توقيع اتفاق الترسيم البحري في الناقورة اليوم... لابيد: لبنان "اعترف" بإسرائيل

يوقّع ممثّلون عن لبنان وإسرائيل اليوم اتفاق ترسيم الحدود البحرية بعد أشهر من مفاوضات مضنية بوساطة أميركية، ما أتاح لإسرائيل البدء بإنتاج الغاز من منطقة كان متنازعاً عليها، فيما يأمل لبنان بدء التنقيب قريباً.
 
وتمهيداً لتوقيع الاتفاق ظهر اليوم في الناقورة، التقى الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وسلّمه الرسالة الأميركيّة الرسميّة بحضور أعضاء الوفد المفاوض مع الجانب الأميركي.
 
من جهتها، صادقت الحكومة الإسرائيلية بالإجماع على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان قبيل ساعات على توقيعه رسميّاً في الناقورة.

واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد أنّ لبنان "اعترف" بدولة إسرائيل من خلال موافقته على الاتفاق الترسيم مع إسرائيل بوساطة أميركية. وقال لابيد، في مستهل اجتماع مجلس الوزراء الخاص بالموافقة على الاتفاقية، إنّ "هذا إنجاز سياسي، فليس كل يوم تعترف دولة معادية بدولة إسرائيل في اتفاق مكتوب أمام المجتمع الدولي بأسره".
 
وقال: "إسرائيل حقّقت إنجازاً اقتصاديّاً بعد بدء ضخ الغاز من حقل كاريش، كما سنحصل على 17% من غاز حقل قانا".

 
وعشية التوقيع، أعلنت شركة "إنرجيان" بدء إنتاج الغاز الأربعاء من حقل كاريش البحري الذي كان يقع في منطقة متنازع عليها وبات كاملاً من حصة إسرائيل بموجب الاتفاق.

وتسارعت منذ أشهر التطوّرات المرتبطة بملف ترسيم الحدود البحرية بعد توقف لأشهر جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها. وبعد لقاءات واتصالات مكوكية، قدّم الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين مطلع الشهر الحالي مسوّدة اتفاق أخيرة أعلن الطرفان موافقتهما عليها.

وجال هوكشتاين صباح على الرؤساء الثلاثة، قبل أن يتوجه عصراً إلى مقرّ قوات الأمم المتحدة في بلدة الناقورة في جنوب لبنان حيث سيتم توقيع الاتفاق، وينتقل بعدها إلى إسرائيل.
 
اقرأ أيضاً: "يوم تاريخي"... هوكشتاين سلّم عون نصّ الاتفاق الرسمي للترسيم: ليس من مصلحة الطرفين خرقه
 
 
من قصر بعبدا، أكد هوكشتاين أنّ "الاتفاق سيشكّل نقطة تحوّل للاقتصاد اللّبناني ومن شأنه توفيرالاستقرار على جانبي الحدود".

ولفت هوكشتاين، عقب لقاء جمعه بعون و نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب ووزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بحضور السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، إلى أنّ "لا بنود في اتّفاق ترسيم الحدود البحريّة من شأنها تأخير تنقيب لبنان عن الطاقة، وإذا حصل أي خرق لاتفاق ترسيم الحدود البحرية فإنّ لبنان وإسرائيل سيخسران".

كما أوضح أنّ "الاتفاق يسمح ببدء العمل في حقل قانا وحق الشعب اللبناني مضمون ببنود الاتفاق".

وكون لبنان وإسرائيل يُعدان في حالة حرب، من المفترض أن يُسلِّم كلّاَ من الطرفين في غرفتين منفصلتين رسالة تتضمن موافقتهما إلى الوسيط الأميركي.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إنّ الاتفاق "سيأخذ شكل تبادل رسالتين، واحدة بين لبنان والولايات المتحدة وأخرى بين إسرائيل والولايات المتحدة".

وستحضر المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونِتسك التوقيع، حيث سيتم تسليمها الإحداثيات الجغرافية المتعلقة بترسيم الخط البحري التي اتفق الطرفان على إرسالها للأمم المتحدة.

وستُحلّ تلك الإحداثيات مكان تلك التي أرسلتها الدولتان إلى الأمم المتحدة في العام 2011.

بدوره، أوضح المسؤول الإعلامي للرئاسة اللبنانية رفيق شلالا أنّ مهمة الوفد اللبناني ستقتصر على "تسليم الرسالة فقط بحضور هوكشاتين وممثل الأمم المتحدة، ولن يلتقي مع الوفد الاسرائيلي إطلاقاً".

من جهته، أكد نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب أنّ هوكشتاين سلّم رئيس الجمهورية ميشال عون نصّ الاتفاق الرسمي لترسيم الحدود البحرية، وبالمقابل وقّع عون رسالة تقول إنّ لبنان استلم الرسالة الأميركية ووافق على مضمونها".

وقال بوصعب إنّ "عون كلّف وفداً باسمه لتسليم الرسالة إلى هوكشتاين في الناقورة وستكون هناك رسالة أيضاً للأمم المتحدة من قبل الخارجية اللبنانية".

كما توجّه بوصعب بالشكر لهوكشتاين على "مساهمة عمله بالوصول إلى هذا الاتفاق التاريخي ولم نأخذ طرفاً مع أحد".

وأفيد أن الوفد اللّبناني الذي سيتوجّه إلى الناقورة يضم: مدير عام رئاسة الجمهورية أنطوان شقير والعميد الركن منير شحادة مفوض الحكومة لدى القوات الدولية وسام شباط عضو هيئة إدارة النفط وأحمد العرفة رئيس مركز الاستشارات القانونية.
 
خاص "النهار": كيف يرى "حزب الله" من اليوم استخراج الغاز بجوار العدو؟
 


"تدفق الغاز"

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، إثر لقائه نظيره الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، أمس الأربعاء، أنّ من شأن الاتفاق أن "يخلق أملاً جديداً وفرصاً اقتصادية"، واصفاً إيّاه بـ"التاريخي".

وسيدخل الاتفاق حيز التنفيذ، وفق النص الذي اطلعت عليه وكالة فرانس برس، عندما ترسل الولايات المتحدة "إشعاراً يتضمن تأكيداً على موافقة كل من الطرفين على الأحكام المنصوص عليها في الاتفاق".

ولم يكن التوصّل إلى اتفاق بالأمر السهل، إذ إن المفاوضات التي بدأت في العام 2020 تعثرت مرات عدة، قبل أن تتسارع منذ بداية حزيران إثر وصول سفينة إنتاج وتخزين على مقربة من حقل كاريش، الذي كان لبنان يعتبر أنه يقع في منطقة متنازع عليها.
 


وبموجب الاتفاق الجديد، يصبح حقل كاريش بالكامل في الجانب الإسرائيلي، فيما يضمن الاتفاق للبنان حقل قانا الذي يتجاوز خط الترسيم الفاصل بين الطرفين.

وستشكل الرقعة رقم 9 حيث يقع حقل قانا منطقة رئيسية للتنقيب من قبل شركتي توتال الفرنسية وإيني الإيطالية اللتين حصلتا على عقود للتنقيب عن النفط والغاز.

وأعلنت شركة "إنرجيان"، أمس الأربعاء، بدء إنتاج الغاز من حقل كاريش، وقالت إنها تأمل أن تتمكن في المدى القريب من إنتاج 6,5 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً، على أن ترتفع الكمية لاحقاً إلى ثمانية مليارات متر مكعب في السنة.

وقالت الشركة: "يسرّنا أن نعلن إنتاج أولى كميات الغاز من حقل كاريش قبالة سواحل إسرائيل بأمان... يتزايد تدفق الغاز باطراد".

أما لبنان، فقد تم الاتفاق مع شركة "توتال" الفرنسية على البدء بمراحل التنقيب فور الاتفاق النهائي.

وبرغم الاتفاق، يرى خبراء أن لبنان لا يزال بعيداً من استخراج موارد النفط والغاز، وقد يحتاج ذلك من خمس إلى ست سنوات.
 
خاص "النهار": لا تهليل للترسيم: لا ثقة بالمسؤولين