النظرية الأقرب إلى تنفيذ اغتيال نصرالله: متابعة استخبارية طويلة... وعملاء

بعد أكثر من 48 ساعة على تنفيذ إسرائيل الغارة المدمرة على الضاحية الجنوبية واغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله مع عدد من قيادات الحزب ومسؤول في الحرس الثوري الإيراني، لم تصدر رواية رسمية معتمدة من "حزب الله" أو من الجيش الإسرائيلي توضح كيف حصلت العملية.

لا تزال جميع الروايات ضمن إطار التسريبات أو المصادر، من الإعلام الغربي أو وسائل إعلام إسرائيلية، ولا يمكن اعتبار أي منها نهائية، إلّا أنها كلها أجمعت على أن العملية جاءت نتيجة عمل استخباري امتدّ لسنوات طويلة، إضافة إلى وجود عملاء على الأرض.

وذكرت صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية، نقلاً عن مصادر أمنية لبنانية أن إسرائيل حصلت على معلومات حساسة من عميل إيراني، أشارت إلى وجود نصرالله في الضاحية الجنوبية لبيروت قبيل اغتياله، ووفقاً لهذه المعلومات، شنت إسرائيل ضربات جوية على المنطقة.

وبحسب الصحيفة، فإن هذا الجاسوس الإيراني تمكن من اختراق الدائرة الداخلية للحزب وإيصال معلومات دقيقة عن تحركات نصرالله الذي كان في بيروت يوم الجمعة، للمشاركة في جنازة محمد سرور المسؤول في "حزب الله".

وأضافت أن نصرالله كان يصطحب معه في السيارة يوم اغتياله نائب قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني عباس نيلفروشان.

وأشارت إلى أنه كان موجوداً على عمق 30 متراً تحت الأرض لحظة الاغتيال، حيث كان يحضر ونيلفروشان اجتماعاً ضم 12 مسؤولاً في الحزب. وانتظرت إسرائيل بدء اجتماع نصرالله مع القادة لتنفيذ الغارة التي استهدفت مقرهم في الضاحية الجنوبية لبيروت.

ووفقا للصحيفة، فإن الاختراق الذي قام به العميل الإيراني هو ما ساعد الإسرائيليين في تحديد توقيت الهجوم بدقة شديدة، لضمان وجود نصرالله في المجمع السكني في حارة حريك لحظة القصف.

بدوره أشار المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي، إلى عمق الخرق الاستخباري الإسرائيلي لصفوف "حزب الله"، والذي تجسد في الضربة التي أودت بنصرالله.

وبحسب المحلل العسكري، فإن الضربة كانت نتيجة لجهود استخبارية مكثفة، قادها "الموساد" مدى سنوات، عبر تشغيل عملاء على الأرض وجمع معلومات مفصلة.

وقال بن يشاي إن الاستخبارات "كان يجب أن تشير إلى العمق الدقيق والموقع المحدد لقاعة الاجتماعات في المجمع تحت الأرض حيث كان نصرالله ورجاله مجتمعين لوضع السياسات والإستراتيجيات لمواصلة الحرب".

واعتبر أن تحقيق هذه الدقة تطلب "سلسلة من العمليات الاستخبارية التي لولاها لكنا نتخبط حتى الآن في الظلام، فيما طائرات سلاح الجو تبحث عبثًا عن منصات لإطلاق الصواريخ".

وأوضح أن "المعلومات التي مكنت إسرائيل من اغتيال نصرالله جمعتها شعبة الاستخبارات العسكرية بواسطة الوحدة 8200، التي تتولى الاستماع وجمع المعلومات الاستخبارية بالوسائل السيبرانية والإلكترونية. وبالإضافة إلى ذلك، تم الحصول على معلومات من الوحدة 9900، التي تجمع المعطيات المرئية وتعمل على تحديد نقاط معينة بدقة للأهداف، ووحدة 504 المسؤولة عن تشغيل العملاء".

وقال: "هذه الطبقات الاستخبارية القتالية التي توفرها شعبة الاستخبارات، ترتكز على أساس وضعه الموساد. من دون هذه البنية التحتية التي لن يتم الكشف عن معظم تفاصيلها، لما كان في إمكان وحدات "أمان"، بما في ذلك 8200، العمل وتنفيذ عمليات الاغتيال الدقيقة التي نشهدها في لبنان".

وأضاف نقلا عن مصادر وصفها بـ"الموثوق بها" في الأجهزة الأمنية أن الموساد "بدأ بتخطيط الحملة ضد حزب الله قبل أكثر من عقد. ونفذ سلسلة من العمليات الاستخبارية على الأرض، شكلت المنظومة الاستخبارية الأساسية التي بدونها لم يكن الجيش الإسرائيلي ليتمكن من القيام بما يفعله اليوم".

وتابع نقلا عن مسؤول سابق في الأجهزة الأمنية أن "قوة الموساد تجلت في قدرته على تشغيل أشخاص في أرض العدو نسجوا الشبكة التي جمع بها الجيش الاستخبارات، والتي تمت ترجمتها إلى أهداف".

وفي السياق، يقول روعي شارون محلل الشؤون العسكرية في قناة "كان"، إن "العملية كانت محاطة بسرية وإن الطيارين تدربوا عليها طويلا لكنهم لم يعرفوا الهدف إلا قبل التنفيذ".