رئيس اتّحاد الغرف العربية: أتينا بأجواء إيجابية لمساعدة لبنان... وتعزيز الاستقرار السياسي أساس عودة الاستثمارات العربية

على هامش "منتدى الاقتصاد العربي" الذي عُقد في بيروت بعنوان "لبنان: الطريق إلى النفط"، بحيث سلّط الضوء على الوضع اللبناني وكيفية إيجاد الحلول ومواجهة التحدّيات الراهنة، أجرت "النهار" حواراً خاصاً مع رئيس اتحاد الغرف العربية، سمير ناس، للحديث عن أفق الاستثمارات العربية في لبنان وسبل تعزيز التجارة البينية بينه وبين الدول العربية، إلى جانب التطرّق إلى انعكاس اتفاق ترسيم الحدود الجنويبة على علاقة لبنان التجارية بالخليج.

 

هل يشكل منتدى الاقتصاد العربي بارقة أمل لعودة لبنان إلى الحضن العربي، من باب الاقتصاد؟

يرى رئيس اتحاد الغرف العربية، سمير ناس، أنّ "منتدى الاقتصاد العربي يشكّل بارقة أمل لعودة لبنان إلى الحضن العربي، وإن من باب الاقتصاد، فعمل المؤتمر وتوقيته مهم جداً، ولا سيما في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به لبنان، وقد هَدَف إلى خلق أجواء إيجابية والتأكيد أنّ مصلحة اللبناني هي الأهم، فهو يتحلى بجميع القدرات اللازمة للريادة والقيادة".


يبدي ناس مواقف تعاون عديدة تدلّ على مدّ اليد لمساعدة لبنان وإنعاشه اقتصادياً، لكن كلّ الملفات الاقتصادية والتجارية بين لبنان والعرب، وتجديد الثقة باقتصاد لبنان، يعيدها ناس، بالدرجة الأولى، إلى غياب الاستقرار السياسي والأمني في لبنان، ما ينعكس سلباً على الدول العربية ولا سيما الخليجية.

 

فـ"العائق الأكبر هو غياب الاستقرار السياسي والأمني في لبنان، فبمجرّد أن يعالج لبنان هذين الملفّين، سينطلق لبنان مجدداً وبسرعة فائقة، وسيشهد استثمارات بقوة، فالخطط الاستثمارية جاهزة والمستثمرون جاهزون للدخول إليه كذلك، ولا سيما في الطاقة والطاقة المتجددة"، يؤكّد ناس. ويضيف أنّ "المشكلة السياسية الحاصلة حالياً هي أولى المشاكل وتنعكس أيضاً على العلاقات العربية العربية، وعلى تفاؤل القطاع الخاص العربي بلبنان".

 

ملف ترسيم الحدود البحرية جنوباً والاستثمارات الخليجية

رداً على سؤال: هل سيصلح استخراج الغاز في لبنان المشكلة السياسية بين لبنان ودول الخليج، في ظل أزمة ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً، يشرح ناس أنّ "ذلك ممكن، لكنّ هناك دولاً كثيرة غير لبنان لديها مقوّمات الغاز يتوجّه نحوها الخليج، وإن كان لبنان هو الأقرب جغرافياً إلى الدول العربية، لكن ملفّ الطاقة لن يكسر المشكلة السياسية، وبمجرد حلّها، ستدخل الاستثمارات الخليجية في مجال الطاقة".

 

لكن المشكلة لا تتوقّف هنا، يلفت ناس. فالغاز في لبنان ملفّ معقَّد ويحتاج إلى مسار طويل يبدأ بالتنقيب، وتقدير حجم الاحتياطي من المادة، إلى كيفية إدارتها ونوعية الغاز المستخرَجة، وكيف ستتم معالجتها لتناسب الأسواق العربية والخليجية.


وعن المحادثات التي أجرتها "قطر للطاقة" للاستحواذ على 30 في المئة في مشروع غاز قبالة لبنان، يكتفي ناس بالقول "كل دولة تقوم بما يخدم مصلحتها".

 

 

هل من حلّ لحظر الصادرات اللبنانية إلى دول الخليج؟

"نحن كمستثمرين عرب سنروّج للبنان من خلال اتحاد الغرف العربية لجذب الاستثمار العربي إلى لبنان، وزيادة وتيرة التجارة والصادرات اللبنانية إلى الدول العربية، لكن التحديات كبيرة"، يرى ناس، مؤكّداً أنّ "ملف الصادرات اللبنانية هو بيد وزراء الداخلية العرب ومنهم لبنان، عبر معالجة ملف تهريب الممنوعات إلى الدول العربية بشكل أساسي".


وعن التأثيرات المستمرة للأزمة السياسية مع الخليج على العلاقة الاقتصادية مع لبنان، يورد ناس أنّ "حلّ هذا الموقف منبعه الداخل اللبناني وليس الخارج، والأمر يحتاج إلى قرار سياسي داخلي تجاه الخليج لحلّ هذه المشكلة، فنحن نتحدّث عن سيادة الدولة اللبنانية، والعلاقة الدولية يجب أن تكون على مستوى دولة لدولة". ورغم أنّ الاستثمارات العربية كانت تزخر في لبنان رغم غياب السيادة فيه، "الآن الأمور وصلت إلى جلّ عقدتها بعد تهريب الكبتاغون إلى الدول الخليجية، ما أقفل كل السبل لأن الملف الأمني هو الأهم". 

 

لكن في المقابل، يشدّد ناس على أنّ "حركة المستثمرين اللبنانيين في الدول العربية لم تتوقّف حتى يومنا هذا، والغرف العربية تقدّم لهم التسهيلات المطلوبة لأعمالهم وهم معززون، والمغتربون اللبنانيون هم رافعة للاقتصاد في كثير من الدول العربية لا في لبنان فقط".

 

عوائق تقدّم التجارة البينية عربياً

للسياسة انعكاسات سلبية على التجارة البينية العربية، و"نهدف إلى رفعها فهي لا تتعدّى اليوم 15 في المئة رغم المقوّمات الهائلة الموجودة"، يوضح ناس. لكن هناك عوائق تتعلّق بالقوانين والتشريعات بين الدول لناحية الجمارك والضرائب على البضائع العربية. لذلك، ندفع لتوحيد هذه القوانين بين الدول العربية، ومن المهم حل المشاكل السياسية الداخلية بين الدول العربية للمضيّ بتعزيز التجارة البينية، لكن لبنان منفتح لناحية القوانين الجمركية".

 

كيف تستفيد الدول العربية اقتصادياً من التقارب مع الصين؟

الاستثمارات الصينية تدخل بقوة في الأسواق الخليجية، ونحن في تعزيز لعلاقتنا كخليج مع الصين، يوضح ناس. وعن أكثر القطاعات استفادةً من هذا التقارب، يشرح ناس أنّ "الصين هي أكبر زبون للسعودية في القطاع النفطي، كذلك نرى أنّ آسيا هي المستقبل".


كما أنّ العرب سيستفيدون من هذا التقارب في مجال التكنولوجيا طبعاً، وفي ارتقاء الصناعات العربية المحلية ولا سيما الخليجية منها. وستستفيد السعودية من الاتفاقات في الكثير من المجالات لتكوين صناعات للمستقبل، تتفرّع منها مجالات عديدة وحديثة تخلق مستقبلاً للشباب.