يبتسم الموسم الرمضانيّ لفادي أبي سمرا بدورين مُتقَنَين: أمين في "للموت" وسلطان في "عشرين عشرين". شاطر في الأداء، مُقنِع، لا يرتبك ولا يفتعل. ممّن تميّزوا، وعلَّموا. شخصيتان لا غبار عليهما، ملأهما من دون نواقص. الفارق يكمن في العلاقة بالتفاصيل والجريان في عروق الشخصية. فتصبح هي الممثل، والممثل هي. أي أنّه لا يؤدّي دوراً، بل يعيش حالة. والنجاح في البصمة واللمعة. بالدورين، القالب غالب.
تُكتَب أدوارٌ، وعندما تُنفَّذ، قد تتعثّر. أمين من الشخصيات المقدَّمة بمهارة فنان. من الـ"سيس" إلى "الدُشش"، وما بينهما، كلّ الطمع والقرف والتنازل. سائق سيارة أجرة، يتلطّى خلف السعي الشريف لكسب الرزق، بمحاولات مشبوهة لكسب المال الحرام. "طنجرة ولاقت غطاها"، هو وكارول عبود بدور سارية. رائعان. لا مبالغة في اعتبارهما نجمَي المسلسل (كتابة نادين جابر، إخراج فيليب أسمر، "إيغل فيلمز"، "أم تي في"). مَشاهدهما لا يُعلى عليها.
فادي أبي سمرا، ابن الخشبة، يُخرِج معدّاته وينطلق في الحفر. شخصية أمين تثبت جدارة. وإذ اشترطت ممثلاً محنّكاً، فهو بحجم الشرط. أدّى الانفعالات المطلوبة، والبرودة المطلوبة، والقسوة وعدمية الأخلاق. لم يحد ميليمتراً عن الشخصية. كظلٍّ وشخص، خيَّط فصولها. ووضع أثوابها عليه. برافو عن جدارة.
وسلطان في "عشرين عشرين" (كتابة نادين جابر وبلال شحادات، إخراج فيليب أسمر، "الصبّاح أخوان"، "أم تي في"، "أم بي سي دراما")، أكّد حضوره وسط الأسماء المُتنافِسة. لحّام، يسلخ جلده أيضاً. ويقدّم الجودة التمثيلية. سلطانٌ في الدور. بحقْن الغضب وفلْش الانفعالات، والإقدام كلّما سنحت الفرصة. صيت عاطل في الحيّ، شخصية مكروهة، لا مجال للتعاطف الواسع معها. وإن كان الحقّ معه، فبسبب الوطاوة، يصبح عليه. وجد نفسه فريسة في غابة، فقرّر أن يكون ذئباً لئلا تأكله الذئاب. يقف في وجه الريّس صافي (الرائع قصي خولي) لردّ الاعتبار لنفسه وعائلته، لكنّ المنظومة أقوى من الفرد. أبي سمرا خارج الـRed zone. لا خطر عليه من المبالغة أو الفايك. حريص على الشخصيتين، يؤدّيهما على أكمل وجه. سلطان له مكانة، لكنّ أمين "الكلّ بالكلّ". المال أعماه، فصدّقنا أنّه طميّع وضيع. من أشطر الشخصيات. إقناعٌ ذهبيّ.