الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

"فــيـيـــنا 72" الفاكهة المحرّمة

المصدر: النهار - نزار الحصان مخرج سينمائيّ – النمسا
الفاكهة المحرّمة
الفاكهة المحرّمة
A+ A-
قلت: هل لديك كحول؟
تنحنح ونظر إليّ بطرف عينه وقام فأحضر البيرة.
كانَ طوال الوقت يسألُني عن حياتي، تفكيري، علاقاتي، زواجي الفاشل. كلّ شيء كان مهماًّ. لم أجرؤ على اخفاء أيّ حقيقة، أو لعلّي كنت أريد أن أتحدّث بصدق إلى أحد رافق خيالي طوال هذهِ السنين وأردته أن يعرف ذلك. كنت صريحة واضحة حتى أنّي أخبرته بتفاصيل علاقتي الجنسية غير المكتملة في زواجي الفاشل.
كان مستمتعاً بحديثي، عيناه تلمعان بحبّ وتأثّر. ما أجمله مستمعاً!
كنّا قد أنهينا العشاء منذ مدّة. اقترح أن نجلس على الكنبة.
حدّثني كثيراً عن تجاربه وعن علاقاته، وفي كلّ قصّة كان يوصل إليّ رسالة، كمن يريدني أن أمتلك خبرته دون أن أجرّب. ويتشعّب الحديث بين ضحك وجدّ، ولعلّ الكحول أعطت مفعولها.
أشعل سيجارة ثمّ أطفأها مباشرة ومدّ يده بنعومة ملامساً كتفي فارتعش. لفّ يده حولي واحتضنني، فأحسست بشلل في كلّ أعضائي، استسلمت له والتصقت به، وبقينا صامتين. غبت في عطره وأنا أحاول أن أخفي علوّ صوت دقّات قلبي. اشتمّ رقبتي وشعري وقبّله مرّة، ثمّ عاد بقبلة طويلة، وفجأة نهض وضرب بقبضته الطاولة بقوّة أسقطت الكؤوس ومزهرية فيها بعض الزهور التي تكسّرت وتبعثرت على الأرض. أخذ سيجارته المطفأة ومشى فوق الحطام غير آبه بالألم، كنت أسمع صريرها تحت قدميه، فتح النافذة وقف صامتا يدخّن. ترى هل حطّمها متعمّداً كي لا يكسر "التابو" اللعين؟ وقفت خلفه وبي رغبة احتضانه لكنّني تردّدت، انتظرت حتى يهدأ وناديته: "نادر ... نادر"، لكنّه لم يُجبْ. كان في عالم آخر. اقتربت أكتر ولمست كتفه فانتفض واستدار واحتضنني. لم يكن احتضان العشيق بل احتضان أب. أردت أن أبكي ولكنّني ضبطت دموعي كي لا يقول إنّي فتاة صغيرة، قبّلت صدره وابتعدت.
قال: "تأخّر الوقت، إنّها الرابعة صباحاً، بدّلي ملابسك فسأوصلك الى الفندق".
لم نتحدّث طوال الطريق، فقط سرنا بأيادٍ متشابكة.
أمام باب الفندق قال: "أنتِ ليلى الفاجرة وأنا الآن ذئب تساقطت أنيابه.
ستسافرين مساء اليوم"، لم أستطع التمييز أكان كلامه سؤالاً أم أمراً.
اقتربت منه وقلت: "مجنون، وطبعت قبلة سريعة على شفتيه وهرولت الى الداخل".
أغلقت هاتفي لكي أعاقبه في حال اتّصل.
كنت مسرورة جداً لما وصلت إليه، لقد كان هدفي منذ الطفولة أن أثير إعجابه.
طويلاً تقلبت في السرير وكنت أحاول التركيز من خلال نقل أفكاري إليه بالتخاطر، ولأجعله يشعر بالقلق عليّ ويفكر فيّ. وقد نجحت، فقد أسرّ لي في ما بعد أنه لم ينم ليلة البارحة.
في الصباح عزمت على التحدّي ليعرف قيمتي وقدرتي، لست أنا من يخسر التحدّي.
أبقيت الهاتف مغلقاً واتّجهت الى منزله، قرعت الجرس، حين فتح الباب فاجأه حضوري. كان يرتدي البيجامة نفسها التي أعارني إياها، لعلّه يريد أن يشتمّ رائحتي فيها.
قلت: "آسفة أريد أن أستخدم الكمبيوتر لأمر هام؟" أشار إليّ وقال: "سأذهب لآخذ "دشّاً فبإمكانك تحضير القهوة". لم يكن هناك أيّ أمر هام غيره.
تظرت الى الشاشة، كان هناك ملفّ معنون بـ "الفاكهة المحرّمة"، فتذكّرت ما قال لي: "أنت فاكهة محرّمة". ودون تردّد فتحت الملفّ لأقرأ:
"الفاكهة المحرّمة
شهيّة جداً إلى درجة تسلب العقل في وجودها.
ومثيرة للألم إلى درجة جلد الذات والرغبة في الهروب أو الاعتكاف ونبذ الحياة.
إنّها شعلة من الأنوثة الطافحة والعينين الواسعتين اللتين تغريانك بالنظر طويلًا إليهما، وشفتين مكتنزتين مليئتين بالشهوة، والجسد الذي نُحت بعناية فائقة يتلوّى حوله شعرها المتماوج الغزير.
هي لاعبة محترفة ترمي حجر النرد حين تشاء ليستقرّ الوَله في أعماقي.
ذكية اخترقت كلّ حصوني وأدركت أنّها أستطاعت أن تحرّك شهوتي متى شاءت.
كنت أرى ذلك وأفهم لعبتها ولكنّي كنت عاجزاً عن الابتعاد عنها، فهي الشهوة المثيرة وغنج الأنوثة وروح الشباب."
وخوفاً من خروجه، صوّرت الملفّ بـ "كاميرا" هاتفي وأعدت إغلاق الملفّ والهاتف.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم