تصدر أنجيلا ميركل مذكراتها التي طال انتظارها في تشرين الثاني المقبل تحت عنوان "الحرية: ذكريات 1954-2021"، والتي ترسم رحلتها من الحياة خلف جدار برلين إلى أعلى مستويات السلطة "بشكل أكثر شفافية من أي وقت مضى".
وتبلغ ميركل، التي شوهت صورتها في ألمانيا وخارجها بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، عامها السبعين في تمّوز. وتشير إلى أن حياتها يمكن تقسيمها بدقة إلى تجارب في "ولايتين ألمانيتين - 35 عامًا في جمهورية ألمانيا الديموقراطية، و35 عامًا في ألمانيا الموحدة"، وفقًا لناشر الكتاب باللغة الإنكليزية بان ماكميلان.
رحلة حياة
يغطي الكتاب الذي يقع في 700 صفحة، وأعدّته ميركل بالتعاون مع المستشارة السياسية بيت باومان، طفولة ميركل في ألمانيا الشرقية، ومن ثمّ صعودها السياسي غير المتوقّع بعد انهيار النظام الشيوعي، إضافة إلى 16 عامًا كمستشارة.
في عددها الصادر اليوم الثلثاء، أعلنت "الغارديان" أن صدور كتاب ميركل في سيكون في تشرين الثاني وفق بيان من الناشر، حيث أفاضت بتوسيع معنى الحرية من وجهة النظر السياسية: "ماذا تعني الحرية بالنسبة لي؟".
وتضيف: "طبعاً في الجانب السياسي، لأن الحرية تحتاج إلى ظروف ديموقراطية، وبدون هذه الظروف، لا توجد حرية، ولا سيادة القانون، ولا حماية لحقوق الإنسان. لكن هذا السؤال يشغلني أيضًا على مستوى آخر. الحرية بالنسبة لي هي اكتشاف حدودي ودفع نفسي إلى تلك الحدود. الحرية بالنسبة لي هي عدم التوقف عن التعلم، وعدم الوقوف ساكنًا، ومواصلة المضي قدمًا، حتى بعد ترك السياسة".
ويعد الكتاب بتقديم "ذكريات ورؤى من اجتماعاتها ومحادثاتها مع أقوى الأشخاص في العالم"، غالبًا باعتبارها المرأة الوحيدة في الغرفة، بينما يسرد "نقاط التحوّل الوطنية والأوروبية والدولية المهمة... كيف تم اتخاذ القرارات التي شكّلت عصرنا".
ومن المقرر أن تُنشر مذكرات المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل في تشرين الثاني، بعد ما يقرب من ثلاث سنوات على انتهاء فترة ولايتها التي دامت 16 عاماً في قيادة إحدى أكبر القوى الأوروبية.
أقوى امرأة
وحصلت ميركل على لقب "أقوى امرأة في العالم" من قبل مجلة فوربس لمدة 10 سنوات متتالية، وكان يُنظر إليها على أنها مدافعة قوية عن القيم الليبرالية في الغرب ونموذج يحتذى به للفتيات.
لكن سجلها واجه انتقادات أيضا منذ استقالتها، ولا سيما أسلوبها في التعامل مع أوكرانيا وروسيا.
ودافعت ميركل عن تصرفاتها، قائلة إنه بعد أشهر من شن روسيا غزوها واسع النطاق، فإن اتفاق السلام في شرق أوكرانيا الذي تعرض لانتقادات كبيرة في عام 2015، منح كييف وقتًا ثمينًا، وأنها لن تعتذر عن جهودها الديبلوماسية. كما دافعت عن قرارات حكومتها بشراء كميات كبيرة من الغاز الطبيعي من روسيا، والتي قطعت الإمدادات عنه عام 2022.
ولمدة ستة عشر عامًا، كانت أنجيلا ميركل مستشارة لألمانيا. لقد قادت البلاد خلال العديد من الأزمات، وشكلت ألمانيا والسياسة الدولية من خلال أفعالها ومواقفها. في مذكراتها، تتأمل حياتها في ولايتين ألمانيتين: خمسة وثلاثون عامًا في جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وخمسة وثلاثون عامًا في ألمانيا الموحدة.
وتتحدث بشكل أكثر وضوحاً من أي وقت مضى عن طفولتها وشبابها ودراساتها في جمهورية ألمانيا الديموقراطية والعام الدرامي عام 1989، عندما سقط جدار برلين وبدأت حياتها السياسية. كما أنها تشارك الذكريات والأفكار من اجتماعاتها ومحادثاتها مع أقوى الأشخاص في العالم. ومن خلال مناقشة نقاط التحول الوطنية والأوروبية والدولية الهامة، فإنها توضح كيف تم اتخاذ القرارات التي شكلت عصرنا. يقدم كتابها نظرة فريدة من نوعها إلى آليات العمل الداخلية للسلطة - وهو بمثابة نداء مقنع للحرية.
ولدت كاسنر
ولدت أنجيلا ميركل في السابع عشر من تموز 1954 في هامبورغ. بعد ذلك ببضعة أسابيع تم تعيين والدها القس اللوثري في ألمانيا الديمقراطية السابقة، وهكذا انتقلت الأسرة للعيش في ألمانيا الشرقية، خلف "الجدار الحديدي". حصلت على الدكتوراه في الكيمياء الفيزيائية، ثم دخلت السياسة في أعقاب ثورات 1989، وخدمت لفترة وجيزة كنائبة للمتحدث باسم أول حكومة منتخبة ديمقراطياً في ألمانيا الشرقية برئاسة لوثر دي مايتسيره في عام 1990.
وبعد إعادة توحيد ألمانيا في عام 1990، تم انتخاب ميركل في البوندستاغ عن ولاية مكلنبورغ-فوربومرن وأعيد انتخابها منذ ذلك الحين. ولقد عيّنت ميركل بمنصب وزيرة المرأة والشباب في الحكومة الاتحادية تحت قيادة المستشار هيلموت كول في عام 1991، وبعدها أصبحت وزيرة البيئة في عام 1994. ثم بعد خسارة حزبها الانتخابات الاتحادية في عام 1998، انتخبت ميركل لمنصب الأمين العام لحزب الاتحاد الديمقراطي قبل أن تصبح أول زعيمة للحزب بعد عامين في أعقاب فضيحة التبرعات التي أطاحت بفولفغانغ شويبله.
في عام 2005، عيّنت بعد الانتخابات الاتحادية في منصب مستشارة لألمانيا على رأس الائتلاف الكبير المكوّن من حزب الاتحاد الديموقراطي، الحزب الشقيق البافاري، الاتحاد المسيحي الاجتماعي (CSU) والحزب الديموقراطي الاجتماعي. وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب.
حاكم الأمر الواقع
وصفت ميركل على نطاق واسع بحاكم الأمر الواقع لزعامة الاتحاد الأوروبي. سميت ميركل مرتين ثاني أقوى شخص في العالم بواسطة مجلة فوربس، وهو أعلى تصنيف من أي وقت مضى حققته امرأة في كانون الأول 2015، سميت ميركل من قبل مجلة التايم شخصية العام مع صورة على غلاف المجلة واصفة إياها كمستشارة للعالم الحر.
في 26 آذار 2014، أصبحت ميركل أطول رئيس حكومة خدمة في الاتحاد الأوروبي وهي زعيمة مجمع الدول السبع. في أيار 2016، سميت ميركل أقوى امرأة في العالم برقم قياسي للمرة العاشرة من قبل فوربس.
الحياة الشخصية
عام 1977 في سن 23، تزوجت أنجيلا كاسنر طالب الفيزياء أولريش ميركل، ومنه أخذت اسم العائلة. انتهى الزواج بالطلاق عام 1982. زوجها الثاني والحالي هو أستاذ فيزياء الكم يواخيم زاور، الذي بقي إلى حد كبير بعيداً عن أضواء وسائل الإعلام. اجتمعا لأول مرة عام 1981، وتزوجا خصوصًا في يوم 30 كانون الأول عام 1998. ليس لديها أطفال، ولكن زوجها يواخيم لديه ابنان بالغان من زواج سابق. مشجعة لكرة القدم وعرفت باستماعها إلى المباريات بينما هي في البوندستاغ وبحضور مباريات المنتخب الوطني بصفتها الرسمية.