الشيخة حسينة تفرّ من بنغلادش والجيش يعمل على تشكيل حكومة موقتة

فرّت رئيسة الوزراء الشيخة حسينة من بنغلادش الإثنين لينتهي حكمها الذي استمر 15 عاما بعد أكثر من شهر على تظاهرات أوقعت مئات القتلى، فيما أعلن الجيش أنه يعمل على تشكيل حكومة موقتة.
 
جاء ذلك بينما قتل 66 شخصا على الاقل خلال الاحتجاجات الاثنين في حصيلة جديدة اوردتها الشرطة.
 
سعت حسينة منذ أوائل تموز لإخماد تظاهرات واسعة نددت بحكومتها، لكنها فرت غداة يوم سجل أكبر عدد من الضحايا مع مقتل نحو 100 شخص.
 
وأفاد رجل في السابعة والعشرين من عمره يدعى منير الإسلام شارك مع مئات الآلاف في الاحتجاجات التي خرجت أمام قصر رئيسة الوزراء "نريد بنغلادش خالية من الفساد حيث يحق للجميع التعبير عن آرائهم".
 
وأعلن قائد الجيش الجنرال وقر الزمان في خطاب على التلفزيون الحكومي الإثنين أن حسينة استقالت مؤكدا أن الجيش سيشكل حكومة تصريف أعمال.
 
وقال بعد وقت قصير من اقتحام الحشود مقر إقامة حسينة ونهبه إن "البلد عانى كثيرا وتضرر الاقتصاد وقُتل عدد كبير من الناس، حان الوقت لوقف العنف".
 
وخرج ملايين البنغلادشيين إلى الشوارع في أنحاء الدولة جنوب الآسيوية للاحتفال الاثنين.
 
ولوّحت الحشود بالأعلام ورقص بعضهم فوق دبابة في الشارع قبل أن يقتحم الآلاف بوابات مقر إقامة حسينة الرسمي.
 
وبثّت "القناة 24" المحلية صورا للحشود وهم يركضون نحو المجمع حيث لوحوا للكاميرات فيما نُهبت المفروشات والكتب بينما استلقى آخرون على الأسرّة.

"سيتم التعامل مع المظالم"
لكن الحشود هاجمت أيضا منازل حلفاء مقرّبين من حسينة، وفق ما أفاد شهود فرانس برس.
 
وأضرم آخرون النار في محطات تلفزيونية أيّدت حكمها وأحرقوا مكاتب حزبها "رابطة عوامي" وحطّموا تماثيل لوالدها الشيخ مجيب الرحمن، بطل الاستقلال.
 
وقال المتظاهر كازا أحمد "حان الوقت لمحاسبتهم على التعذيب.. الشيخة حسينة مسؤولة عن القتل".
 
من جانبه، دعا قائد الجيش إلى وقف الاحتجاجات، متعهّدا "النظر في جميع المظالم".
 
وقال الجيش إن حظر التجول سيرفع صباح الثلاثاء كما سيعاد فتح الشركات والمدارس.
 
وليل الإثنين أمر رئيس بنغلادش محمد شهاب الدين بالإفراج عن رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة المعارضة خالدة ضياء، وكذلك عن الأشخاص الذين اعتقلوا خلال التظاهرات.
 
والوضع الصحي لضياء متدهور، وهي مسجونة منذ العام 2018 في قضية فساد.
 
والتقى الرئيس وقائد الجيش في وقت متأخر الإثنين قادة المعارضة الرئيسيين، وقال المكتب الإعلامي للرئيس إنه "تقرر تشكيل حكومة موقتة على الفور".
 
ولم يتّضح على الفور ما إذا الحكومة ستكون برئاسة قائد الجيش وقر الزمان.
 
دعمت قوات الأمن حكومة حسينة أثناء فترة الاضطرابات التي بدأت الشهر الماضي احتجاجا على توزيع الوظائف الحكومية بناء على نظام حصص لصالح فئات اجتماعية وعائلات معينة، قبل أن تتحوّل لمطالبات أوسع باستقالتها.
 
وأفاد وقر الزمان بأنه أجرى محادثات مع أحزاب المعارضة الرئيسية وشخصيات من المجتمع المدني، ولكن ليس مع رابطة عوامي.
 
فرت حسينة (76 عاما) من بنغلادش على متن مروحية حسبما قال مصدر مقرب منها لوكالة فرانس برس.
 
وأفاد مصدر رفيع في الهند بأن حسينة تريد الانتقال إلى لندن، لكن دعوات الحكومة البريطانية لإجراء تحقيق أممي في "مستويات العنف غير المسبوقة" يثير شكوكا حول إمكان توجّهها إلى المملكة المتحدة.
 
وأكد الجيش البنغلادشي أنه أغلق مطار دكا الدولي مساء الاثنين، من دون الكشف عن السبب.
 
لكن المحتجين دعوا على نطاق واسع إلى ضمان بقاء حلفاء حسينة المقرّبين في البلاد.
 
والإثنين دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى "عملية انتقالية ديموقراطية" سلمية في بنغلادش، وفق متحدث باسمه.
 
وفي واشنطن، دعت وزارة الخارجية الأميركية كل الأطراف الى تجنب العنف، وإلى "الهدوء وضبط النفس في الأيام المقبلة".
 
بدورها دعت المملكة المتحدة الإثنين الى عودة "الهدوء" و"نزع فتيل التوتر" في بنغلادش. وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في بيان "على جميع الاطراف الآن أن يعملوا معا لوضع حد لأعمال العنف واستعادة الهدوء والتوصل الى نزع فتيل التوتر".
 
"فراغ كبير"
وحذر مايكل كوغلمان، مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون في واشنطن، من أن رحيل حسينة "سيترك فراغا كبيرا" مشيرا إلى أن البلاد دخلت في "المجهول".
 
وقال إن "الأيام المقبلة حاسمة، مع تحرّك البلاد باتّجاه ما يؤمل أن تكون فترة انتقال سلمي. الأساس الآن هو المضي قدما بالعملية لتأسيس هيئة موقتة وتخفيف الضبابية وخفض خطر حدوث مزيد من التقلبات".
 
بدأت التظاهرات احتجاجا على إعادة إدخال خطة الحصص التي تخصص أكثر من نصف الوظائف الحكومية لمجموعات معيّنة.
 
وتصاعدت الاحتجاجات رغم تقليص المحكمة العليا الخطة.
 
وقُتل 94 شخصا على الأقل الأحد، في أكثر الأيام دموية خلال الاحتجاجات إذ اندلعت مواجهات بين المتظاهرين المناهضين للحكومة وأنصارها، استخدمت فيها العصي والسكاكين بينما أطلقت قوات الأمن النار.
 
وارتفعت بذلك الحصيلة الإجمالية للمواجهات منذ بدء التظاهرات في مطلع تموز/يوليو إلى 366 قتيلا على الأقل، وفق تعداد لوكالة فرانس برس استنادا لتقارير الشرطة ومسؤولين حكوميين وأطباء في مستشفيات.
 
وفي عدة حالات، لم تتدخل قوات الجيش والشرطة لوقف احتجاجات الأحد، بخلاف ما كان عليه الحال خلال الشهر الماضي عندما كانت المسيرات تنتهي مرة تلو الأخرى بقمع دموي.
 
والاثنين، أقام جنود وعناصر شرطة بمركبات مدرعة في دكا تحصينات على الطرق المؤدية إلى مكتب حسينة مستخدمين الأسلاك الشائكة. لكن حشودا ضخمة ملأت الشوارع وحطمت الحواجز.
 
ويعرف عن بنغلادش تاريخها الطويل في الانقلابات.
 
أعلن الجيش حالة طوارئ في كانون الثاني/يناير 2007 عقب اضطرابات سياسية واسعة وشكل حكومة تصريف أعمال مدعومة من الجيش استمرت عامين.
 
ثم حكمت حسينة بنغلادش منذ 2009 وفازت بولاية رابعة في انتخابات كانون الثاني/يناير التي لم تشهد منافسة حقيقية.
 
واتهمت منظمات حقوق الإنسان حكومتها بإساءة استخدام مؤسسات الدولة لترسيخ إمساكها بالسلطة والقضاء على المعارضة، بما في ذلك عبر القتل خارج نطاق القضاء.