النهار

الإسرائيلي المحتال... جنس وألماس وانتقام
A+   A-
أغوى وخدع مجموعة شابات بهدف سرقة ملايين الدولارات. يصطاد ضحاياه على تطبيق المواعدة "Tinder" ثم يغويهنّ بالسفر على متن طائرة خاصة والنزول بفنادق فاخرة وتناول عشاءات باهظة. حسبنَ أنّهنّ يواعدن رجل أعمال ثرياً، لكنّ نساءً أخريات سبقنهنّ ووقعن في الفخّ، وهنّ من يدفعن ثمن الترف!
 
لأشهر، ظنّت سيسيلي أنّها وسيمون ليفيف على علاقة. وكانت على اتصال يوميّ به، وفي نهاية المطاف، أتاحت لصحيفة "فيردينس غانغ" النرويجية الوصول إلى الرسائل النصية والصور ومقاطع الفيديو المتبادلة بينهما، لتكشف أولى خيوط عملية احتيال ضخمة راحت ضحيّتها ثلاث نساء.
 
ليس "The Tinder Swindler" (إخراج فيليسيتي موريس / إنتاج Raw TV) مجرّد وثائقيّ أحدث ضجّة عارمة. إنها قصة إسرائيليّ حقّق حلمه بالترف ورغادة العيش بينما استغلّ نساءً كنّ يبحثن عن الحبّ. هو محور القصّة، شيمون يهودا حيوت (المعروف باسم سيمون لفيف)، نجل حاخام ومولود لعائلة أرثوذكسية متطرفة في مستوطنة بني براك.
 
(ضحايا شيمون حيوت الثلاث: سيسيلي وآيلين وبيرنيلا)
 
ترك شيمون مدرسته الدينية في سنّ مبكرة سعياً وراء الثروة. ملابس مصممّة، طائرات خاصّة، حفلات، نساء "محظيّات"، كلّ ذلك على حساب عدد من النساء عمل على استغلالهنّ مادّياً.
 
بالنظر إلى عنوان الوثائقيّ، ليس عسيراً استشفاف حقيقة شخصية سيمون ليفيف، الذي ادّعى أنه ابن تاجر ألماس ملياردير. وليس عسيراً اكتشاف أنّ "الأمير الوسيم" الذي جعل نفسه أيقونة "Tinder" ليس إلّا محتالاً مداناً اسمه الحقيقيّ شيمون حيوت.
 
 
شخصية نرجسية هستيرية
يبدو شيمون كأنّه يُعاني اضطراب الشخصية النرجسية الحادّ، نتيجة الحاجة الملحّة للحبّ والاحتواء والاهتمام من جهة، والخوف من الفشل من جهة أخرى. تتجلّى حساسيته تجاه الضعف، وتقلبات مزاجه، ويميل إلى الدراما وإطلاق العنان للدوافع الناتجة عن تراكمات أفكار وتصوّرات لحياته المفترضة في ذهنه. جموحه الجنسيّ يحتاج إلى القوة والمال والنجاح كي يتحقق.
 
اعتمد شيمون الإغواء نهج حياة، ممزوجاً برغبة قوية في السيادة والقهر على أكبر عدد ممكن من الطرائد. ومال مراراً للتمثيل الدرامي والتعامل مع تنوّع المحطّات كفيلم.
 
عبر الشهادات التي ارتكز عليها تحقيق "The Tinder Swindler" الذي أجرته "فيردينس غانغ"، تظهر شخصيته الرافضة للزواج الأحاديّ (Monogamy)، إذ كان يبحث باستمرار عن فريسة تلو الأخرى للتغلب عليها، من مبدأ "Who's next".
 
(حساب "سيمون لفيف" على تطبيق المواعدة "Tinder")
 
يُعرّي الوثائقيّ قضية البحث عن الحب عبر الإنترنت. يتحوّل شيئاً فشياً قصّة انكسار، صمود وانتقام. ما تكشّف عبر "The Tinder Swindler" هو تماماً ما يحدث عندما يعيش الفرد حياةً افتراضية. تروي سيسيل، الضحية الأولى (في الوثائقي لا في الحياة الفعلية)، أنّها بحثت عن سيمون ليفيف على "غوغل"، باعتبار الخطوة أساسية وتقطع الشكّ. عثرت على تفاصيل مدهشة لرجل استثنائيّ. رأته في أماكن عامة، بين أصدقائه، قرب الحارس الشخصيّ، في صورة عائلية مع الملياردير الإسرائيليّ ليف ليفيف. تفاصيل سيبرانية أكّدت روايته. أكّد حسابه على "إنستغرام" هويّته المزعومة. ارتياح يسود العلاقة قبل الإعصار.
 
 
ليلة القبض على لفيف
مطلع شباط، قبل يوم واحد من طرح الوثائقيّ على "نتفليكس"، نشرت "Tinder" مجموعة إرشادات جديدة بعنوان "الخداع في الرومانسية: كيف تحمي نفسك عبر الإنترنت".
 
في السابع من الشهر، بعد خمسة أيام من طرح الوثائقي، اختفى حساب لفيف من "إنستغرام". قبل ذلك، شكر لفيف متابعيه على "دعمهم"، واعداً في منشور بكشف تفاصيل الرواية "بعد إيجاد أفضل الطرق وأكثرها احتراماً لقصّها".
 
بعد 48 ساعة فقط من بثّ "The Tinder Swindler"، أكّدت إدارة "Tinder" أنّ ليفيف لم يعد قادراً على استخدام التطبيق، قائلة في بيان: "أجرينا تحقيقات داخلية ويمكننا أن نؤكّد أنّ سيمون لفيف لم يعد نشطاً على التطبيق تحت أيّ من الأسماء المستعارة المعروفة له".
 
باستخدام اسم سيمون ليفيف، تظاهر شيمون حيوت بأنّه الرئيس التنفيذي لشركة ألماس "LLD Diamonds" وابن مؤسّسها ليف ليفيف. وبعد وقت قصير من إصدار الوثائقيّ، ردّت الشركة على حيوت نافية مزاعمه. وكتبت في بيان: "تعاطفنا مع ضحاياه. تسبّب احتياله بحدوث ارتباك مستمرّ حول شركتنا. لا ينبغي تصديق أيّ شيء قاله عن LLD أو أيّ شيء آخر".
 
من جانبه، شارك مغنّي الراب فرينش مونتانا قصّة لقائه بسيمون ليفيف على "إنستغرام"، إذ كتب: "لا أصدّق أنني قابلت المحتال". وفي منشور ثانٍ، سخر مونتانا من حيوت، مشيراً إلى الأكاذيب التي كان يخبرها لضحاياه عن دخوله المستشفى بعد عراك وحاجته إلى المال لحمايته من أعدائه.
 
 
كتب المغنّي: "مرحباً، لقد غادرنا المستشفى للتوّ. فرينش مونتانا بخير مرة جديدة، نحن بخير مرة جديدة، لكن أعداءنا يلاحقوننا. من فضلك أرسل 50 ألفاً بسرعة. من فضلك".
 
بدورها، سخرت مغنية الهيب هوب كاردي بي من شخصية سيمون لفيف، وشاركت متابعيها البالغ عددهم 21 مليون متابع بتغريدة كتبت فيها: "أعدائي يلاحقونني. من فضلك أرسل لي 100 ألف".
 
 
 
أين شيمون حيوت اليوم؟
يعيش حيوت حرّاً طليقاً في إسرائيل. اعتُقل عام 2019 في أثينا بعد سفره إلى اليونان بجواز سفر إسرائيليّ مزوّر. يومها، كان خاضعاً لمذكرة دولية من السلطات الإسرائيلية لارتكابه جرائم احتيال مختلفة، بعد أن فرّ من البلاد في عام 2017 لتجنّب المحاكمة.
 
جاء الاعتقال جزءاً من عملية مشتركة بين الإنتربول والشرطة الإسرائيلية، وسُلّم حيوت في نهاية المطاف إلى إسرائيل، حيث أقرّ بأنه مذنب في تهم الاحتيال الموجهة إليه.
 
في كانون الأول 2019، حُكم عليه بالسجن لمدة 15 شهراً في سجن تل أبيب، ودفع مبلغ 43 ألفاً و289 دولاراً، لكنّه قضى 5 أشهر فقط من عقوبته. وأُفرج عنه مع انتشار جائحة فيروس كورونا منتصف عام 2020.
 
لم يُتّهم شيمون قطّ بالاحتيال على سيسيلي وبيرنيلا وآيلن (الضحايا الثلاث اللواتي شاركن في التحقيق الصحافيّ والوثائقيّ)، مع أنّه لولا تعاونهنّ لما أُلقي القبض عليه في المقام الأول.
 
طُلبت منه المشاركة في الفيلم الوثائقيّ لكنه رفض، وأرسل إلى فريق الإنتاج رسالة صوتية قال فيها: "سأباشر دعوى قضائية ضدّكم بتهمة التشهير والكذب، وكلّ ما تملكون مبنيّ أساساً على كذبة. فقط".
 
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium