الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

العدّ التّنازلي للعودة إلى الاتّفاق النّووي!

المصدر: "النهار العربي"
هادي جان بو شعيا
عربة متنقلة في فيينا (أ ف ب).
عربة متنقلة في فيينا (أ ف ب).
A+ A-
في وقت تنشغل فيه الإدارة الأميركية بمواجهة التهديدات الروسية لأوكرانيا، وتعمل على إعداد الأرضية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ للحدّ من الضغوط الصينية على الدول الحليفة، عاد الملف النووي الإيراني ليطفو على وجه الاستحقاقات المصيرية. وهذا ما أكدته المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، في ظل بلوغ المحادثات الأميركية - الإيرانية نقطة حاسمة بشأن العودة المتبادلة إلى التنفيذ الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة، خصوصاً أن اتفاقاً يلوح في الأفق لمعالجة المخاوف الأساسية لجميع الأطراف.

إزاء ذلك، برز تباين في الكونغرس الأميركي بين "الديموقراطيين" حيال توجهات الإدارة الأميركية، رافقته تحذيرات "جمهورية" من مغبّة العودة إلى الاتفاق النووي من دون موافقة مجلس الشيوخ، إثر توجيه 33 عضواً جمهورياً في المجلس، بقيادة السيناتور تيد كروز، رسالة الى الرئيس الأميركي جو بايدن، مفادها التزام هؤلاء الأعضاء توظيف مجموعة متكاملة من الخيارات والنفوذ المتوفرة لدى أعضائه، لضمان التزام إدارة بايدن القوانين الأميركية التي تحكم أي اتفاق جديد مع إيران، وأن أي تطبيق لاتفاقية سيتم تعليقه بشدة؛ إن لم يتم إلغاؤها نهائياً إذا لم تفعل ذلك!

وتضاربات مواقف الخبراء حيال توجه الإدارة الأميركية للعودة إلى الالتزام بخطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران، وكانت لافتة التغريدة التي كتبها مستشار الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، بن رودز، وجاء فيها: "يشعر المرء بالإرهاق من رؤية الأشخاص ذاتهم الذين أثبتوا أنهم مخطئون بنحو كارثي بشأن برنامج إيران النووي، إذ يقدّمون المبررات نفسها لعدم العودة إلى الاتفاق". 

وعليه، لا بد من تحليل فوائد العودة إلى الاتفاق النووي ومساوئها، من منطلق الدخول في لعبة المُهل والتوقعات التي تنطوي على أربع قراءات مختلفة:

- الأولى، تعتبر أن تخفيف العقوبات عن إيران حتى قبل التوصل إلى اتفاق معها يعتبر مؤشراً سلبياً. وتنتقد توقيت تخفيف العقوبات، فيما تواصل إيران نشر الإرهاب في المنطقة، وعرقلة عمل المفتّشين الدوليين المكلّفين مراقبة منشآتها النووية.

ويبرز السؤال عن الجدوى من أي اتفاق يدّعي وضع قيود على برنامج إيران النووي إذا لم يكن بالإمكان التحقق من نشاطاتها النووية، خصوصاً أن إدارة بايدن تخلّت، على ما يبدو، عن وعدها بالتفاوض مع إيران بشأن اتفاق "أقوى"، لتخلص إلى كون الإيرانيين استفادوا من آخر مرة تفاوضوا فيها مع إدارة ديموقراطية، بعكس فريق بايدن.

- الثانية، تسجّل أن عدداً من القيود المفروضة على إيران بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة انتهت، أو أنها ستنتهي في غضون سنوات قليلة، سواء تعلّق الأمر بحظر الأسلحة والصواريخ أم تركيب أجهزة طرد مركزي متطورة. ذلك أنه لا يمكن لواشنطن أن تقبل مجرّد العودة إلى الالتزام المتبادل باتفاق عام 2015. وإن عادت الولايات المتحدة إلى الاتفاق فعليها الاحتفاظ بأوراق ضغط على إيران، بما فيها العقوبات والعمل العسكري، لإرغام طهران على قبول التفاوض بشأن اتفاق "أقوى وأطول من حيث المدة". لذلك يجب على إدارة بايدن عدم اعتماد استراتيجية ربح الوقت، لأن ذلك لا يصبّ سوى في مصلحة إيران.

- الثالثة، تنقل القراءة عن ثلاثة مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية أن أمام إدارة بايدن حتى نهاية الشهر  الجاري لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني؛ وإلا فسيتعيّن على الولايات المتحدة تغيير مسارها وبذل جهود حثيثة لمنع طهران من الحصول على سلاح نووي. وأن الفشل في إنقاذ الاتفاق سيكون بمثابة ضربة كبيرة للرئيس بايدن، خصوصاً أنه سيأتي في الوقت الذي تخضع قرارات الرئيس المتعلقة بالسياسات الخارجية لمزيد من التدقيق في أعقاب انسحاب معيب للغاية من أفغانستان، بالتزامن مع استمرار جهود إدارته لردع غزو روسي محتمل لأوكرانيا.

- الرابعة، لم يترك انسحاب إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من خطة العمل المشتركة الشاملة أي خيارات جيدة لإدارة خليفتها إدارة بايدن. ولعلّ أقلّ الخيارات سوءاً هو جعل إيران تقبل بوجود قيود على حجم المواد التي يمكنها أن تحتفظ بها، وأن تتفق الأطراف الموقّعة على أي اتفاق مع طهران على مدة تفصل إيران عن نقطة الاختراق، بحيث يتسنّى لها الرد على أي خروق إيرانية، أو توجه الأخيرة نحو استغلال قدراتها الحالية من أجل تطوير سلاح وقنبلة نووية. مع الأخذ بالاعتبار أن هذه الدول تمتلك وسائل ردع، لكنها ستكون أقلّ فاعلية، بما فيها الخيارات العسكرية، علماً أنه رغم فجوات أي اتفاق يُبرم مع طهران؛ إلا أنه يبقى أفضل من استمرار الوضع الراهن على ما هو عليه، حيث بات لدى إيران مخزون أكبر من اليورانيوم مع تجاوز نسبة التخصيب لديها الـ60 في المئة.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم