تلعب المرأة اللبنانية دورًا مهما في مواجهة الوقت الحالي المرير الذي يمر في بلادنا.
وعلى الرغم من تضخم الأزمة المعيشية والصحية والاقتصادية، إلا أن المرأة لا تزال كما عُرفت، قوية وجبارة باستطاعتها تغيير واقعها الأليم ولو بطريقةٍ ما.
لا أحبذ وضع المرأة في خانة الضحية، لكن الحقيقة تُقال، بأن المرأة هي الأكثر تأثرًا بالوضع الاقتصادي الصعب، والدراسات كشفت أن المرأة هي الأكثر تعرضًا للعنف الأسري والتشرد المنزلي، حتمًا بسبب غلاء الايجارات والحياة المعيشية الصعبة. لكن نزولها إلى الشارع ومواجهة أكبر التحديات، يعطيها حافزًا أكبر للاستمرار.
وبحسب المنتدى الاقتصادي العالمي، يُعد لبنان من أسوأ دول المنطقة العربية على مؤشر الفجوة بين الجنسين الأنثى والذكر، ليحتل المرتبة الثالثة، من بعد مصر والأردن.
لفتتني قصة امرأة أربعينية، عاشت قصة حزينة مفرحة.
ربّت وشقت وتعبت، أنجبت طفلتين وعلمتهما. وها هما اليوم، صبيتين تحاربان للبقاء في البلد، بسلاحٍ يعتبر من أقوى الأسلحة: "الشهادة الجامعية".
هربت مارلين، الأم، من واقعها المرير، ومن ضغط الزوج عليها وعادت بعد زمنٍ طويلٍ إلى مقاعد الدراسة. تتحضر لرسالتها الجامعية في الماجستير مع طفلتيها لتحقق أعلى المراتب، إن سمح لها المجتمع على حد قولها.
لا شك أن المرأة اللبنانية، غالبا ما تبحث عن النجاح ولو بعد حينٍ.
انكسر الحلم
ناريمان فتاة طموحة تحب الكتابة جداً. أستاذة لغة عربية وصانعة محتوى. تكتب المقالات، والشعر والسيناريوات والأفلام القصيرة، بجهدها الخاص.
هي فتاة جامعية لا تعمل على أساس تخصصها، إنما في إعداد المخبوزات. تعمل في فرنٍ في مغدوشة، وتخبز وتعجن وتقدم الطلبيات للزبائن.
كورونا غيرت حياتها، وجعلتها تؤمن بنفسها أكثر وأكثر من خلال عمق معرفة ما بداخلها لأن المهم هو الاستمرار.
اعتبرت ناريمان أن حلمها انكسر، وقالت لـ"النهار": "كتبت مسلسلاتٍ طويلةٍ، منها مؤلفة من عدة حلقات ومنها لأفلامٍ قصيرةٍ. لكن المحسوبيات في هذا البلد والوضع الصعب جعلني أبدو مُرهقة بعض الشيء".
وتابعت: "حلمي كان كبير بس انكسر من مخيلتي". صعبةُ هي هذه الكلمات عندما تخرج من أفواه صبية، في زهرة شبابها في بلدٍ لقب ببلد الحَرف.
ولكن "هذه الكسرة أعطتني المزيد من القوة، ودفعتني لأن أتابع وأتابع ولا أبقى على حالي أبدًا".
ناريمان تروي قصتها المؤثرة لـ"النهار"، وتعتبر أن الخيبة جعلتها أقوى.
وعن سؤال عما إذا تعرضت للتنمر، أجابت بـ "لا" . من الواضح أنها لم تتعرض للتنمر ولا حتى لتعليقات سلبية، لأن الوضع المعيشي الصعب أعذرها وحضنها.
لكن لومها الكبير هو على وزارة التربية وعلى كل من ساهم في تخريب مصير الأساتذة.
وتعتبر أن الكلام لم يعد نافعًا. لأن منذ سنتين وأكثر، المطالب نفسها والصمت سائد. وسألت: "إذا لم يحرك الواقع المرير فيهم ساكنًا، هل كلامي سينفع بعد الآن؟".
ناريمان لا تكتفي بالحديث عن نفسها، ناريمان يتحرك في ضميرها شيء يجعلها مسؤولة ولو بطريقة ما، لتشجع كل امرأة لبنانية يئست من هذه الضيقة، لتقول لها:
"فتشي عما يقوله قلبك بداخلك، لا تيأسي واعلمي دائمًا أن العمل يزيدنا قوة. الأبواب حتمًا ستفتح يومًا، لأن الفكرة البسيطة تولد مشاريع عديدةٍ".
ربما الأزمة لم تترك خيارًا للمرأة اللبنانية، عليها أن تعمل جاهدةً لتأمين لقمة العيش، لعل كل سيدةٍ تُمسك بيد حلمها وطموحها يومًا ما.