منافسة باهتة عنوانها "التغيير": 7 لوائح "ثورة" ومستقلّين في طرابلس!
لم ينتظر الناخب الطرابلسي حلول مأساة "زورق الموت" ليل السبت الماضي حتى يُكذّب أيّ أمل، ويجد في طروحات "قوى التغيير" تصوّرات بعيدة بل بائدة، خصوصاً أنّ أدوات استجابة المرشّحين التغييريين لهذا المُصاب العظيم لم تختلف قيد أنملة عن تلك التي تنطّح لها رموز السلطة وزعماء طرابلس: بيانات، كلمات لن تحيي الضحايا، وقد يرافقها حضور استعراضيّ إلى شاطىء الجريمة.
ولا غرابة إذن في اختفاء أدبيّات "عروس الثورة" في المزايدات الانتخابيّة، إمّا خجلاً، أو إمعاناً في اليأس، وكلا الأمرين حقيقة. ولعلّ الانتخابات النقابيّة في طرابلس (أطبّاء، مهندسون، محامون، أطبّاء أسنان، صيادلة) قد أعلنت الفشل على جرعات، ولا عبرة من الدّروس!
اللوائح
قد يكون "تطيير الحاصل" أول ضمانات الفشل، الّتي تُنتجها كثرة اللوائح. فمن مجموع 11 لائحة نهائيّة في طرابلس، يُنافس "تغييريون" و"مستقلّون" لوائح السّلطة، فيما يتنافسون بينهم ضمن 7 لوائح، تتمتّع 4 منها بملامح معروفة نسبيّاً:
ومن الجليّ أنّ اللائحة لا تعقد آمالاً بالفوز، إنّما تؤمن بمسار تغيير طويل. وهذا ما بدأه تكريتي في خيمة التوعية "ساحة ومساحة"، ومؤخّراً في لقاءات صغيرة مع الشباب لمدّهم بخبرة في سبيل تطوير مشاريعهم الرياديّة.
لائحة التغيير الحقيقيّ: قوامها تحالُفٌ بين رجل الأعمال إيهاب مطر والأمين العام للجماعة الإسلامية عزام الأيوبي. طرح مطر، وهو المغترب العائد من أوستراليا، شعاره الإنشائيّ "رجعنالك لترجعي"، وسرعان ما ترجمه بربطات خبز طبع عليه اسمه بالخطّ العريض. وإذ يبدو جليّاً التحالف المصلحيّ بين تمويل رجل الأعمال وقاعدة "الجماعة"، يسأل طرابلسيون إن كان التغيير يقضي بتسعير كرامات ووجع الناس بربطة خبز! وكيف قرّرت ناشطة تتمسّك بشعارات "الثورة" التحالف ضمن اللائحة مع حزب عقائديّ إسلاميّ؟
لائحة الجمهورية الثالثة: واسمها "أول غيثِ" الطموحاتِ التي يسوّق لها عمر حرفوش بثقة تامّة، علاوة على شخصيّته وخلفيّته الإشكاليّتين، وشنِّه حروباً إلكترونيّة شتّى، لا تُغني ولا تسمن، وهو يبذل كلّ مجهوده لزجّ الطغمة الفاسدة في السجن بعد استرداد الأموال المنهوبة، مشدّداً على أنه يملك الحلّ الجذريّ لأزمة النفايات، فيما يردّد أنّه سيُشغل، على الأقل، رئاسة مجلس الوزراء، وأن لا سلاح في الضاحية.
ولا تزال لائحة "الاستقرار والإنماء" مبهمة الخلفية، وتضمّ مهنيّين لا تحسب لهم تجربة في الشأن العام، بالإضافة إلى لائحتي "فجر التغيير" و"طموح الشباب" بحضور شبه منعدم ومقاعد عديدة شاغرة.
أبرز المنشقّين والمنسحبين
وسط هذا المناخ من الضعضعة والتشابكات التي استعصت حلولها، انسحب قبيل إعلان اللوائح المرشّحين يحيى مولود (حزب لنا) وجيمي كرم، مؤسّس مبادرة "مدرسة المشاغبين" التي لمع نجمها في الثورة.
يذكر أنّ مولود خاض انتخابات 2018 على لائحة المجتمع المدنيّ، ومن بعدها الانتخابات الفرعيّة. وعند انسحابه مؤخّراً، قال مولود إنّ "معركتنا معركة وعي".
ولعلّ أبرز "المنشقّين" عن الثورة هو رامي أسّوم، المهندس الذي انضمّ إلى لائحة كرامي- الصمد "الإرادة الشعبيّة" طارحاً حلولاً وإصلاحات اقتصاديّة.
رامي ترشّح ضمن قوى المجتمع المدني والمستقلّين في الانتخابات البلدية 2016، وحاول مراراً وتكراراً عقد لقاءات بين نشطاء المجتمع المدني في منزله بهدف توحيدهم في انتخابات 2018 لكنّ محاولاته لم تجدِ نفعاً. وحين شارك في الثورة وحاول تشكيل تنسيقية، جرى تخوينه من قبل النشطاء فانكفأ عن الثورة، وتشكّلت قناعاته بأنّها ثورة "ضدّ قوى 8 آذار فقط".
وكان "المنتدى الاقتصادي والاجتماعي" يشارك بزخم في الثورة، وطرح مرشّحه أحمد حلواني، لكن "النهار" علمت بأنّ "انتفض للعدالة" لم تضمّه، فضمّ صالح المقدّم "مرشّح ظلّ" للمنتدى، ضمن تحالف ريفي- القوات في لائحة "إنقاذ وطن"، التي ضمّت أيضاً فوزي فرّي، الذي خاض الثورة "من بابها لمحرابها"!
لا تغيير
قبل هيمنة قضية "زورق الموت" على مواقع التواصل، تشارك الطرابلسيّون فيديو "فايرال"، كأنّه يمثّلهم وسط تلك البازارات. يظهر شابٌ من جمهور مهرجان انتخابيّ في طرابلس: "أشارك وأنا أعرف مسبقاً أنّ الانتخابات لن تغيّر شيئاً"، يقول للمذيعة، "أتعلمين، حتّى النفايات بالقرب من مسجد في طلعة الرفاعية لن يزيلوها!".
في المحصلة، لا تزال "مطرقة السلطة" أقوى من "سندان التغيير"، تلك التي تلجأ كما عادتها إلى "دولرة" الأصوات. ويبقى السؤال، إلى أيّ حدّ يستطيع المال الانتخابي خداع المزاج اليائس، وهو لسان حال الأغلبية العظمى من الطرابلسيين الذين قالوا إنهم سيلازمون بيوتهم يوم 15 أيار.