أعتقد أن أكثر ما يقلك الإنسان ويضعه أمام حيرة هو مفهوم السعادة، قد نتساءل عن مفهوم السعادة، وهل هي متاحة للجميع، وما هي شروطها. وهل للسعادة شروط؟ ربما للسعادة نظريات ومن أبرزها نظرية القناعة، أي أن يكون الإنسان مقتنعاً بالذي أنعمه الله عليه. وقد تكون النظرية الثانية هي عدم مقارنة أنفسنا بالآخرين، ونظرية المقارنة ليست فقط متعلقة بالسعادة، إنّما أيضاً بالنجاح. فقد تلعب المقارنة دوراً سلبياً على حياتنا العملية والمهنية لأنّها تشكّل شعوراً بالاحباط وعدم الاكتفاء الذاتي. وبذلك تكون النظرية الثالثة الوضع الماديّ. ولكن هل كلّ الأغنياء سعداء؟ هناك من يظنّ أنّ السعداء في هذه الدنيا هم سكّان البيوت البسيطة وأصحاب الدخل المحدود، وذلك لأنّهم وضعوا أطماع الدنيا جانباً وأصروا على أن يكونوا أوفياء ومخلصين للعمل الذين يقومون به، ولصحبتهم المجاورة لهم. بينما نرى أنّ أصحاب القصور والمداخيل الكبيرة في حالة من الحزن والشتات وانعدام الشعور براحة البال.
ولكن إن توقّفنا قليلاً ونظرنا في نظريات السعادة، لرأينا أنّها على علاقة وثيقة بالفقراء الذين وضعوا ثقتهم بخالقهم وآمنوا بقسمة الله بين عباده. للكون قواعد وسنن إلهيّة في خلقه وهو مفهوم التغيير. فقد تتبدّل الأدوار بين الناس ويخسر الغنيّ ويربح الفقير، فالله قادر على قلب الموازين فالدوام له وحده.
لا يمكن أن ننعم بالسعادة، إلّا بالتخلّص من الصراع الطبقيّ المسيطر على مجتمعنا وحتّى على عقولنا. أصبح مجتمعنا في حاجة ماسة إلى التوافق والانسجام، وذلك يتحقّق بتحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطينين أجمع، كما أنّ الرضى بقمسة الله في تقسيم الأرزاق.
ختاماً، إنّ السعادة لا تُشترى بالمال ولا تمنح ولا تباع، إنّما نحن من نصنعها لأنفسنا ولمن حولنا. ولنكون أسعد مخلوقات الدارين، علينا أن نسامح عند المقدرة، وأن نرضى بما قسّمه لنا الخالق، وأن نترك شؤون الخلق للخالق، وإن آتنا الله بعلم نافع فعلينا أن ننفع به وأن ننتفع منه. بذلك نكون أسعد مخلوقات الدارين وليمنحنا الله نظرة التفاؤل والأمل، وأن تأتي علينا السعادة صباً.