الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

ردّي عليّ

المصدر: النهار - محمد سعيد حميد - اليمن
الليالي جاثمة بهول الجائحة وسديم يمزق الأقنعة
الليالي جاثمة بهول الجائحة وسديم يمزق الأقنعة
A+ A-
الليالي جاثمة
بهول الجائحة
وسديم يمزق الأقنعة
وزلزال شوق
لم يفتح معبراَ للنور
والسَلْم حبَّات سُكـَّر
في فنجان الأحلام
والكون خراب
فماذا تبقى لنا يا أمّاه؟
ردّي عليّ الآن، ولو كذباً
تعبت من الأحلام
والبحث عن ماوى
منذ الصغر
ضربت في الأصقاع
والأحلام منّي مرمى حجر
أنا على براق في العنان
وعلى كتفي سنبلة ومنجل
وقلوب الناس قبلتي
وقلبي قبلة العشاق
وبسملة الياسمين
وكم فاتنة راودت هذا القلب؟
وانصرفت
وكم مدائن للعشق فيه قد شيّدت؟
وكم كأساً من الحسن قد شرب؟
بقاع الأرض يا أمّاه
كانت أرجوحتي
والآن من قفصي
أنادي الحسن في كوبا فلا يردّ
أنادي الحسن في روما فلا يردّ
أنادي الحسن في صنعاء فلا يردّ
أنادي الحسن في بيروت فلا يردّ
أنادي الكون فلا يردّ
أنادي الفناء
فيقبل بالأهازيج والغناء
كيف لي أن أصف هذا التوحّش؟
وهذا التصحّر في البشر
تدمى عيونهم للخيل والحجر
وسفك دم السجينة
أمر فيه نظر
هذا ابتداءُ قنص الحمام بغمضةٍ
فدثّروني دثّروني
فجسمي اليوم حطام
ليل وريح
ورائحة البارود
وآهات في عنان السماء
ووجع أطبق مخالبه
وكورونا الجائع
يلتهم ما طاب له
من هنا وهناك
الكلّ حوله يسقط
الأبيض قبل الأسمر
الكلّ لا يجرؤ أن يهرب
سيمرّ قطاره مبتهجاً
مبتسماً
بين غرور وقضبان الطغاة
لا قوّة تجرؤ أن توقفه
فهل سيأتي ليمكث هنا؟
على شفاه حياتنا البائسة
ردّي عليّ الآن ولو كذباً
فالأمر سيّان يا أمّاه
لمن لا يجد لقمة ورداء
لمن يموت مراراً في العراء
هل تذكرين يا أماه؟
ابني الذي كبر
بماذا حلم في الصغر
وحلمي الذي مزّقته العلوج
وحلمي بنظرة تعفيني
في البحث عن وطن
هل تذكرين؟
أبطالنا الذين ماتوا
كيف ماتوا؟
قتلناهم ببساطة
لأنهم رتقوا الحلم
وساروا
ماذا جنيت يا أمّاه؟
وماذا جنى هذا الوطن؟
هل تعلمين كيف أحببته؟
وكيف صُلبت لأجله؟
لأنّي ببساطة
عزفت له لحن الحياة
مزّقت ظلّه الحزين
وحفرت ثغرة للشمس
في صدر السّحب المظلمة
وطرّزت اسمه بماء الذهب
وسرت حافياً
في طرقات السماء
أمزّق ليله وحيداً
وأمضي بعيداً
أعلن ميلاده
على جناح حمامة
وأريج الياسمين
وطرّزتْ الأحقاد
خمائلها وشرّدتني
واتهمتني بالزندقة
وصلبتُ على أبوابه
أكمل مرثيّتي
العالم كان هنا
وطني كان هنا
الحبّ كان هنا
فهل أنتظر في الآخرة عقاب؟
ردّي عليّ الآن يا أمّاه ولو كذباً


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم