جولة جاك لانغ اللبنانية ثقافية الطابع؟

تنحصر الزيارة التي يقوم بها رئيس معهد العالم العربيّ في باريس الوزير الفرنسي السابق جاك لانغ إلى بيروت بمستوى ثقافيّ متأنّق من شأنه التأكيد على تعزيز العلاقات الثقافية المميّزة بين فرنسا ولبنان من دون أن يكون للجولة التي يقوم بها أيّ إطار سياسيّ مباشر. وتأخذ اللقاءات التي سيعقدها توجّهاً ثقافيّاً يصدح حول مواضيع عدّة ثقافية لن تغفل العلاقات الثنائية الخاصّة بين البلدين ونشاطات معهد العالم العربيّ في فرنسا. ولن تفلفش أروقة اجتماعاته المواضيع السياسية ذلك أنّ رحلته اللبنانية ثقافية التلهّف بشكلٍ أساسيّ، لكن ذلك لن يمنع التعريج على بعض التطوّرات اللبنانية الآنية شمولاً بالعلاقات الثنائية بين بيروت وباريس والتحدّيات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط.

وتشمل طاولة محادثات جاك لانغ شخصيات لبنانية بخاصّة من مجالات ثقافية وفنّية وأدبية. وستكون بمثابة جولة كثيرة التحفيز للوسط الثقافي في لبنان ضمن الأهداف الفرنسية المتواصلة لمساندة لبنان في كافة المجالات، استناداً إلى ما يقوله من يطّلع على فحوى الزيارة. استقت "النهار" هذه المعطيات التي واكبت التحضيرات لزيارة لانغ المقرّرة من الإثنين 16 وحتّى الأربعاء 18 أيلول الجاري. فإذا بالأجواء تثني أيضاً على فحوى ما تشكّله هذه الجولة على المستوى الثقافيّ تحديداً، خصوصاً في مرحلة من التوترات والتحديات التي يعيشها لبنان على أكثر من مجال سياسيّ واقتصاديّ واجتماعيّ وأمنيّ شمولاً في المناوشات الحربية التي لا تزال ناشبة على الحدود اللبنانية الجنوبية.

في الاستنتاج الذي واكبته "النهار"، لا يزال لبنان رغم كلّ الصعوبات والعراقيل بمثابة وجهة أساسية للاهتمام والتأكيد على سبل هادفة لمساندته ولذلك جاء جاك لانغ، ما يجعل من لبنان بلداً قادراً على أن يلقى اهتماماً خاصّاً عن غيره من الدول شمولاً في حركته الثقافية التي لا تزال ناشطة. يذكر أنّ زيارة لانغ ستشمل المشاركة في افتتاح الجناح الجديد في المتحف الوطني، ومتابعة انتقال المجموعة الخاصة بالحفريات الأثرية في جبيل إلى باريس على سبيل الإعارة، لعرضها لمدة ستة أشهر في باريس في معرض "بيبلوس" الذي يفتتح في أسبوع عيد استقلال لبنان.

في المحصلة، إنّ زيارة جاك لانغ تشكّل تأكيداً على اهتمام فرنسا بلبنان، انطلاقاً من العلاقة التاريخية بين البلدين مع الإبقاء الراسخ للأهمية الخاصة التي يوليها المجتمع الفرنسي للمواطنين اللبنانيين الموجودين في فرنسا وبخاصة المثقّفين منهم الذين يثابرون خلال وجودهم في الداخل الفرنسيّ. ولا يمكن إغفال التأكيد الفرنسيّ على أهمية موضوع الحريات في المجتمع اللبنانيّ رغم كلّ المحاولات التي تهدف إلى جعله دولة بوليسية، ما يجعل لزيارة مدير المعهد العربي في باريس بمثابة حثّ للوسط الثقافيّ اللبنانيّ، وللتأكيد على بقاء فرنسا مع الشعب اللبناني والتزامها بمساعدة المؤسسات اللبنانية وبفكرة وجود لبنان في المنطقة رغم كلّ ذلك الاحتدام الناشب في هذه المرحلة.