ثمانية اختراعات صنعتها حضارات غابرة وتتحدى معارفنا التكنولوجية

عبر العصور، أبدع الإنسان في ابتكار أدوات وآلات ساعدت في تطوير الحضارات وتحقيق تقدم هائل فيها. ولا تزال بعض هذه الاختراعات تحيّر العلماء والباحثين بسبب تقنياتها المتقدمة واستخداماتها الغامضة، حتى بعد مرور آلاف السنين عليها. وتعكس هذه الإبداعات التي تتراوح بين الأجهزة المعقدة والتراكيب الضخمة، براعة الحضارات الماضية، وهي لا تزال تتحدى فهمنا للقدرات التكنولوجية التاريخية وتظل موضع دراسة وإعجاب شديدين.
 
في هذا التقرير، سنستعرض ثمانية من هذه الاختراعات القديمة التي تتحدى فهمنا الحالي للتكنولوجيا والتاريخ. وسنسلط الضوء على القصص التي تحيط بهذه الاختراعات، والتفسيرات المختلفة التي قدمها العلماء، والتساؤلات التي ما زالت بدون إجابة حتى اليوم.
 
 
1. آلية أنتيكيثيرا Antikythera
 
اكتُشِفت هذه الآلية في حطام سفينة قبالة جزيرة أنتيكيثيرا اليونانية في عام 1901. وتعتبر من أكثر الاختراعات الأثرية إثارة للدهشة والتساؤل في التاريخ. ويُعتبر هذا الجهاز أول حاسوب تناظري في العالم وأقدم جهاز ميكانيكي معروف يحتوي على تروس معقدة. يُقدّر أن تاريخها يعود إلى حوالي 100 قبل الميلاد. وقد استُخدم نظام التروس المعقد كآلية للتقويم (حساب الأيام والأشهر والسنوات) والتنبؤ بالمواقع الفلكية ورصد ظاهرة الكسوف. ويشير تطورها إلى أن التكنولوجيا اليونانية كانت أكثر تقدماً بكثير مما يُعتقد .
 
 
2. الخرسانة الرومانية
 
صمدت الخرسانة الرومانية، التي استُخدمت في بناء المعالم الأثرية الخالدة كالبانثيون والكولوسيوم، أمام اختبار الزمن لما يقرب من ألفي عام، ويتعجب العلماء المعاصرون من متانتها التي تفوق الخرسانة الحديثة. ويكمن السر في الخليط الذي اشتمل على الرماد البركاني الذي ساعد الخرسانة على الصمود أمام تآكل مياه البحر. ويدل ذلك أيضاً على المهارات الهندسية والمعمارية المتقدمة للبنائين الرومان القدماء. كانت الخرسانة الرومانية فعالة بشكل خاص في بناء المنشآت البحرية، مثل الموانئ والأرصفة. وساعد التفاعل بين الرماد البركاني ومياه البحر على تصلب الخرسانة وتقويتها بمرور الوقت، حتى تحت الماء.
 
 
 
3. كأس ليكورغوس Lycurgus
 
يُظهر هذا الكأس الزجاجي الروماني الذي يعود تاريخه إلى القرن الرابع الميلادي خصائص ثنائية اللون، إذ يتغير لونه حينما يمر الضوء من خلاله من زوايا مختلفة. ويرجع هذا التأثير إلى وجود جزيئات نانوية من الذهب والفضة، فهل إنها تقدم مثلاً عن إمكانية وجود  "تكنولوجيا نانو" قديمة سابقة على الفهم الحديث بقرون؟ مجرد سؤال.
 
 
 
4. الفولاذ الدمشقي
يشتهر الفولاذ الدمشقي بصنعة بعض أكثر السيوف حدة ومرونة في التاريخ، وهو نتاج تقنية تشكيل نشأت في الهند حوالي 300 قبل الميلاد. وقد فُقدت العملية الدقيقة التي نتج عنها نصل ذو نقش مميز بحلول القرن الثامن عشر، ولا تزال لغزاً غامضاً. من أكثر السمات اللافتة للنظر في الفولاذ الدمشقي هو نمطه المميز، والذي غالباً ما يشبه المياه المتدفقة أو الخطوط المتموجة، وهذا النمط هو نتيجة عملية التشكيل الفريدة من نوعها، والتي تتضمن طي الفولاذ وطرقه عدة مرات.
 
 
5. جهاز رصد الزلازل الذي صنعه تشانغ هنغ
 
يُعدّ جهاز رصد الزلازل الذي ابتكره عالم الزلازل الصيني تشانغ هنغ عام 132 ميلادية أحد أكثر الاختراعات القديمة إثارة للاهتمام. فقد كان هذا الجهاز قادراً على رصد الزلازل من بُعد مئات الأميال، حتى عندما لا يكون هناك أي هزات أرضية في موقع منظار الزلازل. كان الجهاز يُسقط كرة من فم التنين إلى فم الضفدع المقابل له، مما يشير إلى اتجاه الزلزال. ولا تزال طريقة العمل الداخلية لهذا الجهاز، الذي لم يستخدم أي تقنية حديثة للكشف عن الزلازل، لغزًا غامضًا بالنسبة للعلماء اليوم.
 
 
6. ساعة قطيسيبيوس Ctesibius الإسكندري
 
طوَّر قطيسيبيوس الإسكندري وهو مخترع وعالم رياضيات يوناني، ساعة مائية متطورة للغاية تُعرف باسم "كليسبيدرا" في القرن الثاني قبل الميلاد تقريباً. لم يكتفِ هذا الجهاز بتحديد الوقت فحسب، بل كان يحسب أيضاً الأطوال المتفاوتة للأيام على مدار العام. واستخدم نظاماً معقداً من التروس وتدفق المياه لقياس الوقت بدقة. وقد شكّل ذلك تقدماً كبيراً مقارنةً في طرق ضبط الوقت آنذاك. لا تزال دقة وتعقيد ساعة كتسيبيوس المائية تثير إعجاب المهندسين المعاصرين الذين يدرسون التقنيات القديمة.
 
 
 
 
7. بطارية بغداد
تتألف هذه القطعة الأثرية من وعاء فخاري وأنبوب نحاسي وقضيب حديدي، وقد تكون هذه القطعة الأثرية التي تعود إلى العصر البارثي (250 قبل الميلاد إلى 224 ميلادية) أقدم بطارية كهربائية معروفة. وقد استُخدِمَتْ بالفعل لأغراض الطلاء الكهربائي أو الأغراض الطبية، ويعني ذلك أن المعرفة بالكهرباء سبقت عصر اكتشافها في الأزمنة الحديثة.
 
 
 
 
8. قرص فايستوس Phaistos
 
اختراع قديم آخر لا يزال يحير العلماء وهو قرص فايستوس. اكتُشف هذا القرص في عام 1908 في قصر فايستوس المينوي في جزيرة كريت، وقد صُنِعَ من الطين المحروق. ويتميز برموز لولبية فريدة منقوشة على الجانبين كليهما. وعلى الرغم من الدراسة المستفيضة، لا يزال معنى هذه الرموز والغرض منها لغزاً غامضاً. وتشير بعض النظريات إلى أنها قد تكون شكلاً من أشكال الكتابة أو تقويماً أو حتى لعبة، ولكن لم يتم التوصل إلى نتيجة نهائية.