الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

اغتيال قائد جبهة الجنوب... انتصار بالتكتيك يعمّق المأزق الاستراتيجي

المصدر: "النهار"
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
تشييع جثمان القائد العسكري في "حزب الله" طالب سامي عبدالله في الضاحية الجنوبية (حسام شبارو).
تشييع جثمان القائد العسكري في "حزب الله" طالب سامي عبدالله في الضاحية الجنوبية (حسام شبارو).
A+ A-

نجحت إسرائيل هذه المرة في الوصول إلى قائد الجبهة المفتوحة ضدها منذ 8 تشرين الأول الماضي وتصفيته في عملية عسكرية دقيقة.

الاغتيال الكبير أعاد ملف الاغتيالات إلى الواجهة من جديد وهو طالما تفاخرت فيه إسرائيل منذ سنوات طويلة وفي شهور هذه المعركة بالذات.

وفق المنطق العسكري، فإن قتل القادة يزعزع الميدان ويخلخله. ومن هنا يأتي السعي الدائم لدى الجيوش المتحاربة إلى ضرب القادة وقتلهم، إلّا أن هذا المنطق بنظر المقربين من "حزب الله" قد فشل مع الحزب لأنه تجاوز هذا الأمر وبنى هيكلية حديدية تستوعب الصدمات الكبيرة وتواجهها بسرعة وسلاسة. وهذا الأمر ظهر جلياً في حرب سوريا التي سقط فيها عدد كبير من قادة الوحدات والقادة الميدانيين، واستمر العمل في التشكيل العسكري من دون أن يتأثر وعاد وحقق انتصارات.

وفي رأي المقربين،فإن الرد الكبير الذي جرى نهار الأربعاء على طول الجبهة والعمق الجديد المستهدف في الداخل الإسرائيلي كان الهدف منه التأكيد أن الجبهة التي قتلتم قائدها تعمل وبكامل قوتها وبكامل عديدها وبإمكانها رفع وتيرة عملها.

وبحسب هؤلاء لم يكن الرد عبر كثرة العمليات هو رد انفعالي على مقتل القائد بل هو ردّ استراتيجي، إذ وصلت الصواريخ إلى منطقة طبريا وأصابت أهدافها بدقة وهو تثبيت لعملية الردع التي أعلنها "حزب الله" منذ بداية الحرب تحت شعار "بتوسعوا منوسّع".

ويضع هؤلاء عملية الاستهداف ضمن إطار حرب الميدان، وخصوصاً أن عبدالله معروف من قبل الإسرائيليين وهم حاولوا الوصول إليه أكثر من مرة، واستهدف اكثر من مرة وخصوصاً في حرب تموز من دون إنكار النجاح الاستخباري الإسرائيلي هذه المرة وكشفه جميع الإجراءات والاحتياطات الأمنية، ومعروف عن الإسرائيليين متابعتهم للأسماء والشخصيات صاحبة الدور وقتلها ولو كانت خارج الميدان أو خارج المعركة.

ومن جديد يستبعد المقربون من الحزب مسألة وجود عملاء داخل البيئة الشيعية التي تتكرر بعد كل اغتيال، ويشيرون إلى حرب استخباراتية كبيرة جداً تستخدم فيها كافة الإمكانيات المتطورة جداً والحديثة وأجهزة الرصد والأقمار الاصطناعية، بالإضافة إلى تمتع إسرائيل بدعم من أكثر من 18 دولة في هذا المجال وهنا يصبح وجود العميل البشري عاملاً ثانوياً وضعيفاً.

ويشددون على أن ما شهده الأربعاء من شدة ردود لن يتوقف وسيستمر كمّاً ونوعاً ضمن إطار عسكري واستراتيجي مضبوط، يحافظ على عملية الردع ولا يؤدي إلى حرب شاملة.

هذا من ناحية "حزب الله"، أما من الجانب الإسرائيلي فقد وصفت صحيفة "معاريف" العبرية، اغتيال عبد الله بأنه "الأكثر دراماتيكية وأهمية للجيش الإسرائيلي في لبنان منذ بداية الحرب"، وادعت أن "كبار المسؤولين الذين وافقوا على اغتياله كانوا يعرفون أنه سيؤدي إلى إطلاق مئات الصواريخ.

وكان التركيز الأهم طوال يوم الأربعاء على دلالات هذا الاغتيال والرد عليه وتأثيره على مسار ما يحصل على الحدود الشمالية، وعلى الرغم من الاحتفاء الإسرائيلي بالنجاح في استهداف ابو طالب التكتيكي كونه هدفاً نوعياً جرى الوصول إليه، ولكن لم يقدّم أحد من المعلقين السياسيين والعسكريين صورة تفاؤلية عما يمكن أن يحدثه هذا الاغتيال في مسار المعركة أو في نتيجتها ما إذا كان سيؤدي إلى توقف الحرب، وبالتالي الحصيلة الكلية لهذه العملية هو نجاح تكتيكي لا يغير من المأزق الاستراتيجي التي تعاني منه إسرائيل.

وكرر المعلقون والصحف الإسرائيلية على أن مسيرة الاغتيالات الطويلة لم تؤد في أغلب الاحيان إلى نتيجة استراتيجية، ولم يقدم الإعلام الإسرائيلي أي تقييم إيجابي بإمكان توقف المعركة أو تراجعها، إلّا أنه عاود التفاخر بالإمكانية الاستخبارية العالية الدقة للجيش وأجهزة المخابرات والعمل الاحترافي لهذه الأجهزة التي تثبت "علوّ كعبها" على تلك التي يمتلكها "حزب الله"، واثبتت انه بإمكانها أن تطال قيادييه ومسؤوليه وتوجه لهم ضربات قاصمة متى شاءت.

وفي هذا الإطار، يعتبر المتخصص في شؤون الحماية الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي المهندس جورجينو عبود أن "وسائل التواصل الاجتماعي والواتساب أبرز مصدر يقدم المعلومات الاستخبارية للجيش الإسرائيلي".

ويرى في حديث لـ"النهار" أن "مجموعات الواتساب ووسائل التواصل الاجتماعي، إضافة الي بيانات تقدمها شركات التواصل الاجتماعي لإسرائيل تؤدي إلى نتيجة استخبارية مهمة جداً".

ويضيف: "يجمع جهاز الاستخبارت صوراً وأسماء عائلات ووجوهاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالإضافة إلى بعض كلمات المفاتيح ويدمجها مع ما جمعته الطائرات المسيرة وأجهزة التنصت والأقمار الاصطناعية، بالإضافة إلى خرق شبكات الاتصال الأرضية عبر الذكاء الاصطناعي، ويخلق سلسلة مترابطة تصل إلى الشخص المحدد بالاضافة إلى خرق الاتصالات، علما أن إسرائيل بارعة بهذا الأمر. فأي خطأ يؤدي إلى اكتشاف الشخص المرصود بدقة وإمكانية متابعته حتى الوصول إليه، وهذا ما دفع "حزب الله" إلى التحذير بشكل دائم من الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي.

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم