "هدنة" خلال القتال الدائر بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، لكن مع استعداد إسرائيل لاجتياح رفح برياً تغيرت لهجته إلى تأكيد الحاجة إلى "وقف مؤقت لإطلاق النار".
قد يبدو هذا اختلافاً لفظياً طفيفاً، لكنه يجعل بايدن أقرب إلى الكثيرين حول العالم والمنتقدين داخل حزبه الديمقراطي الذين يريدون وقفاً دائماً لإطلاق النار في حرب قُتل خلالها زهاء 30 ألف فلسطيني.
استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد ثلاثة مقترحات في مجلس الأمن الدولي بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس. واعترضت في أحدث مرتين على صياغة طالبت بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية. لكن واشنطن تقترح حالياً مشروع قرار يحتوي على عبارة "وقف إطلاق النار".
ويدعو مشروع القرار إلى وقف مؤقت لإطلاق النار بهدف الإفراج عن المحتجزين لدى الحركة الفلسطينية ويعارض هجوماً برياً كبيراً من جانب إسرائيل على رفح، وفقاً للنص الذي اطلعت عليه "رويترز".
ونفت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد أيّ تغيير متعمد في اللهجة.
وقالت للصحافيين أمس "هذا يعكس ما كنا نفعله طيلة الوقت".
وحتى تقديم مسودة المقترح، كانت واشنطن تتجنب استخدام عبارة وقف إطلاق النار فيما يتعلق بأي إجراء للأمم المتحدة بشأن الحرب في غزة. ويعكس النص الأميركي الجديد اللّهجة التي استخدمها بايدن علناً هذا الشهر حول الوضع.
وفي الثامن من شباط، وصف بايدن خلال مؤتمر صحفي رد إسرائيل في غزة بأنه "تجاوز الحد"، في أكثر انتقاداته حدة حتى الآن وقال "أضغط بشدة حالياً من أجل وقف لإطلاق نار يتعلق بالرهائن، كما تعلمون، أعمل بلا كلل من أجل هذا الاتفاق".
وبعدها بثمانية أيام قال بايدن إنه أجرى محادثات مستفيضة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن مسألة وقف إطلاق النار.
وقال بايدن في 16 شباط "أثرت المسألة، التي أولى لها اهتماماً كبيراً، بضرورة إعلان وقف مؤقت لإطلاق النار لإخراج الرهائن. وهذا جار. وما زلت آمل في التمكن من تحقيق ذلك".
وفي أثناء التفاوض حول اتفاق الرهائن السابق في تشرين الثاني، ذكر بايدن كلمة "هدنة".
وقال في 26 تشرين الثاني "أود استمرار الهدنة طالما يتواصل خروج المحتجزين".
وأكّد مسؤولون أميركيون إن تغير لهجة بايدن لا علاقة له بالانتقادات الموجهة إليه.
وقالوا إنّ الجهود الحثيثة للتفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس لوقف القتال لمدة تتراوح بين ستة إلى ثمانية أسابيع مقابل إطلاق سراح المحتجزين في غزة وتسريع وتيرة إيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين.
ويرى المسؤولون في البيت الأبيض أنّه إذا أمكن وقف القتال لهذه الفترة الطويلة قد يتم التوصل إلى وقف أطول لإطلاق النار. لكن أيّ هجوم إسرائيلي مقرر على رفح، من شأنه أن يعقد الجهود الرامية إلى التوصل لوقف للقتال.
ويصرّ مسؤولون أميركيون على أنّ بايدن لا يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار وهو ما يعكس قناعته بأنّ إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها بعد مقتل 1200 شخص في جنوب إسرائيل في هجوم حماس في السابع من تشرين الأول.
وقال الباحث الكبير في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي والخبير في شؤون الشرق الأوسط آرون ديفيد ميلر إنّ التغير في خطاب بايدن لا يعكس تغييراً كبيراً ولكنه يشير إلى قلق الإدارة إزاء هجوم محتمل على رفح.
إشارة إلى أنّ بايدن واجه انتقادات شديدة من الأميركيين العرب الذين حضر العديد منهم بأعداد كبيرة فعاليات انتخابية للاحتجاج على دعمه لإسرائيل والمطالبة بوقف لإطلاق النار.
وتعهد الأميركيون العرب في ولاية ميشيجان بعدم دعمه في الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني مما قد يهدد فرص فوزه في تلك الولاية.