المنافسة وتبعات حرب الرقائق الإلكترونية تخنقان "إنفيديا" صينياً

 أُجبرت "إنفيديا" على خفض أسعار شرائحها المخصصة للسوق الصينية بضغطٍ من المنافسة الشديدة من شرائح "هواوي" التي أثرت على مستوى الطلب. هذه الخطوة سلطت الضوء على ما تعانيه إحدى الشركات الأميركية العملاقة في صناعة الرقائق، داخل أحد أسواقها الأساسية بعد القيود التي فرضها الرئيس الأميركي جو بايدن على تصدير الشرائح إلى الصين في إطار ما بات يُعرف بـ"حرب الرقائق الإلكترونية" Microchips war.
 
ما هي الشرائح المخصّصة للسوق الصينية؟
قدّمت شركة "إنفيديا"، التي تهيمن على سوق رقائق الذكاء الاصطناعي، ثلاث شرائح مصمّمة خصّيصاً للصين في أواخر العام الماضي بعدما منعتها العقوبات الأميركية من تصدير الرقائق الأكثر تقدماً لديها.
من بين تلك الرقائق، تعد "H20" الأكثر مراقبةً عن كثب لأنها أقوى منتج يباع في الصين لـ"إنفيديا". ونقلتْ "سي إن إن" عن ثلاثة مصادر مطلعة على سلاسل التوريد، أن هناك وفرة في المعروض من الرقائق في السوق، ما يشير إلى ضعف الطلب.
أدّى ذلك إلى بيع شرائح "H20" في بعض الحالات بحسم يزيد عن 10 بالمئة على شريحة "Ascend 910B" من "هواوي". وتُعتبر الأخيرة أقوى شريحة ذكاء اصطناعي تصنعها الشركة الصينية، بحسب اثنين من المصادر الثلاثة.
 
عقبة أخرى
هناك حجر عثرة رئيسي آخر أمام نجاح شريحة "H20" في الصين وهو توجيه من بكين للشركات لشراء الرقائق الصينية، على الرغم من أن اثنين من المصادر الثلاثة قالا إن هذه الطلبات قد خفت في الأشهر الأخيرة.
أصبحت "H20" متاحةً على نطاق واسع في الصين الشهر الماضي. وقد قدّمت بعض شركات التكنولوجيا العملاقة في الصين طلبات للشراء بالفعل. وطلبت شركة "علي بابا" أكثر من 30 ألف شريحة "H20"، وفقاً لاثنين من المصادر.
كذلك أفادت المصادر أن موزعي خوادم الإنترنت في الصين يبيعون "H20" بأسعار تبلغ نحو 100 ألف يوان لكل بطاقة. ويتكوّن الخادم "سيرفر" من ثماني بطاقات، ويُباع بحوالي 1.1 مليون يوان إلى 1.3 مليون يوان لكل خادم.
وبالمقارنة، يبيع الموزعون جهاز "910B" بسعر يزيد عن 120 ألف يوان لكل بطاقة، فيما يبدأ ما يعادله من خادم ثماني بطاقات بسعر 1.3 إلى 1.5 مليون يوان لكل خادم. وأضافت المصادر أن أسعار كل من "H20" و"910B" يمكن أن تتقلب اعتماداً على حجم الطلبات المقدّمة.
وقال ديلان باتيل، مؤسس مجموعة الأبحاث "سيمي أنالوجي"، إنه سيجري شحن ما يقرب من مليون شريحة "H20" إلى الصين في النصف الثاني من عام 2024، ويجب على "إنفيديا" التنافس مع "هواوي" على التسعير.
أضاف باتيل: "تكلفة تصنيع H20 أكثر من H100 بسبب سعة الذاكرة العالية"، مضيفاً أنه يباع بنصف سعر H100، في إشارة إلى شريحة "إنفيديا" القويّة المحظور تصديرها إلى الصين في عام 2022.
 
ضغطٌ على الأداء المالي
تُعدّ الصين سوقاً أساسية لـ"إنفيديا"، وقد أسهمت بالفعل بنحو 17 بالمئة من في إيراداتها للعام المالي 2024. ورغم أن الشركة حافظت على بريقها مع إعلان نتائج الربع الأول متضمناً توقعات بإيرادات وفيرة، شكلت السوق الصينية مصدر قلق واضح، إذ حذر كبار المسؤولين التنفيذيين من أن أعمال الشركة في الصين أقل "بكثير" مما كانت عليه في الماضي بسبب العقوبات.
قالت المديرة المالية كوليت كريس: "انخفضت إيرادات مركز البيانات لدينا في الصين كثيراً عن المستوى السابق، بسبب فرض قيود مراقبة الصادرات الجديدة في أكتوبر. نتوقع أن تظل السوق في الصين تنافسية للغاية في المستقبل".
إلى ذلك، اعتبر المحللون أن أداء "H20" سيكون عاملاً رئيسياً لأعمالها في الصين. في المقابل، ستعتمد الآفاق الطويلة المدى على كيفية تنافسها مع شركة "هواوي" العملاقة للتكنولوجيا المحلية.
ومع استمرار التوترات الجيوسياسية ومعها "حرب الرقائق"، والبيئة الشديدة التنافسية في بلدٍ يُتوقع أن تتجاوز حصته من صناعة الذكاء الاصطناعي 30 بالمئة عالمياً في عام 2035، يبدو مأزق "إنفيديا" طويل الأمد، ما يعني أن استراتيجية خفض الأسعار وحدها قد لا تكون كافيةً لحفظ مكانتها في السوق الصينية، فإلامَ ستلجأ بعد؟