الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

نازحون ورازحون

المصدر: النهار - سعد نسيب عطاالله
يسكن لبنان حالياً نوعان من المخلوقات البشرية: نازحون ورازحون.
يسكن لبنان حالياً نوعان من المخلوقات البشرية: نازحون ورازحون.
A+ A-
يسكن لبنان حالياً نوعان من المخلوقات البشرية: نازحون ورازحون.
النازحون يخلدون إلى النوم باكراً مع أفراد عائلاتهم كثيري العدد على أرض غرفة واحدة، يوجد فيها أحياناً براد وغسالة وخزانة، وضوء كهربائي واحد!
ينام الرازحون في وقت متأخر من الليل في شقة أو بيت مستقل، يحتوي أقله على مطبخ وغرفتي نوم، وصالة سفرة واستقبال، أثاثها جميعها كامل، ولا يتعدى عدد الساكنين فيها أصابع اليد، أو اثنين هرمين قد هجرهما أبناؤهما!
يصحو النازحون باكراً، فيذهب معيلوهم إلى أعمالهم، يلعب أطفالهم في الخارج، وتتسوق نساؤهم المشتريات من حوانيت الحي، استعداداً لتحضير وجبات الطعام!
يستفيق الرازحون في وقت متأخر من الصباح، يذهب المحظوظون منهم إلى "التنبلة" في مؤسسات القطاع العام، ويفتح البعض الآخر منهم مؤسساتهم الوضيعة، ويحتسي معظمهم، العاطلون عن العمل، قهوة الصباح مع الاستماع إلى إذاعات الصباح، بينما ترفع النساء، في كلّ بيوتهم، سماعات الهاتف، لطلب المشتريات عن طريق التوصيل إلى المنازل بواسطة النازحين!
تحصل النازحات المتسوقات، أو أولادهنّ البالغين على ربطات الخبز، والخضار والفاكهة، والدجاج والبيض، باكراً، وبالكمية المطلوبة!
تشكو الرازحات المتسوّقات، بشكل عام، من ندرة ربطات الخبز، ونوعية الخضار والفاكهة، واللحوم، وفي أحايين كثيرة من رداءة النوعية، وقلة السيولة!
يتصاهر كلّ النازحين ويتوالدون سنوياً، دون الاهتمام لعدد الولادات أو لعبء تربيتها!
تسود العنوسة بين الرازحين، وتتزايد لديهم هموم وأعباء الاستعداد للاقتران، ويسيرون خلال السنوات المتلاحقة نحو الانقراض!
لا أكتب عن كلا النازحين والرازحين بهذه البساطة من قبيل النيل من أحد منهم، لكنني أرى في هذا السياق من التعبير أسلوباً واضحاً للدلالة اولاً، على بؤس وتعاسة الرازحين "اللبنانيين"، في كنف تسلط هذه المنظومة الظالمة التي لا تخجل من إهمالها لهم، ولا تشبع من نهبهم وسرقتهم، وإذلالهم؛ وثانياً على الراحة النفسية، والتأمينات الصحية والمالية والغذائية المتوفرة للنازحين "السوريين"!
تقوم المنظومة المارقة بإفقار الشعب اللبناني بطرق غريبة وعجيبة مع إطلالة كلّ يوم أسود جديد، مستغلة معدلات خضوعهم وانصياعهم وخوفهم المطلق منها، تجنباً للقمع الأمني المنقطع النظير، وترك حبل انتشار سيطرة وسلاح ميليشيات الأحزاب على غالبها في الأزقة الضيقة، والأحياء الفقيرة!
وعليه، تقوم هذه المنظومة الطغمة، بإقفال كلّ سبل هرب اللبنانيين من هذا الواقع الأليم، حتى تمنعهم من استقلال " قوارب الموت" بحراً، وراء حجة منع النازحين السوريين، الذين قد استقروا في لبنان، ولا يرومون مغادرته مطلقاً!
لقد بلغ سيل عذابات الرازحين زبى القهر، ولا بدّ من ثورة دموية داهمة يعمل فيها "المعذبون في وطنهم" على سفك دماء الظالمين الفاسدين في الشوارع والساحات والمؤسسات العامة الفاسدة!


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم