الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

برلين 74 - "احتياجات المسافرة": إيزابيل قبالة كاميرا هونغ

المصدر: "النهار"
هوفيك حبشيان
أوبير في بيت كوري.
أوبير في بيت كوري.
A+ A-
 
فيلم جديد لهونغ سانغ سو، "احتياجات المسافرة"، في مهرجان برلين السينمائي؟ هذا ليس بحدث أو بسابقة في تاريخ المخرج الكوري الغزير الذي صوّر أكثر من 30 فيلماً منذ انطلق في منتصف التسعينات، ولا في سيرة الـ"برليناله" الذي يفسح المجال ليكون لسانغ سو محطة شبه سنوية.
 
جديده المعروض في مسابقة المهرجان (15-25 الجاري)، لا يختلف في شيء عمّا صوره في أفلامه الأخيرة التي بدورها لم تختلف عن سابقاتها: ثرثرة ومواقف باهتة وقصص عقيمة، مينيمالية مملّة تقول القليل عن الطبيعة البشرية، هذا كله يأتي على نحو يمكن لثمانية مليار بشري ان يواصلوا حياتهم من دون ان يعرفوا بوجوده ولن يغير هذا كله شيئاً في وجودهم على الأرض. طبعاً، هناك بعض الاستثناءات، ولكن ليس في الفترة الأخيرة من سجل هذا الرجل الستيني الذي يملك طريقة محددة في العمل، لا يحيد عنها، وهي طريقة قائمة على كتابة السيناريو في اللحظة الأخيرة. وهذا النمط ينعكس على الشاشة. تقول زميلة ان سانغ سو يصوّر دائماً الفيلم نفسه، وهذا صح وخطأ في آن واحد، فعدد من السينمائيين لطالما صوّروا تنويعات لفكرة واحدة، لكن مشكلة سانغ سو انه يبدو كمقلّد باهت لهؤلاء. حلمه ان يكون إريك رومير، ولكنه سانغ سو لسوء حظّه، ومسرح "أحداث" حكاياته شوارع سيول الرحبة لا أزقّة باريس الضيقة. ويكفي القاء نظرة على لائحة أفلامه المفضّلة كي نفهم ان السينما الفرنسية هي الينبوع الذي يرتوي منه.
 
باختصار، نحن أمام حالة سينمائية، لها معجبوها في أوروبا وفرنسا خصوصاً، لكن كثرا في المقابل لا يمسّهم ما يقدّمه هذا المخرج من تسكّعات، ومع ذلك فهو ضُم هذا العام إلى المسابقة الرسمية، بعدما كان في المقاعد الخلفية في الفترة الأخيرة. كأن المدير الفنّي الخارج كارلو شاتريان أراد تسجيل موقف.
 
في أي حال، يواصل سانغ سو تصوير الأشياء التي يعرف كيف يقولها ولماذا يقولها، وهذه المرة يستعين بإيزابيل أوبير، في ثاني تعاون بينهما، واضعاً اياها في رداء سيدة تبدو أحياناً تائهة وغامضة، وتصبح حسّاسة وشفّافة ورقيقة في أحايين أخرى، كلّ شيء يتعلّق بمن تلتقي. وهذه السيدة يُطلب اليها تعليم اللغة الفرنسية، وهذا ما ستفعله، كون لا شيء يشغلها أصلاً، سوى الجلوس على حافة صخرة أو التجوّل في الحدائق، أو احتساء شرابها المفضّل.
 
هذا هو فيلم سانغ سو. لكن حضور أوبير فيه هو، للأمانة، الشيء الوحيد الذي يجعله قابلاً للتحمّل في أي حال. صحيح، أن مشاركتها دائماً ما تمدّ الفيلم بمذاق خاص، ويمكن ان تكون مثيرة حتى اذا جسّدت دور مكنسة كهربائية، لكن لامبالتها وسينيكيتها الفطرية تأخذان أمام كاميرا سانع سو بُعداً آخر ومستوى غير مسبوق. وينعكس ذلك في طريقة نطقها للكلمات أو انتظارها لشريكها في التمثيل كي ينهي جملته لتدلو بدلوها. هذا كله، عدا انها تبدو أصغر من عمرها بكثير وكأنها في أربعيناتها. أوبير هي شمس هذا الفيلم، علماً ان سانغ سو مشغول بالقمر أكثر، الذي لن يطل، ومن هذا التفاوت يولد فيلم يعطي الممثّلة الأثيرة واحدا من أجمل الأدوار التي تجسّد معنى اللامبالاة.
 
إيزابيل أوبير في فيلم هونغ سانغ سو.
 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم