الردود العدوة تدخل كل بيت

العميد مارون توفيق خريش
 
منذ اللحظة الأولى من حرب طوفان الأقصى دأب العدو الإسرائيلي على التخلص من كوادر "حزب الله" ومن نُخَبه المدرّبين ذوي الخبرة والتقنيين، الذين يعملون في الاستعلام وعلى آلات الحرب الحديثة من مسيرات وصواريخ ذات دقة، وعلى الأسلحة الذكية والأسلحة ذات الفاعلية الخاصّة والعالية. وفي العلم العسكري، تندرج العمليات هذه في سياق الضربات الاستباقية لشلّ الوحدات القتالية وتعطيل الاسلحة التي يعتمد عليها، قبل بدء المعركة الكبرى، الآتية لا محالة، التي يتوخّى العدو منها تحقيق أهداف حربه. وقد جاءت عملية السابع عشر من أيلول لتظهر العقل الإجرامي للعدو الذي لم يثنيه عن فعلته إمكانية قتل مدنيين لا علاقة لهم بالحزب، يستخدمون أجهزة المناداة (Pagers)؛ ومن جهة أخرى لترّد على تساؤلات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وعلى مناصريه وكلّ المتابعين لنتائج الرد الذي قام به الحزب على الوحدة 8200 قرب تل أبيب انتقاماً لتصفية القيادي فؤاد شكر. وعلى الرغم من أن التحضير لعملية أجهزة "المناداة" قد امتدّ ربما بالزمن منذ ما قبل الضربة الرّد التي قام بها الحزب، فإن متابعة العملية تثبت أن هذه الوحدة (8200) لم تتأثر بشكل كبير يمنعها من متابعة مهامها.
 
النتيجة والرسالة
الرسالة تقول إن الضربة لم تكن على قدر الخسارة التي مُنيَ بها الحزب باستشهاد القيادي فؤاد شكر. وهناك تقفز عدة سيناريوهات إلى الواجهة؛ الأول إعادة الرد على استهداف القيادي شكر. والثاني هو الرد على العملية التي أودت بحياة عدد من كوادر حزب الله، وأخرجت عدداً كبيراً منهم خارج المعركة نتيجة إصابتهم إصابات بالغة من جراء انفجار الأجهزة المحمولة بين أيديهم أو المعلّقة على خصورهم.
استخدام المسيرات والصواريخ التي عرفناها لغاية الآن لم تكن حاسمة بفاعليتها. وذلك بسبب الاعتراض التلقائي لها من قبل القبة الحديدية فوق الأراضي المحتلة أو من قبل الدول المتحالفة مع الكيان الإسرائيلي كالولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية.
 
ماذا ينتظرنا؟
في العلوم العسكرية يجب أن لا يفصل بين الضربة الاستباقية والمعركة زمنٌ طويل يعطي الخصم الفرصة بإعادة التنظيم وسدّ الفراغ الذي أحدثته الضربة. فهل أصبحت المعركة الكبرى وشيكة؟ نعلم أن "حزب الله" لديه العدد الكافي من العناصر المدرّبة التي تستطيع سدّ الفراغ. فعدد الجرحى لا يشكّل مقتلاً أو شللاً لقوات الحزب، ويبقى العدو الإسرائيلي عاجزاً عن شنّ حرب كبرى على لبنان، خصوصاً عجزه في البرّ مهما كانت قوته الجوية والصاروخية. ويبقى ميزان الاجتياح البريّ لصالح الحزب برغم علمه بالثمن الباهظ الذي سيدفعه من أجل القيام بذلك.
الحلول المحلية بين الحزب والإسرائيلي ليست متاحة، حتى لو تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار في غزّة؛ فهل هناك بوادر حلول إقليمية أو دولية؟ لذلك حسابات معقدة تتعلق بالحروب الدائرة في مناطق أخرى وبالتوازنات الدولية.