كشف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت عن صور زعم أنها لمطار بنته إيران من خلال "حزب الله" في الجنوب اللبناني لمهاجمة إسرائيل، يبعد 20 كيلومتراً عن الحدود الإسرائيلية، قد يتّسع لطائرات متوسّطة الحجم، وهو ما رسم علامات استفهام حول واقعية الاعلان الاسرائيلي وتبعاته الخطيرة على لبنان.
ما من تفاصيل حول طول المدرج أو محتويات المستودعات، لكن وفق غالانت فإنّه قد يُستخدم لطائرات متوسطة الحجم أو للمسيّرات التي من المعلوم أن إيران باتت تصنع منها وتصدّرها لدول العالم، ومنها روسيا. وثمّة معلومات تتحدّث عن قدرة "حزب الله" أيضاً على تصنيع هذه "الدرونز" في لبنان، وبالتالي ثمّة أسئلة تُطرح بشأن هذا المطار واستخداماته أولاً، وخرقه للسيادة اللبنانية وللقرارات الأممية وعلى رأسها 1701 ثانياً.
ونقلت "رويترز" عمّن وصفته بمصدر غير إسرائيلي "على علم بالموقع" قوله إنه "يمكن أن يتسع المطار لطائرات مسيرة كبيرة بعضها مسلح تشبه ما تنتجه إيران".
وأضاف المصدر أن "الطائرات المسيّرة التي قد تنطلق من هذا الموقع يمكن استخدامها في الأنشطة العملياتية الداخلية والخارجية، لكنّه ذكر أن طبيعة مدرج الطيران واتجاهه يشيران إلى أنه سيُستخدم داخلياً على الأرجح".
الباحث في الشؤون العسكرية العميد المتقاعد ناجي ملاعب أشار إلى أن "الحديث عن مدرج بهذا الطول والحجم، ووجود أعلام لـ"حزب الله" وإيران في منطقة تبتعد 20 كلم عن الحدود الدولية غير منطقي، لأن كل ذلك يقع ضمن بقعة جنوبي الليطاني وهي منطقة انتشار قوات الطوارئ الدولية اليونيفيل".
وفي حديث لـ"النهار"، لفت ملاعب إلى أنه "لو كان ثمّة أي مدرج، لكانت قوات "اليونيفيل" أفادت عن الموضوع، مع العلم بأن بناء مدرج بهذا الشكل يستلزم وقتاً طويلاً، ولم يمض 15 يوماً للتجديد لقوات "اليونيفيل"، وبالتالي لو أن الموضوع حقيقة، لكانت "اليونيفيل" قدمت تقريراً للأمم المتحدة بهذا الخصوص قبل التجديد، ثم إن مخابرات العديد من الدول موجودة في لبنان، وكانت ستعلم".
وسأل ملاعب: "لأي طائرات قامت إيران و"حزب الله" ببناء هذا المدرج؟ أحدث طائرات سلاح الجو الإيراني هي مقاتلة الـF4 الأميركية، وثمة عقود مع الروس لتسليم طائرات حديثة، لكن يجري التدريب عليها ولم يتم تسلّمها بعد ليكون لها مدرج، ما يعني أن لا طائرات لتنزل بالمطار حتى".
وأضاف ملاعب: "إن كان "حزب الله" بحاجة إلى مدرج لإطلاق أو استقبال الطائرات المتوسطة الحجم كما يدّعي غالانت، يُمكن لطائرات الشحن أن تهبط في مطار بيروت الدولي الذي يقع بشكل واضح في منقطة نفوذ "حزب الله"، ولو كان فعلاً بحاجة إلى أسلحة وذخائر، يُمكن استخدام المطارات السورية، وهو يستخدمها أساساً وإسرائيل تستهدف تلك المطارات كحلب ودمشق".
ورداً على فرضية أن يكون المدرج لطائرات "الدرونز"، قال ملاعب: "ثمّة ثلاثة أنواع من المسيّرات، وهي الانتحارية، المسيّرات ذات الأجنحة المدوّرة، والمسيرات ذات الأجنحة الثابتة، الأولى وزنها خفيف لا يتعدى الـ40 كلغ ويُمكن تطييرها من موقعها، وذات الأجنحة المدوّرة تطير أفقياً ولا تحتاج إلى مدرج، أما ذات الأجنحة الثابتة فهي تُطلق عبر مزلاج باستخدام قوة دفع (أي من خلال النقف) ولا تحتاج إلى مدارج طويلة من أجل السرعة".
وبرأي ملاعب، فإن "إثارة الموضوع يبدو للاستخدام الداخلي، فالحكومة اليمينية في إسرائيل تعاني وتواجه التظاهرات، والهدف من التصريحات "تكبير حجر "حزب الله" وإيران"، ونقل رسالة مفادها أن المطارات الإيرانية صارت على حدودنا، كل ذلك بهدف التجييش الداخلي".
ثم أشار ملاعب إلى أن "ثمّة مفاوضات سعودية - أميركية ومفاوضات أميركية - إيرانية، وثمة تدخل سعودي لإعادة الحق العربي للفلسطينيين بدولتهم المستقلّة، لذلك يمكن أن يكون الهدف من الإعلان "خربطة" أي جهود سلمية تجري في المنطقة، لأن إسرائيل تخشى تمكّن إيران من زيادة نسبة التخصيب وإنتاج قنبلة نووية من خلال هذه المفاوضات".
في المحصلة، لا تأكيدات بعد حول هذا المطار ولا معلومات محلية، أكان لجهة "حزب الله" أم الدولة اللبنانية وأجهزتها الأمنية، لكن وجوده يعني خرق الحزب الفاضح للقرار الأممي 1701 الذي يدّعي لبنان التمسّك به، ويعني إعطاء إسرائيل ذريعة تنفيذ هجوم عسكري عليه وعلى مواقع أخرى جنوبي الليطاني، ثم يعني أن إيران باتت تعتبر لبنان مستعمرةً إيرانية بشكل خالص وتبني المدارج وقد ينسحب ذلك على المرافئ أيضاً، وهي جملة اعتبارات تفتح الباب أمام احتمالات كثيرة، أحلاها مرّ!