الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

رحل الذي لا شبيه له

المصدر: "النهار"
الطبيب الراحل روي نسناس.
الطبيب الراحل روي نسناس.
A+ A-
غسّان الياس صقر

يندر أن يكون في الجسم الطبّي في لبنان مثيل للدكتور روي نسناس.

شهادتي حيّة. عاصرته منذ ثلاثين سنة ونيّف وكنت أحد المرضى الذين عالجهم وشفاهم.
بالمقارنة مع سواه من الأطبّاء الذين زرتهم وعاينوني لم يكن لديّ من ينوب عنه.

إنه كان في غاية الدقة، فلا يترك جانباً إلا يعاينه ويشخصه ويتابعه خطوة خطوة پإحالة المريض على المختبرات وأجهزة التصوير وسواها من توابع الفحوصات.

إنه في الواقع كان "مزعجاً" لمن يعاينه فلا يترك شاردة أو واردة إلا يدخل بها دخول الفاحص المتعمق.

اليوم، الطب هو معاينة وصفية ومشافهة وبروتوكول يمليه الأطبّاء على مرضاهم من بعيد.

كان مؤمناً، ودوداً يبعث في المريض نفحة رجاء وإيمان. كان ضنيناً بالوقت على نفسه، يعاين ويدقق ويراجع المصادر العلمية ويستفسرها ويقارن بينها ولا يعطي علاجاً على عواهنه، كما هي الحال لدى أطبّاء العصر.

كان باحثاً، متعمقاً، دارساً وكأنه حديث العهد في مهنته، كان منذ الصباح الباكر يداهم مرضاه بالهاتف ليطلعهم على نتائج بحثه في الحالة المرضية التي يعانون منها، كذلك في المساء المتأخر.

هذا ما عشته ولمسته خلال ثلاثين عاماً من متابعته لحالتي المرضية.

على الرغم من كثافة مرضاه الذين كانوا ينتظرون في عيادته، لا يبخل بوقته الطويل مع مريضه فيكشف عليه من قمة رأسه حتى أخمص قدميه كالوالدة التي تتفحّص ابنها الرضيع.

في الواقع كان في دقته مزعجاً ولكن يُشكر على عنايته الفائقة بمريضه، لذلك كان مرجع مرضى الشرق الأوسط بالإجماع.

فمنذ حلوله طبيباً في مستشفى الجعيتاوي أفردت الإدارة لمرضاه أول طابق، والثاني والثالث.

في النهاية لا أستطيع أن أختم كلامي عنه إلا بذرف دموع سخيّة على من أولاني العناية وكأني الواحد الأوحد بين العديد من مرضاه الذين لا يحصون، وكلنا نبكيه اليوم بدموع سخيّة متمنّين له الراحة في أحضان مريم والابن السماوي وجزى الله ذويه العزاء وطول الصبر.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم