هل تتاح محاولة سريعة لانتخاب رئيس للجمهورية؟

في مرحلة قد لا يزال ما حصل فيها منذ اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، يحتاج استيعاباً من خصوم السياسة كما الحلفاء، فإذا بالضربات الحربية الإسرائيلية تقتل من هو صاحب النفوذ الأكثر قوّة في المعادلة اللبنانية والذي وصل تأثيره حتى مسافات إقليمية، هناك تأكيدات من قوى سياسية متنوعة على أهمية البحث عن سبل سريعة لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية. ثمة مناداة سياسية عاجلة للإسراع نحو قاعة البرلمان اللبنانيّ لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية والعمل على إعادة ترتيب ما بعثره الاحتدام الحربيّ من ركام وحطام، رغم أنّ من هم في الجانب المعارض لمحور "الممانعة" أو الموالي له، جميعهم على يقين في أنّ محاولة البحث عن متغيّر سياسيّ يرجع الرونق للاستحقاق الرئاسيّ اللبنانيّ، لن تكون بمثابة محاولة ممكنة بهذه البساطة قبل أن تتضح تبعات ذلك التفجّر العنيف على مقياس الاغتيالات المنتمية إلى النوع المتأجّج الذي قد يكون بمثابة نهاية حقبة، نحو تحوّلات كثيرة لم تكن مرجحة بسرعة في المسار اللبنانيّ. 

ويتبيّن لمتابعين سياسيّين طامحين لإنهاء المراوحة المتجذّرة في استحقاق انتخابات الرئاسة، أنّ القدرة على إعادة البحث عن تشاورٍ في الأروقة السياسية حيال هذا الموضوع، لن تتبلور قبل معرفة ما إن كان "حزب الله" قادراً على وضع أوراقه سريعاً على الطاولة ما سيبقي على الانتظار حتى ما بعد فترة انتقالية قد تأخذ أياماً أو ربّما أشهرا، لاتضاح ما يمكن أن تستقرّ عليه المتغيرات اللبنانية، من دون إغفال الاحتدام الحربيّ الذي لا يزال ينذر بشرارات مشتعلة.

ويتأكّد وفق ما استقته "النهار" من معطيات أنّ البحث عن سبل إعادة الحيوية للاستحقاق الرئاسيّ اللبنانيّ، عرف محاولة إضافية جديّة الطابع مع زيارة الموفد الرئاسيّ الفرنسيّ جان إيف لودريان الماضية إلى لبنان، حيث استطاع أن يتيح متنفّساً هادفاً لمحاولة انتخابية إضافية في قاعة البرلمان اللبنانيّ، فيما حصل الحديث في أفكار قامت على أن تكون تلك المحاولة متلاقية مع قليل من التشاور الحواريّ على تخوم الجلسة بمواكبة من رئيس مجلس النواب نبيه برّي، إنما بقيت ثمة تأرجحات في الاقتراحات لا بدّ من الاتفاق حولها. ورغم أنّ هذا التحضير السابق كان لا يزال في بداياته، لكنّ الاغتيال غير المحسوب لنصرالله جعل كلّ الاقتراحات تتأجّل. وتأكّد لمن هو على اطلاع نيابيّ معارض لمحور "الممانعة"، بحسب "النهار"، أنّ التواصل الداخليّ مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي حول تلك الأفكار الخاصة بالاستحقاق الرئاسيّ تأجّل بعد اغتيال نصرالله وأنّ لا قدرة على شيء في هذا الملف حاليّاً قبل وقف إطلاق النار على الأقلّ، فيما برّي على استعداد لأن يحضّر لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية لكن بعد وقف إطلاق النار.

توازياً، إن تكتلات قوى المعارضة لن تتوانى عن الإبقاء على الموضوع الرئاسيّ ضمن الاهتمامات الهادفة سريعاً لانتخاب رئيس للجمهورية وتطبيق القرار الدوليّ 1701 والسعي لإعادة العمل باتفاق الهدنة وتعزيز وجود الجيش اللبنانيّ على الحدود اللبنانية الجنوبية. وتهدف قوى المعارضة لأن تتولى زمام تحفيز هذه الطروحات سريعاً، فيما لا إمكان لتحقيق أي تطوّر ينهي الاحتدام الحربيّ إن لم يتبلور العمل على بداية تنفيذ القرار 1701 مع هدف لأن يكون الحثّ على تطبيقه مترافقاً مع انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية. وهناك استفهامات حول إن كانت هناك قدرة على انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية من دون موافقة إيرانية، وسط انتظار لبنانيّ لمعرفة إن كانت التحولات الحاصلة على مستوى المنطقة ستترك تأثيراً على الداخل اللبنانيّ شمولاً في بداية مرحلة ترتيبية للتفاوض الإيرانيّ مع الولايات المتحدة الأميركية. الحديث عن أهمية الاستحقاق الانتخابي الرئاسي اللبناني أكّده وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في زيارته الحالية إلى بيروت، حيث قال إنّ "الأولوية هي لانتخاب رئيس للجمهورية والعمل على وقف المواجهات المسلّحة". 

لم يغفل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي استحقاق الرئاسة في خضم البحث الحاليّ عن إنهاء النشوب الحربيّ، ذلك من خلال تأكيده بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه برّي أنّ الدولة اللبنانية مستعدة لتطبيق القرار الدولي 1701 عبر إرسال قوات الجيش اللبناني إلى جنوب نهر الليطاني، فيما أكّد برّي استعداده للدعوة لانتخاب رئيس توافقيّ فور وقف إطلاق النار.

وحثّت "القوات اللبنانية" على انتخاب رئيس، ذلك أنّ "ما يجمع البلد بعد النكبة التي ألمّت به هو الدستور والمؤسسات، والخطوة الأولى في هذا الاتجاه والفورية تكمن في انتخاب رئيس للجمهورية وفقاً لهذا الدستور، وأن يصار بعدها إلى تكليف رئيس حكومة وتأليف حكومة تأخذ على عاتقها تطبيق الدستور والقرارات الدوليّة المتعلقة بلبنان". من ناحيته، أكّد رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميّل قبل أيام على "أهمية وقف جبهة الإسناد فوراً قبل أن تتضاعف الكارثة، مع دعوته لفصل المسار والتسليم بالدولة وجيشها وتطبيق القرار 1701 والقرار 1559 وتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة لفتح ورشة مصارحة ومصالحة والجلوس الى الطاولة ووضع هواجسنا لبناء لبنان على أسس جديدة كي نضع حدًا نهائيًا لما يعيشه لبنان منذ زمن طويل".