الثلاثاء - 09 تموز 2024

إعلان

"الثنائي" يحشد لرفع الحاصل في بعلبك-الهرمل... معارضة شرسة ومفاجآت وانسحابات

المصدر: بعلبك- "النهار"
مسنّ يحمل غالون من المازوت أمام قلعة بعلبك (من أرشيف "النهار").
مسنّ يحمل غالون من المازوت أمام قلعة بعلبك (من أرشيف "النهار").
A+ A-
وسام إسماعيل

تسارعت وتيرة الحركة الانتخابيّة في دائرة بعلبك الهرمل الثالثة، وبدأت اللمسات الأخيرة توضع على اللوائح قبل إعلانها خلال الأيام القليلة المقبلة، وأصبحت ملامح الخطط الانتخابية واضحة المعالم، تزامناً مع إطلاق الماكينات الانتخابية للقوى الأساسية فيها.
لا تخفي عشائر وعائلات المنطقة استياءها من الإهمال والحرمان الذي يسِم المنطقة منذ عقود مضت، والذي لم تخفف من وطأته مشاريع متفرّقة أو مبتورة نُفّذت بين الحين والآخر.

وفي المشهد الانتخابيّ، بات قطار تأليف اللوائح على مشارف خواتيمه، متلازماً مع التروّي والدّقّة في الحسابات، فالمعركة في دائرة البقاع الثالثة، التي تمتدّ على مساحة 3009 كيلومترات مربّعة، ليست سهلة، والتنافس يجري على عشرة مقاعد نيابيّة موزّعة ضمن حصص طائفيّة على الشكل الآتي: (6 للشيعة، إثنان للسنة، مارونيّ واحد وكاثوليكيّ واحد).

أما عدد الناخبين المسجّلين فهو يقارب الـ310 آلاف، 70% منهم من الشيعة. ومن المتوقّع أن تبلغ المعركة الانتخابية في الدائرة أشدّها، أمّا نتائجها فهي غير محسومة لأحد؛ وذلك يعود لعوامل عدّة؛ فالعنوان الدائم لكلّ استحقاق هو "الإنماء" إلا أن الإهمال والحرمان هو سمة المنطقة، وسط كثرة الوعود؛ وذلك ما كان الدافع لارتفاع عدد المرشّحين إلى 82 مرشّحاً معظمهم معارضين للواقع الحالي.
 
وبالتالي، ستخوض خمس لوائح معركة انتخابية، ثلاثة منها ذات موقف اعتراضيّ على الواقع الحالي بوجه لائحتين أساسيّتين تضمّان نواباً حاليين؛ الأولى مدعومة من "حزب الله"وحلفائه من أحزاب "أمل" و"التيار الوطني الحر" و"السوري القومي الاجتماعي" و"البعث"، فيما الثانية محصورة بـ"القوات اللبنانية" ممثلة بمرشّحها النائب الحالي أنطوان حبشي، وحلفاء مستقلّين لها ليصل عدد إجمالي اللوائح إلى خمس لوائح، أربع منها مكتملة، وواحدة غير مكتملة، بينها لائحة تحمل عنوان العشائر في دلالة على تسجيل استياء عائلي وعشائريّ للبعض من آليّة اختيار النوّاب، ومن تهميش دورهم. كذلك تبرز لائحة ائتلاف الثورة الرافضة للمنظومة الحاكمة والفساد، وتجد في الاستحقاق المرتقب فرصة للتغيير، وهو ما يتشاطرونه مع بقية المرشّحين الذين يسجّلون اعتراضات بالجملة.
 
والمشهد الأخير للوائح مرهون بالانسحابات التي بدأت تشهدها المنطقة، وأوّل المنسحبين حتى الساعة كان المرشّح الماروني حنا جعجع، تلاه النائب السابق عاصم قانصوه، الذي أظهر ترشّحه حجم النزاعات الداخليّة ضمن حزب البعث، خاصّة بعد إعلان أمينه القطري علي حجازي ترشّحه عن الدائرة على لائحة تحالف الأحزاب المدعومة من حزب الله، لينتزع منه الموقع على اللائحة بعد أسابيع قليلة النائب الحالي جميل السيد، والذي بات شبه محسوم بأن يكون المرشّح الشيعي السادس على لائحة الحزب إلى جانب مرشّح حركة أمل النائب غازي زعيتر. أمّا المرشّحون الأربعة لحزب الله فهم من دون تعديل بالأسماء النواب الحاليّون (حسين الحاج حسن، علي المقداد، إبراهيم الموسوي، إيهاب حمادة).

أمّا المقعدان السنيّان فسيكونان من نصيب "ينال صلح" ابن مدينة بعلبك، وملحم الحجيري من بلدة عرسال، حيث القاعدة السنية الكبرى. أمّا المقعد الماروني فسيكون من نصيب الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي وقع اختياره على "عقيد الحدشيتي"، فيما الكاثوليكيّ من نصيب "التيار الوطني الحر" في محاولة لرفع عدد كتلته، بالرغم من ضعف قاعدته المسيحيّة في المنطقة، على أن يختار خلال الأيام القليلة المقبلة مرشّحه، وإن بات شبه محسوم اختياره طبيب القلب الدكتور سامر الثوم.

في المقابل، اللائحة الثانية المدعومة من القوات اللبنانية، والتي تحظى بالقاعدة المارونية الأقوى من دون منازع، أبقت على مرشّحها الماروني النائب الحالي أنطوان حبشي، ووقع الاختيار على إيلي البيطار للمقعد الكاثوليكي، والدكتور صالح الشلّ وسميح عز الدين للمقعدين السنيّين، فيما المقاعد الستة الشيعيّة سوف يشغلها كلّ من الشيخ عباس الجوهري، حسين رعد، رامز أمهز، هيمن مشيك، محمد عثمان، على أن تتمّ غربلة باقي الأسماء خلال الأيام القليلة المقبلة، وهو حال اللوائح الأخرى التي تعيش مخاض ولادة يعود تعثّرها إلى كثرة المرشّحين، وبانتظار ما ستفضي إليه اللقاءات المكثفة التي يجريها المرشحون.

ويمكن أن تشهد الدائرة مفاجآت كثيرة، والأسئلة الأساسيّة منها حقيقة قدرة الثنائيّ على رفع الحاصل الانتخابيّ، حيث يتمتع بالقدرة الشعبيّة الشيعيّة الأكبر، لمنع انتزاع اللوائح الأخرى مقاعد، وعلى رأسها اللائحة الثانية المدعومة من القوات، لأنها المنافس الأقوى، بعدما تمكّنت في استحقاق 2018 من انتزاع مقعدين بتحالفها مع تيار المستقبل، وهما الماروني والسني. ويبقى السؤال الثاني، وهو ما لا يمكن الإجابة عنه إلا في صناديق الاقتراع، حول الشعبيّة الحقيقيّة لقوى التغيير (الثورة) في المنطقة، ورغبة الكثيرين في الخروج من العباءات الطائفية والحزبية، ومدى خلطها الأوراق وتغيير الواقع الافتراضي، إضافة إلى كيفية توزيع الأصوات السنية، التي تمثل 20 في المئة من عدد الناخبين، وباتت من دون سقف انتخابيّ بعد انسحاب تيار المستقبل وإعلانه عدم خوض الانتخابات؛ بالتالي خفّت عزيمة السنّة على التوجّه إلى صناديق الاقتراع. وما يزيد الأمر تعقيداً هو أصوات الأحباش، وهي أصوات منظّمة كانت فكّت تحالفاتها مع حزب الله في بيروت من دون معرفة وجهة اقتراعها، وإن كان الأولى لعناصرها مقاطعة الاقتراع لعدم وجود مرشّح لها إلا في حال وجود تسوية خاصّة ضمنيّة ترتبط بالانتخابات البلدية والاختيارية.

ثمّة قدرة لوجستية وماليّة هائلة تمتاز بها اللائحتان الأساسيّتان بقيادة "حزب الله "و"حزب القوات اللبنانية"، وقد تتمثل معركتهما المباشرة الحقيقية لاستحقاق العام 2022 في دائرة بعلبك الهرمل الثالثة، وهما يعدّان العدّة للمواجهة الانتخابية. ويجهد "حزب الله" لرفع الحاصل الانتخابي لاستعادة آخر مقعدين كانا انتزعا منه، وقد يعطي كلمة السرّ لإدارة معركته بانتزاع المقعد الماروني، وهو ما يعدّ مجازفة من خلال توجيه أصوات ناخبيه المنظّمين لدعم مرشّحه المارونيّ شبه الأعزل من أصوات المسيحيين، وقد تكون مجازفة بإعطاء فرصة للقوات بأن تنتزع بدورها مقعداً آخر من حلفائه، وقد يكون شيعياً، إلا إذا ضحّى بمرشّح سنيّ، وهو ذو قدرة على تغيير طبيعة المعركة، وكلّها خيارات قد تكون مفاجئة للجميع. فالقوات نفسها تحتفظ بأوراق غير معلنة مستفيدة من تأييد مسيحيّ، إضافة إلى أصوات الناخبين المغتربين الجدد الذين يقترعوت للمرّة الأولى، ويزيدون عن 2000 صوت، معظمهم قد يصبّون لمصلحتها؛ وكلّ ذلك مرهون بقدرتها على الاستقطاب من الشارع السنيّ والشيعيّ، وإن كانت لا تملك مرشّحاً حتى السّاعة يوازي ثقل حليفها السابق يحيى شمص، الذي جذب لها أصواتاً شيعيّة غير مسبوقة في العام 2018.

مع كلّ ما يدور في فلك الانتخابات والتحضيرات للاستحقاق لا حديث للأهالي حالياً ضمن مجالسهم سوى تأمين لقمة العيش والمازوت وغيرها من أساسيات العيش، في ظلّ الأوضاع الصعبة والمزرية، حيث بات ما يزيد عن 70 في المئة من أهالي المنطقة تحت خط الفقر. ومع اقتراب شهر رمضان المبارك وطلائع المزيد من ارتفاع سعر السّلع تبقى الكلمة الفصل لهؤلاء. ومع سؤالنا لهم عن أفضل نائب ومرشّح كان لافتاً الاستياء العارم.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم